«توزيع مشروط» لدفعات جديدة من «التاو» على فصائل المعارضة السورية المعتدلة

المعارك تتواصل في الشمال وسط 55 غارة روسية.. والمعارضة تنفي سيطرة النظام على كفر نبودة

صواريخ «التاو» المضادة للدروع، جرى توزيعها على «فصائل معتدلة»
صواريخ «التاو» المضادة للدروع، جرى توزيعها على «فصائل معتدلة»
TT

«توزيع مشروط» لدفعات جديدة من «التاو» على فصائل المعارضة السورية المعتدلة

صواريخ «التاو» المضادة للدروع، جرى توزيعها على «فصائل معتدلة»
صواريخ «التاو» المضادة للدروع، جرى توزيعها على «فصائل معتدلة»

نفت المعارضة السورية أمس، سيطرة القوات النظامية على بلدة كفرنبودة في الريف الشمالي لمحافظة حماه المتصل بريف إدلب الجنوبي، مؤكدة أن المعارك «تواصلت بعد إحراز قوات النظام تقدمًا في المنطقة، مصحوبًا بغطاء جوي روسي»، في وقت أكدت مصادرها لـ«الشرق الأوسط» أن دفعة جديدة من صواريخ «التاو» المضادة للدروع، جرى توزيعها على «فصائل معتدلة» في الشمال السبت الماضي: «بهدف تعزيز القدرات العسكرية للفصائل المعارضة لصد هجمات النظام».
وقالت المصادر الموجودة في الشمال، بأن منصات وصواريخ «التاو» «سُلّمت لفصائل معتدلة نهاية الأسبوع الماضي، بعد إثبات هذا الصاروخ فعاليته في صد الهجمات التي أطلقتها القوات النظامية لاستعادة السيطرة على مناطق واسعة في سهل الغاب وريف إدلب»، مؤكدة أن الفصائل التي تسلمتها «هي فصائل تابعة للجيش السوري الحر حصرًا».
وتتضارب المعلومات حول عدد الدبابات والآليات العسكرية التي أعطبتها صواريخ «تاو» أثناء هجوم النظام في ريفي حماه وإدلب. ففي حين قال معارضون بأن 50 آلية، بينها 26 دبابة، استهدفها المقاتلون المعارضون منذ الأربعاء الماضي، قال آخرون بأن عدد الدبابات والعربات المدرعة وناقلات الجند بلغ عددها بالمجمل 26 آلية، وأدى استهدافها بصواريخ التاو إلى إعطابها.
من جهته، أكد القيادي المعارض محمد الشامي المقرب من فصائل الجيش الحر في الشمال لـ«الشرق الأوسط»، أن «أيًا من الأسلحة الجديدة التي يحتاجها الثوار لم يصل بعد»، موضحًا أن منصات «التاو» وصواريخه التي وزعت في الشمال «لم تصل من الخارج، بل كانت موجودة في مستودعات تابعة لفصائل في الشمال»، مشيرًا إلى أن صواريخ «التاو»، هي «متوفرة أصلا، ونستخدمها منذ الشتاء الماضي».
ولفت الشامي إلى أن الدفعة الجديدة التي أخرجت من المستودعات «تسلمتها فصائل معتدلة حصرًا، بشرط أن تكون تابعة للجيش السوري الحر»، مشددًا على أن الشرط الآخر «تمثل في أن يعيد المقاتلون الصواريخ الفارغة، لضمان أنها استخدمت، وسلمت على دفعات متتالية».
وقال: إن هذا النوع من السلاح، ليس السلاح المطلوب، ذلك أن الفصائل المعتدلة، وبينها «جيش الإسلام» و«حركة أحرار الشام»، طالبت بالحصول على صواريخ من نوع «سام»، و«كوبرا 21» المضادة للطائرات، مشيرًا إلى أن هذا النوع الأخير من السلاح «يعد من الصواريخ الحرارية، يُضرب من الكتف، ويعطي إشارة تحضير إطلاق لحامله بمجرد دخول الطائرة المروحية مجاله على بعد 5 كيلومترات، كما يطلق إشارة ثانية هي بمثابة أمر بإطلاق النار، كون الطائرة باتت في مرمى نيرانه». وأكد الشامي أن هذا النوع من السلاح «لم يصل بعد، ولم نتلق إشارات على قرب وصوله من عدمه».
وتأتي تلك المعلومات بموازاة مواصلة قوات النظام هجماتها في الشمال، في محاولة للسيطرة على بلدات خاضعة لسيطرة المعارضة منذ أكثر من عامين. وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، بأن قوات نظام (الرئيس السوري بشار الأسد) «أطلقت ثلاث هجمات متوازية في ريف حماه الشمالي الغربي، بهدف فصل المنطقة عن ريف إدلب الجنوبي، وتسير بالهجوم في شرق الطريق الدولي وغربه، كما انطلق الهجوم باتجاه كفرنبودة من الغرب باتجاه الشرق، وذلك بهدف الوصول إلى خان شيخون». وقال عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»: «إذا تمكن النظام من الوصول إلى خان شيخون يكون قد حاصر قوات المعارضة في مثلث سهل الغاب، وفصل المقاتلين عن ريف إدلب الجنوبي الذي يعد قاعدة إمداد لهم»، فضلاً عن هجوم آخر أطلقته قوات النظام من ريف اللاذقية الشمالي نحو الشرق «بهدف الوصول في نهاية المطاف إلى جسر الشغور».
وتضاربت الأنباء أمس حول السيطرة على بلدة كفرنبودة. ففي حين أعلنت وسائل إعلام تابعة للنظام السوري سيطرتها على البلدة، أكد رامي عبد الرحمن أن الاشتباكات «لا تزال متواصلة»، فيما أعلن الإعلامي المعارض هادي العبد الله استعادة السيطرة على البلدة.
وقال محمد الشامي بأن كفرنبودة، هي «إحدى المناطق المحررة منذ وقت طويل، وباتت خط جبهة دائمة، لم تستطع قوات النظام استرجاعها خلال هجمات سابقة»، مشيرًا إلى أن المحاولة الأخيرة للنظام «سبقها تمهيد بالطائرات ودخلت الدبابات النظامية، قبل أن يحصل التحام وتضطر قوات النظام للانسحاب منها»، مشيرًا إلى أن المعارك «تواصلت بعد الظهر».
بدوره، قال عبد الرحمن بأن قوات النظام «سيطرت على الحي الجنوبي من بلدة كفرنبودة الواقعة في ريف حماه الشمالي تحت غطاء جوي من الطائرات الحربية الروسية التي شنت أكثر من عشرين غارة منذ الصباح»، موضحًا، أن تقدم قوات النظام داخل البلدة يأتي بعد «اشتباكات (مع الفصائل) هي الأعنف في سوريا منذ بدء الحملة الجوية الروسية في 30 سبتمبر (أيلول) في سوريا»، لافتا إلى «سقوط عشرات الشهداء» من دون حصيلة محددة.
وبدأ النظام هجومه على كفرنبودة وفق المرصد، من تلة المغير الاستراتيجية المجاورة والواقعة جنوب البلدة، في حين استقدمت الفصائل تعزيزات إضافية إلى محيط كفرنبودة. وترافقت الاشتباكات في كفرنبودة وفق المرصد، مع قصف عنيف لقوات النظام على مناطق عدة في ريف حماه الشمالي وريف إدلب الجنوبي (شمال غرب) المجاور. وقال مصدر عسكري سوري لوكالة «الصحافة الفرنسية» بأن الجيش النظام السوري بات بعد تقدمه في كفرنبودة «يحاصر خان شيخون من جهة الغرب ومن جهة الشرق (...) ويتجه لأولى معاركه في ريف إدلب من بوابتها الجنوبية».
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الطيران الروسي نفذ خلال الـ24 ساعة الأخيرة 55 طلعة جوية من مطار حميميم السوري وقصف 53 هدفا لتنظيم داعش. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع إيغور كوناشينكوف: «تواصل وسائل الاستطلاع الجوية والفضائية الروسية البحث عن أهداف جديدة للبنى التحتية لـ(داعش) على الأراضي السورية لتدميرها لاحقا». كما أعلن انضمام مقاتلات «سو - 30» إلى مجموعة القوات الجوية الروسية في سوريا.
وفي سياق متصل، أعلنت القيادة العامة للجيش السوري النظامي، فرض السيطرة على كامل المنطقة الحرة في حلب و13 قرية وبلدة ومنطقة في ريفي حماه واللاذقية، خلال العملية العسكرية البرية التي يخوضها الجيش بتغطية من الطيران الحربي.
وشككت قوات المعارضة بهذا العدد. وإذ أشار عبد الرحمن إلى أن بعض القرى التي ذكرتها «هي أصلا خاضعة لسيطرة النظام»، قال الشامي بأن النظام «يتبع سياسة دعائية، وهي أنباء غير صحيحة، بدليل غياب مقاطع فيديو تؤكد ذلك، في وقت نوثق نحن كل الإنجازات بالصورة».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.