الضربات الروسية تستهدف تدمر وفصيلاً يقاتل ضد «داعش» في القلمون الشرقي

النظام السوري يؤكّد عبر تلفزيونه استهداف المدينة الأثرية.. وموسكو تنفي

صورة مأخوذة من مقاطع فيديو منشورة على موقع وزارة الدفاع الروسية تظهر قذف قنابل من طائرات روسية فوق منطقة قرب إدلب شمال غربي سوريا (إ.ب.أ)
صورة مأخوذة من مقاطع فيديو منشورة على موقع وزارة الدفاع الروسية تظهر قذف قنابل من طائرات روسية فوق منطقة قرب إدلب شمال غربي سوريا (إ.ب.أ)
TT

الضربات الروسية تستهدف تدمر وفصيلاً يقاتل ضد «داعش» في القلمون الشرقي

صورة مأخوذة من مقاطع فيديو منشورة على موقع وزارة الدفاع الروسية تظهر قذف قنابل من طائرات روسية فوق منطقة قرب إدلب شمال غربي سوريا (إ.ب.أ)
صورة مأخوذة من مقاطع فيديو منشورة على موقع وزارة الدفاع الروسية تظهر قذف قنابل من طائرات روسية فوق منطقة قرب إدلب شمال غربي سوريا (إ.ب.أ)

على الرغم من تأكيد مصادر عدّة، تابعة للنظام السوري والمعارضة استهداف الطيران الروسي يوم أمس منطقة تدمر الأثرية بريف حمص الشرقي، حيث سيطرة تنظيم داعش، نفت وزارة الدفاع الروسية على لسان المتحدث باسمها الأمر. وقال الجنرال إيغور كوناشنكوف كما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية: «كل معلومات وسائل الإعلام الأجنبية عن أن مقاتلات روسية شنت غارات جوية على مدينة تدمر عارية تماما عن الصحة»، مضيفا «طائراتنا في سوريا لا تضرب مناطق مأهولة.. ولا سيما تلك التي تضم آثارا».
وكانت مواقع معارضة والمرصد السوري لحقوق الإنسان إضافة إلى التلفزيون الرسمي السوري، قد أكدت أن الطائرات الروسية شنّت ضربات جوية استهدفت مدينة تدمر الأثرية، وقال المرصد إن «الضربات استهدفت أيضا منطقتي دير حافر والباب في محافظة حلب والريف الشرقي لمدينة الرقة»، وأكدت مصادر في المعارضة استهداف «جيش أسود الشرقية» في منطقة البترا بالقلمون الشرقي، الفصيل المعارض المعروف بقتاله «داعش».
ونقل التلفزيون السوري عن مصدر عسكري قوله إن «القوات الجوية لروسيا الاتحادية بالتعاون مع القوات الجوية السورية استهدفت أوكار تنظيم داعش في مدينة تدمر ومحيطها، مما أدى إلى تدمير عشرين عربة مصفحة وثلاثة مستودعات ذخيرة وثلاث منصات صواريخ».
وأتت الضربات على تدمر، بعد الإعلان عن تفجير التنظيم الأحد قوس النصر الأثري الشهير في المدينة المدرجة على قائمة منظمة يونيسكو للتراث العالمي. وسيطر تنظيم داعش في 21 مايو (أيار) على مدينة تدمر في محافظة حمص (وسط) وتمكن من التوسع في ريف المحافظة الشرقي والسيطرة على مناطق عدة.
ولفت المرصد إلى تنفيذ الطائرات الحربية الروسية عدة ضربات على مناطق في قرية النقير بريف إدلب الجنوبي وضربتين أخريين، على مناطق في بلدتي كنصفرة وكفر عويد بأطراف جبل الزاوية.
وأعرب الائتلاف الوطني عن إدانته لقيام ما وصفه بـ«طيران الاحتلال الروسي» يوم الأحد الماضي، باستهداف مناطق أثرية في بلدة سرجيلا بجبل الزاوية في ريف إدلب، تعود للحقبة السريانية قبل ألفي عام، مؤكدا أن عملية القصف تمت لمواقع خالية تمامًا من أي وجود لتنظيم داعش الإرهابي، وتزامنت مع هجمات وحشية ضد تجمعات مأهولة في ريفي حمص وحماة.
وحث الائتلاف الوطني منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) والمنظمات الإقليمية على إدانة سلوك قوات الاحتلال الروسية، والتحرك العاجل لتوثيق تلك الجرائم، وحماية المواقع التاريخية والأثرية في سوريا من أي محاولة لتدميرها أو المسّ بها.
ونقلت «شبكة الدرر الشامية» عن مصادر في منطقة القلمون بريف دمشق، أن الطائرات الروسية قصفت معسكرًا لـ«جيش أسود الشرقية» في منطقة البترا بالقلمون الشرقي، أدى إلى سقوط عدد من الجرحى. وهو ما أكده مصدر قيادي في الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط» لافتا إلى أن هذا الفصيل كان هدفا لتنظيم داعش مرات عدّة، وهو تابع لما يعرف بـ«جبهة الأصالة والتنمية». وكان «جيش أسود الشرقية» قد تشكَّل بعد سيطرة «داعش» على دير الزور، وشارك في غرفة عملية القتال ضدّ التنظيم إلى جانب «جيش الإسلام» و«أحرار الشام».
وفي سياق متّصل، نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» يوم أمس، عن مصادر حكومية في الولايات المتحدة أن المقاتلات الروسية التي تحارب الإرهاب في سوريا تستهدف مواقع فصائل معارضة مدعومة من قبل «سي آي إيه».
وذكرت المصادر أن السلطات الأميركية استنتجت في الأيام القليلة الماضية أن التوجه الروسي لاستهداف المعارضة المسلحة المرتبطة بوكالة الاستخبارات المركزية «يعد حركة متعمدة». وقال مسؤول أميركي للصحيفة: «في اليوم الأول، كان بإمكاننا أن نقول إنه مجرد خطأ. ولكن في اليومين الثالث والرابع، لم تعد هناك شكوك حول الطابع المتعمد لهذه الغارات. إنهم (الروس) يعلمون ماذا تستهدف ضرباتهم».
وفي تقريره، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، إلى استمرار الطائرات الحربية الروسية بقصف المناطق السورية بشكل يومي منذ نحو أسبوع، حيث نفذت هذه الطائرات ما لا يقل عن 34 ضربة خلال الـ24 ساعة الأخيرة واستهدفت عدة مناطق في مدينة تدمر ومحيطها وأطرافها بريف حمص الشرقي، ومناطق أخرى في ناحية الكرامة ومحيطها بالريف الشرقي لمدينة الرقة، وأسفرت هذه الضربات عن مقتل 19 عنصرًا على الأقل من تنظيم داعش 4 منهم قتلوا خلال الضربات التي استهدفت الرقة والتي أسفرت كذلك عن تدمير آليتين ومستودع أسلحة للتنظيم، في حين قتل 15، خلال ضربات الطائرات الروسية على مدينة تدمر ومحيطها، والتي نجم عنها أيضًا تدمير عدة مراكز للتنظيم، ونحو 10 آليات لها بالإضافة لمستودع أسلحة.\



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».