مقاومة تعز تكبّد الميليشيات خسائر فادحة وتحاصر الدفاع الجوي وتأسر قيادات حوثية بارزة

التحالف يدمّر منصة صواريخ سكود بالزيدية ومخازن معسكر الحرس الجمهوري بباجل

الدخان يتصاعد إثر غارة جوية لقوات التحالف على قاعدة لقوات التمرد في صنعاء (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد إثر غارة جوية لقوات التحالف على قاعدة لقوات التمرد في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

مقاومة تعز تكبّد الميليشيات خسائر فادحة وتحاصر الدفاع الجوي وتأسر قيادات حوثية بارزة

الدخان يتصاعد إثر غارة جوية لقوات التحالف على قاعدة لقوات التمرد في صنعاء (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد إثر غارة جوية لقوات التحالف على قاعدة لقوات التمرد في صنعاء (أ.ف.ب)

بعدما أقرت الحكومة اليمنية بعدم المشاركة في أي مفاوضات مع ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح إلا بعد الاعتراف بالقرار الدولي 2216، ينتظر أهالي مدينة تعز، الواقعة إلى الجنوب من العاصمة اليمنية صنعاء، مرحلة الحسم النهائية وطرد ميليشيات الحوثي وصالح من المدينة.
وتواصل المقاومة الشعبية مع الجيش المؤيد لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي مواجهاتها العنيفة مع الميليشيات المتمردة في جميع الجبهات الشرقية والغربية، كما تواصل الميليشيا، أيضًا، قصفها العشوائي بصواريخ الكاتيوشا ومدافع الهاوزر للأحياء السكنية من جبل أومان والمركز التدريبي بالحوبان ومن تبة فندق السعيد والتحرير إلى أحياء الموشكي والصفا والروضة وقلعة القاهرة والمدينة القديمة والمسبح والتحرير الأسفل واﻷجينات وسط سقوط الكثير من القتلى والجرحى من المدنيين وتضرر الكثير من المنازل، واشتباكات عنيفة في مناطق البعرارة، غرب المدينة، ومحيط القصر الجمهوري، شرق المدينة.
و تمكن الجيش المؤيد للشرعية من أسر قيادات بارزة لميليشيات الحوثي قادمة من معقلهم في صعدة لرفع معنويات ميليشياتهم في القتل والدمار من خلال إلقاء المحاضرات. ويقول مصدر من المجلس العسكري بتعز لـ«الشرق الأوسط»، إن «منطقة أسفر عصيفرة شهدت، أمس، مواجهات عنيفة بين الجيش المؤيد والمقاومة وميليشيات الحوثي وصالح، وقتل أكثر من 25 من الميليشيات وجرح آخرون، وإن أبطال المجلس العسكري والمقاومة الشعبية صامدون وثابتون في جميع مواقعهم وفي البعرارة التي تشهد مواجهات عنيفة، وتمكنوا من دحر الميليشيات المتمردة التي حاولت التسلل وكبدتهم الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد بعدما تمكنوا من استعادة تبة قاسم و75 في المائة من البعرارة ومحاصرة بقية التباب التي تتمركز فيها الميليشيات ومحاصرة الدفاع الجوي، حيث تتمركز ميليشيات الحوثي وصالح».
ويضيف: «استطاعت المقاومة والجيش تنفيذ عمليات نوعية جوار المركز التدريبي بالحوبان، شرق المدينة، وتمكنوا من تدمير طقم عسكري فور يحمل على متنه مدفع 23 وسقوط عشرات القتلى ما بين قتيل وجريح، وتمكنوا، أيضًا، من صد هجوم للميليشيات المتمردة في ثعبات والجحملية عند محاولتهم استعادة ما تم تحريره وسقط قتلى وجرحى منهم وفرار البقية».
من جهته، يقول الناشط السياسي من تعز محمد القدسي لـ«الشرق الأوسط»: «تستمر ميليشيات الحوثي وصالح في نهجها إبادة أبناء تعز من خلال قصفها للأحياء السكنية باستمرار وبشكل وحشي وهمجي وحصارها للمدينة من خلال منع دخول الأدوية والاحتياجات الأساسية لأبناء تعز وتفجيرها للمنازل مثلما حصل أيضًا، أول من أمس، بتفجير منزل مهيوب قاسم، شقيق الشيخ حمود سعيد المخلافي، رئيس منسقية المقاومة الشعبية بتعز».
ويضيف: «الميليشيات المتمردة مستمرة بقصفها العشوائي للأحياء السكنية من المناطق التي تتمركز فيها مثل جبل أومان والمركز التدريبي بالحوبة ومن تبة فندق السعيد وسقط العشرات من المدنيين بين قتلى وجرحى، ومع هذا يزداد عدد قتلى المدنيين يوما ما يستدعي الحسم السريع والفوري، وهو مطلب جميع أبناء تعز، لإنقاذ أبناء تعز الذين يعيشون وضعًا مأساويًا حقيقيًا وسط تفشي الأمراض الفتاكة وحمى الضنك وغيرها من الأوبئة».
ويؤكد القدسي لـ«الشرق الأوسط»، أن «منتصف ليل أمس شهدت مناطق ثعبات وسوفتل والقصر اشتباكات عنيفة بين المقاومة الشعبية والجيش المؤيد للشرعية، من جهة، وبين ميليشيا الحوثي وصالح، من جهة أخرى، وشنت دبابات المقاومة والرشاشات من قلعة القاهرة وموقع العروس في جبل صبر ضرباتها بقوة على مواقع الميليشيات، شرق المدينة، خاصة في محيط القصر الجمهوري، كما دارت اشتباكات عنيفة جدًا داخل كلية الطب ومبنى رئاسة الجامعة للقصر الجمهوري وتنفيذ عملية نوعية بالحوبان».
في سياق متصل، تشهد مدينة الحديدة، غرب اليمن، اختلالاً أمنيًا كبيرًا منذ سيطرة ميليشيات الحوثي وقوات صالح على المدينة وسيطرتها على المرافق الحكومية والأمنية بما فيها ميناء الحديدة، ثاني أكبر ميناء في اليمن بعد ميناء عدن، حيث وزادت في الآونة الأخيرة عمليات الاغتيال لضباط أمنيين وجامعيين وزادت عمليات الاختطاف من قبل الميليشيات لجميع المعارضين لهم والتي تشتبه بانتمائهم للمقاومة الشعبية التهامية التي كبدتهم الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد في الوقت الذي علمت فيه «الشرق الأوسط» أن «الميليشيا أطلقت سراح عدد من المعتقلين الذين كانت تعتقلهم في قلعة (الكورنيش) التاريخية على ساحل البحر الأحمر، وأن من شملهم سراح الاعتقال ليس المعتقلين السياسيين، وإنما من قامت باعتقالهم من الشوارع بحجة الاشتباه فيهم ومن لديهم قضايا شخصية في حين لا يزال العشرات من المعتلين السياسيين والناشطين والحراك التهامي مغيبين في معتقلاتها السرية وترفض الإفراج عنهم رغم أحكام القضاء التي تفضي بالإفراج عليهم».
إلى ذلك، نفذت طائرات التحالف العربي غاراتها على المقرات العسكرية لميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح وتجمعاتهم في عدد من المناطق بمحافظة الحديدة، غرب اليمن، ويقول شهود محليون لـ«الشرق الأوسط»، إن «طيران التحالف استهدف معسكر اللواء العاشر حرس جمهوري ومخازن السلاح في الكمب بمديرية باجل، بمحافظة الحديدة، وإنه سُمع دوي الانفجارات تهز المدينة وتحليق مستمر لطائرات التحالف، كما واستهدف الطيران طقمين عسكريين تتبع الميليشيات في مدينة الخوخة الساحلية بالحديدة، جوار مؤسسة الإنزال السمكي، وأسفر عن إحراق الطقمين بمن فيهم من عناصر ميليشيات الحوثي والمخلوع، ومدمر منصة صواريخ سكود بالزيدية بالحديدة ومعسكر للميليشيات».
ويضيف الشهود: «قتل عدد من قيادات الحوثي نحو7 أشخاص عندما قصفت طائرات التحالف العربي سيارتهم التي كانت تقلهم بالقرب من ورشة تصنيع قوارب الصيد بمديرية الخوخة الساحلية، بعدما تم رصد تحركاتهم عبر سيارتهم في مديرية الخوخة، وتم مشاهدة أشلائهم تتناثر على الرصيف تجدد غارات التحالف على ساحل مديرية الخوخة جنوب محافظة الحديدة، كما استهدفت الغارات، صباح أمس، على المديرية واستهدفت تجمعات للميليشيات في مناطق النخيل».
ومع الوضع الأمني الهش التي تشهده مدينة الحديدة بعد تسلم زمام الشؤون الأمنية من قبل الميليشيات، قتل شخص على الأقل وأصيب خمسة آخرون جراء انفجار عبوة ناسفة استهدفت إدارة أمن محافظة الحديدة. ويقول شهود محليون لـ«الشرق الأوسط»، إن «عبوة ناسفة انفجرت بجوار إدارة امن المحافظة وقتل فيها شخص وجرح آخرون بعضهم توصف بالخطيرة، ولم يعرف من وضع العبوة الناسفة، لكن ما هو تم التأكد منه هو أن المستهدف فيها هو ميليشيات الحوثي وصالح».
ويضيف الشهود: «عثرت ميليشيات الحوثي على حقيبة مشبوهة بالقرب من مختبرات باشنفر الصحية بالحديدة، ولم يعرف ما بها، غير أن ميليشيات الحوثي وصالح طوقت الأحياء والشوارع المؤدية إلى المختبر والمحيطة بالمستشفى العسكري حتى وصول خبراء متفجرات تم استدعاؤهم للكشف عن الحقيبة المشبوهة، غير أنه قبل وصول الخبراء حضر أحد الأشخاص الذي يُعاني من حالة نفسية وأخذ الحقيبة التي تبين أنها تحتوي على ملابسه وغادر المكان».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».