كلينتون وساندرز لن يتحدثا بسوء عن بعضهما بعضا

سياسة «عدم التدخل» في السباق الديمقراطي

كلينتون وساندرز لن يتحدثا بسوء عن بعضهما بعضا
TT

كلينتون وساندرز لن يتحدثا بسوء عن بعضهما بعضا

كلينتون وساندرز لن يتحدثا بسوء عن بعضهما بعضا

تطرقت المرشحة الديمقراطية المحتملة لانتخابات الرئاسة الأميركية «هيلاري رودهام كلينتون» إلى عدة موضوعات متنوعة خلال تجمعها الانتخابي الذي جرى مؤخرا في الهواء الطلق بمدينة بورتسموث التابعة لولاية نيوهامبشير، لكنها لم تتلفظ قط، خلال خطابها الذي استمر لمدة 30 دقيقة، بهاتين الكلمتين: برني ساندرز.
وفي تجمعه الانتخابي الذي جرى على بُعد 1200 ميل بمدينة سيدار رابيدز التابعة لولاية آيوا، انقطع حديث المرشح الديمقراطي المحتمل «برني ساندرز» 77 مرة من أجل التصفيق له، لكنه لم يشر ولو لمرة واحدة، في خطابه الذي دام لساعة كاملة، إلى كلينتون أو إلى أي خصم ديمقراطي رئيسي آخر.
ويهاجم 17 مرشحا جمهوريا في حملاتهم الانتخابية - بقيادة دونالد ترامب - بعضهم البعض؛ بدءا من الخلافات السياسية وحتى الانتقادات الشخصية اللاذعة.
أما السباق الديمقراطي، فيتناقض بشكل صارخ مع نظيره الجمهوري. فعلى الرغم من قرب نتائج المرشحين في استطلاعات الرأي، يرفض كل من المرشحين الديمقراطيين الرئيسيين الظهور في حالة تباين صارخ مع خصمه، ناهيك بانتقاد بعضهما البعض، ما يترك أمر استشفاف الاختلافات في الأجندات والأولويات بين المرشحين على الناخبين أنفسهم إلى حد كبير.
كان الرئيس الجمهوري الأسبق «رونالد ريغان» أعلن وصيته الـ11 للحزب الجمهوري، والتي تقول: «لا تتحدث بسوء عن أي زميل جمهوري». وفي انتخابات 2016، مع ذلك، إنهم الديمقراطيون الذين يذعنون لدعوة ريغان - على الأقل حتى الآن.
يتفاخر ساندرز بأنه لم يقد أبدا أي إعلان هجومي خلال مسيرته المهنية التي دامت لأربعة عقود في السياسة، موضحا - خلال مقابلة أُجرِيت معه في ولاية آيوا يوم السبت - أن هذا مبرر منطقي لعدم مطاردة خصمه الرئيسي هذه المرة.
وطبقًا لحسابات ساندرز والخبراء الاستراتيجيين في حملته الانتخابية، إن التغلب على كلينتون يستلزم توسيع دائرة الناخبين، وأن السير في الطريق السلبي سوف يُنفِّر الكثير من الناخبين المحتملين الجدد.
وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن ساندرز يتفوق على كلينتون - وهو التقدم الذي يعزوه إلى أجندته الاقتصادية والاجتماعية التقدمية، وإلى قاعدته الشعبية التي دفعته لقبول تحدّي «طبقة المليارديرات».
ففي نيوهامبشير - موطن أول انتخابات تمهيدية لتحديد المرشحين الرئاسيين، أظهر استطلاع رأي أجرته شبكة «إن بي سي» بالاشتراك مع معهد «ماريست» يوم الأحد أن ساندرز يتصدر نيات التصويت لدى الناخبين الديمقراطيين في الولاية، بنسبة بلغت 41 في المائة، تبعته كلينتون بنسبة 32 في المائة. فيما أشار نفس الاستطلاع في يوليو (تموز) إلى تقدم كلينتون بحصولها على نسبة 42 في المائة إلى 32 في المائة.
وفي آيوا - التي شهدت المؤتمرات الحزبية الأولى، أظهر استطلاع «إن بي سي ماريست» تقدُّم كلينتون على ساندرز بنسبة 38 في المائة إلى 27 في المائة. لكن أفضليتها تقلصت هناك منذ يوليو من 24 نقطة مئوية إلى 11. وقبل أسبوع، أظهر استطلاع رأي أجرته صحيفة «دي موينز ريغستر» بالاشتراك مع شبكة «بلومبيرغ بوليتكس» تقارب النسب في ولاية آيوا، بحصول كلينتون على 37 في المائة إلى 30 في المائة.
وهناك دلائل على أن اشتداد السباق قد يؤدي إلى الاشتباك المباشر بين المرشحين. ومن المؤكد أن المناظرة الأساسية الأولى - المقرر إجراؤها يوم 13 أكتوبر (تشرين الأول) – ستبين اختلافاتهما. وقد تجنبت كلينتون باجتهاد الإشارة إلى ساندرز في خطاباتها، ويرجع ذلك في جزء منه إلى أنها لا ترغب في تنفير مؤيديه المتحمسين منها. وبالتالي عندما تفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، ستحتاج إلى أصواتهم وحماسهم في الانتخابات العامة.
ومن أجل تحقيق هذه الغاية، تغاضت كلينتون حتى عن أبسط التناقضات. وهي بلا منازع أكثر خبرة في السياسة الخارجية من ساندرز، لكن ولايتها كوزيرة للخارجية الأميركية أثارت بعض الجدل في الآونة الأخيرة.
وخلال مقابلة نادرة مع «أندريا ميتشل» من «إن بي سي نيوز» يوم الجمعة، فعلت كلينتون ما فسره الكثيرون على أنه انتقاد مستتر لساندرز، بقولها: «يمكنك التلويح بذراعيك، وإلقاء خطاب، لكن في نهاية اليوم، هل أنت متواصل حقا مع الناس، وتستمع لما يقولونه لك، أو يرغبون في أن تتحدث بالمزيد إليهم؟».
ومع ذلك، أصرت كلينتون في اليوم التالي - أثناء لقائها بعض الصحافيين - على أن تعليقها لم يكن بشأن ساندرز. وقالت: «كنت أتحدث عن دونالد ترامب (في إشارة إلى المرشح الأوفر حظا للفوز بترشيح الحزب الجمهوري). ومن المؤكد أن حملتي تركز على الجمهوريين».
ومع ذلك، لا يوجد أدنى شك في أن كلينتون سوف تقضي على ساندرز إذا أرادت وعندما تقرر أنها بحاجة إلى ذلك. ففي 2008، كانت كلينتون لاذعة في هجماتها لـ«باراك أوباما»، وتضمن ذلك إعلان «مكالمتها الهاتفية الساعة 3.00 صباحا» الشهير، والذي يوحي بأنها - وليست أوباما - من يمتلك الخبرة في مسألة الأمن القومي، ومن لديه العلاقات الدبلوماسية ليصبح قائدا.
أما حاكم ولاية ماريلاند السابق «مارتن أومالي» - الذي يتخلف بفارق كبير عن كلينتون وساندرز في استطلاعات الرأي، فكان أكثر جرأة في انتقاده منافسيه بشكل مباشر. حيث يصف نفسه بانتظام بأنه «ديمقراطي مدى الحياة»، على عكس ساندرز المستقل. كما أشار إلى الجدل الدائر حول رسائل البريد الإلكتروني لوزارة الخارجية الأميركية التي تلاحق كلينتون.
ويرى جيم مانلي، خبير استراتيجي ديمقراطي يدعم كلينتون، أنه لا يرى ميزة في مهاجمة كلينتون لساندرز. وتابع: «هذا النوع من الاختلاف هو مجرد أكسجين تحتاجه حملته الانتخابية لإثراء تبرعاتها».
ودون ذكر كلينتون، يلقي ساندرز بانتظام الضوء على المجالات السياسية التي يختلفان فيها. فهو يريد استعادة قانون «غلاس ستيغال» المُنظِّم للقطاع المصرفي، لكن كلينتون لم تتطرق إلى هذا الموضوع. وهو يعارض خط أنابيب نفط «كيستون إكس إل»، لكنها لم تتخذ موقفا حيال هذا الأمر. كما أنه صوّت ضد تفويض حرب العراق، فيما صوّتت هي لصالح التفويض، رغم أنها تقول الآن إن تصويتها كان خطأ.

* خدمة «واشنطن بوست»
- خاص بـ {الشرق الأوسط}



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.