كيري: الدعم الروسي للأسد يجتذب المزيد من المتطرفين

النظام السوري وموالوه يروجون لتدخل موسكو العسكري

امرأتان من حي القصر بحلب تحاولان الفرار مع طفلين من الشارع المغبر بعد استهداف المنطقة بغارة جوية من طيران الأسد أمس (أ.ف.ب)
امرأتان من حي القصر بحلب تحاولان الفرار مع طفلين من الشارع المغبر بعد استهداف المنطقة بغارة جوية من طيران الأسد أمس (أ.ف.ب)
TT

كيري: الدعم الروسي للأسد يجتذب المزيد من المتطرفين

امرأتان من حي القصر بحلب تحاولان الفرار مع طفلين من الشارع المغبر بعد استهداف المنطقة بغارة جوية من طيران الأسد أمس (أ.ف.ب)
امرأتان من حي القصر بحلب تحاولان الفرار مع طفلين من الشارع المغبر بعد استهداف المنطقة بغارة جوية من طيران الأسد أمس (أ.ف.ب)

اعتبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأحد أن الدعم العسكري الروسي للنظام السوري يهدد بتوجه عدد أكبر من المقاتلين إلى سوريا وبضرب أي فرصة لتسوية النزاع.
وصرح كيري للصحافيين أثناء زيارة لبرلين بأن وزير الخارجية الألماني فرانك - فالتر شتاينماير وأنا «متوافقان على أن دعم روسيا أو أي بلد آخر المستمر للنظام، يهدد باجتذاب مزيد من المتطرفين وبتعزيز موقع (الرئيس السوري بشار) الأسد، وبقطع الطريق على حل النزاع».
وفي إطار تبرير التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا نفى نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد وجود قتال أرضي سوري - روسي «حتى هذه اللحظة»، لكنه أكد أن «أمن سوريا مرتبط بالأمن الروسي ثقافيًا وتاريخيًا ومصيريًا»، وأن «سوريا وروسيا مرتبطتان جغرافيًا ومصيريًا بعلاقة متجذرة في ضمير الشعبين».
ويأتي حديث المقداد التلفزيوني، ضمن حملة إعلامية بدأها وزير الخارجية وليد المعلم قبل عدة أيام لترويج وتبرير الوجود العسكري الروسي في سوريا. وقال المقداد إن «بعض الدول الغربية والعربية ظنت أن سياسة تغيير الأنظمة بات ممكنًا بسبب امتلاكهم للمال وشرائهم لذوي النفوس الضعيفة»، مؤكدًا أن الحرب على بلاده قد شُنّت بسبب «مواقفها تجاه الشعب الفلسطيني والمقاومة»، ومشددًا على أنه «لن يتم التخلي عن أي ذرة تراب في سوريا وسنعود كما كنا بهمة الشعب والجيش والرئيس السوري بشار الأسد».
بالتوازي مع تصريحات مسؤولي النظام حول إرسال روسيا لقواتها إلى الساحل السوري والشروع بإعادة تهيئة مدرج طيران بمطار حميميم العسكري في ريف اللاذقية، تقوم حسابات تابعة وأخرى موالية للنظام ببث تقارير عن أهمية التدخل العسكري الروسي في إنهاء الحرب بسوريا. وكتبت صفحة (دمشق الآن) بما يشبه زف البشرى للسوريين بانتهاء الحرب في سوريا، وقالت إنها تأمل أن يكون النبأ صحيحًا: «حول بدء العمليات العسكرية الروسية في سوريا خلال ساعات، والذي سيقلب موازين القوى 180 درجة لصالح بقاء النظام». هذا، بينما ينظر الشارع السوري إلى دخول القوات الروسية إلى سوريا بكثير من الاستغراب، لتنافي ذلك مع الثوابت التي دأب النظام السوري على الحديث عنها فيما يخص السيادة الوطنية.
وتبدي فاطمة، وهي مدرسة لغة وتصف نفسها مواطنة من الأغلبية السورية التي ملت الحرب، استنكارها قائلة: «لم تبق دولة في العالم لم تتدخل في الشأن السوري وفي صب الزيت على نار الحرب، إلا أن أحدًا لا يفكر جديًا بفرض حل، أي حل كان، لوضع حد لشلال الدم. ثم تخرج حكومتنا العاجزة حتى تأمين المياه للسكان، لتحدثنا عن السيادة!!». وتتابع بمرارة «لم يبق لنا سوى أن يقسموا بلادنا أمام أعيننا الساحل للروس ودمشق والمنطقة الوسطى لإيران والشمال لتركيا والأكراد، وباقي المناطق لتنظيم داعش، والشعب السوري تتقاسمه دول اللجوء».
أما أبو محمد وهو من الموالين للنظام، فقد بات مقتنعًا أن «سوريا اختفت والموجود الآن أجزاء منها ستتولى إيران وروسيا حمايتها لحماية من تبقى من السوريين فيها». إلا أن شابًا من الساحل متطوع في الدفاع الوطني بدمشق، أبدى اطمئنانه للتدخل الروسي، «لضرورة التوازن مع الوجود الإيراني». ويقول إن الإيرانيين وحزب الله متشددان دينيًا، بينما الروس منفتحون ومدنيون». كما يتحدث بثقة عن جبروت وقوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كقيادي عالمي «لا يعرف المزاح»، ويقول إنه إذا تعهد بإنهاء الحرب في سوريا والقضاء على «داعش»، فهو «يقول ويفعل. وليس كقوات التحالف التي لا تزال تلعب بالوقت الضائع».
وبالإضافة للترويج للتدخل العسكري الروسي، راحت وسائل إعلامية محلية محسوبة على النظام تروج لتحرك صيني عسكري باتجاه سوريا. وتداولت تلك الوسائل تقريرًا لوكالة «آكي» تضمن معلومات نقلتها عن مصادر مقربة من ميليشيا «حزب الله» اللبناني، قال إن «هناك تحركًا صينيًا عسكريًا على خط الأزمة السورية»، مشيرة أن هذا التحرك يتزامن مع آخر ما تقوم به روسيا في سوريا. ووفق المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء، فإن هذا التحرك «ليس هامشيًا»، وأشارت إلى أنه سيتضح خلال فترة قريبة.
ورأى معارضون سوريون في تلك التسريبات، نشوء تحالف عسكري دولي بقيادة روسيا مناوئ للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية يقوم بتنفيذ عمليات عسكرية جوية في سوريا والعراق ضد تنظيم داعش، وأن التحالف الذي تتزعمه روسيا يدعم بقاء نظام الأسد في سوريا حماية لمصالحه. وتأتي هذه التسريبات متوافقة مع إرسال روسيا خلال الأسبوعين الأخيرين أسلحة متطورة وجنودًا وخبراء من الجيش الروسي إلى منطقة الساحل السوري، حيث توجد قاعدة عسكرية روسية في طرطوس وصل إليها مؤخرًا مقاتلون من موسكو. كما تم البدء بتجهيز قاعدة جوية متقدمة في مطار اللاذقية، وإنشاء مبان تتسع للمئات وإقامة برج مراقبة.
وتعقيبا على تلك الأنباء وإبداء الغرب تخوفه من التحرك الروسي، قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مقابلة خاصة مع قناة روسيا اليوم، إن هناك «شيئًا جديدًا يفوق تزويد روسيا لسوريا بالسلاح، وهو المشاركة في مكافحة (داعش) وجبهة النصرة، وهذا شيء أساسي».
ونوه بأن «هذا الشيء سيقلب الطاولة على من تآمر ضد سوريا.. هذا الشيء يكشف أنه لا يوجد للولايات المتحدة وتحالفها استراتيجية واضحة في مكافحة (داعش)، بدليل أنهم فهموا الرسالة الروسية، وأرادوا أن ينسقوا ويتعاونوا مع روسيا الاتحادية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».