بدأت الأحزاب السياسية المغربية سباقا محموما من أجل الظفر برئاسة الجهات والبلديات، ودعت أحزاب الأغلبية الأربعة مستشاريها إلى إعطاء الأولوية في انتخاب رؤساء ومكاتب مجالس البلديات والمقاطعات والأقاليم والجهات إلى مكونات التحالف الحكومي، إلا أن الالتزام بذلك يظل صعبا.
في هذا السياق، قال صلاح الدين مزوار، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، وزير خارجية المغرب، إن حزبه «سيكون وفيا لميثاق الأغلبية الحكومية، وسيعقد تحالفاته في إطارها»، بيد أنه لفت إلى أن «علاقاته جيدة مع جميع الفاعلين السياسيين، وأن التزامه سياسيا مع الأغلبية لا يعني الصدام مع باقي المكونات السياسية». وأبرز المسؤول المغربي في لقاء صحافي عقده مساء أول من أمس بمقر الحزب في الرباط أن تجربة الجهوية الموسعة (الحكم اللامركزي) «تقتضي التفكير بطريقة مختلفة، ومن دون إقصاء، وتجاوز الحسابات السياسية الضيقة». وقال مزوار إن النتائج التي حصل عليها حزبه في الانتخابات الجهوية والبلدية «مشرفة جدا» وعرفت تحسنا ملموسا مقارنة بانتخابات 2009، وعدها «مؤشرا قويا على أن الحزب يحظى بجاذبية وثقة أكبر من طرف المغاربة». وحصل «التجمع الوطني للأحرار» على المرتبة الرابعة في الانتخابات الجماعية والجهوية بـ4408 مقاعد (99.13 في المائة) و90 مقعدا (27.13 في المائة) على التوالي.
في غضون ذلك، فشل اجتماع قادة تحالف الغالبية الحكومية الذي يضم عبد الإله ابن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة، وصلاح الدين مزوار رئيس التجمع الوطني للأحرار ووزير الخارجية، ومحند العنصر الأمين العام للحركة الشعبية ووزير الشباب والرياضة، ونبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ووزير الإسكان وسياسة المدينة، عقد صباح أمس الاثنين بإقامة ابن كيران بالرباط، في التوصل إلى اتفاق مشترك يرسم خريطة توزيع رئاسات مكاتب المدن الكبرى والجهات الأربع التي حصلت عليها أحزاب الائتلاف الحكومي.
وكشف مصدر عليم رفض الكشف عن هويته لـ«الشرق الأوسط» أن الاجتماع الذي تجاوز ثلاث ساعات لم ينجح في الخروج بموقف مشترك، حيث اتفق رؤساء الأحزاب على عقد جولة ثانية من المرجح أنها تمت مساء أمس لاستكمال المفاوضات والتوصل إلى حل يرضي جميع أطراف التحالف.
وذكرت المصادر أن الخلاف حول الحصول على عمدية بعض المدن الكبرى ورئاسة بعض الجهات ما زال مستمرا، خصوصا بين الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس التجمع الوطني للأحرار والأمين العام لحزب الحركة الشعبية، وتتصدر رئاسة مدينة تطوان (شمال) التي اكتسحها حزب العدالة والتنمية قائمة المواضيع الخلافية بين الغالبية، خصوصا أن رشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب المنتمي للتجمع الوطني للأحرار يرغب في رئاستها رغم توفره على أقلية.
وما زال الخلاف سيد الموقف بشأن رئاسة جهة فاس - مكناس التي استحوذ على مدنها الكبرى حزب العدالة والتنمية بينما يرغب الأمين العام للحركة الشعبية الحصول على رئاستها. وحصلت أحزاب التحالف الحكومي مجتمعة بمجلس جهة فاس - مكناس على 48 مقعدا من بينها 22 مقعدا لحزب العدالة والتنمية، مقابل 31 مقعدا لأحزاب المعارضة، مما يعني أن أحزاب الأغلبية حسمت رئاسة الجهة لصالحها.
من جهة أخرى، وحسب مصادر من حزب الحركة الشعبية أصبحت الطريق معبدة أمام حليمة العسالي التي تعرف بأنها المرأة القوية في الحزب لرئاسة جهة خنيفرة - بني ملال، بعد حصولها على أكبر عدد من المقاعد. ويتخوف ابن كيران من أن يؤدي الاحتكام إلى نتائج اقتراع الجمعة في حسم مسألة الرئاسات وتشكيل المكاتب إلى احتمال تصدع التحالف حكومي خلال السنة الأخيرة من الولاية الحكومية، خصوصا أن مزوار لمح أول من أمس إلى إمكانية تحالف حزبه مع أحزاب المعارضة في بعض الدوائر والمدن والمحافظات، معللا ذلك بكون تجربة الجهوية الموسعة التي يستعد المغرب لدخولها تقتضي التفكير بطريقة مختلفة، ومن دون إقصاء.
نفس المنحى عبر عنه الطالبي العلمي حينما طالب بتجاوز منطق الأغلبية والمعارضة على مستوى الجهات لإنجاح تجربة الجهوية الموسعة، موضحا أن حزبه سيحترم تعاقده مع الأغلبية، لكن من دون أن يعني ذلك الاصطفاف مع جهة ضد أخرى.
في سياق متصل، أقر المجلس المغربي لحقوق الإنسان بسلامة ونزاهة الاقتراع الخاص بانتخابات مجالس الجهات والبلديات، الذي جرى الجمعة الماضي، مشيرا إلى أن ما لوحظ من خروقات لا يمس بشفافية ونزاهة العملية الانتخابية.
وقال إدريس اليزمي رئيس المجلس في لقاء صحافي عقده مساء أول من أمس بحضور عدد من المراقبين الدوليين إن الانتخابات «جرت في جو منح الضمانات الأساسية للحرية والنزاهة والشفافية»، ولفت إلى أن الخروقات التي جرت ملاحظتها «لا تمس جوهريا بسلامة ونزاهة الاقتراع».
ومن أبرز الملاحظات التي كشف عنها المجلس في تقريره الأولي، التنامي المقلق للعنف اللفظي بكل أشكاله، أي السب والقذف، والتمييز بسبب الجنس واللون، والانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو الاعتقاد، خلال مراحل الانتخابات.
وفي المقابل، سجل المراقبون تراجعا عاما للعنف الجسدي، إذ ضبطت 194 حالة عنف بالنسبة للانتخابات الجماعية (البلدية) من قبل المراقبين، أي بنسبة 30 في المائة، و29.5 في المائة بالنسبة للانتخابات الجهوية. كما رصد المجلس استغلالا للأطفال في الحملات الانتخابية.
ونوه المجلس بالتعديلات التي أدخلت على القوانين الانتخابية لدعم تمثيل النساء بمجالس الجهات والبلديات، ودعا الأحزاب السياسية إلى تشجيع ترشيحات النساء المنتخبات لرئاسة هذه المجالس. وكانت وزارة الداخلية قد كشفت أن النساء في الانتخابات الجماعية (البلدية) حصلن على 6673 مقعدا، أي ما يعادل ضعف العدد المسجل خلال انتخابات 2009.
رئيس «التجمع» المغربي يدعو إلى تجاوز الحسابات الضيقة بشأن التحالف مع المعارضة
مجلس حقوق الإنسان يقر بنزاهة الانتخابات البلدية والجهوية
رئيس «التجمع» المغربي يدعو إلى تجاوز الحسابات الضيقة بشأن التحالف مع المعارضة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة