اليونانيون أمام خيارات صعبة بينها زيادة الضرائب وخفض معاشات التقاعد

79 % منهم يريدون الاحتفاظ باليورو عملة للبلاد.. و19 مسؤلاً في سيمنس يواجهون تهما بالفساد

رئيس الوزراء اليوناني السابق اليكسيس تسيبراس خلال اجتماعه بأعضاء حزبه سيريزا في أثينا أمس (رويترز)
رئيس الوزراء اليوناني السابق اليكسيس تسيبراس خلال اجتماعه بأعضاء حزبه سيريزا في أثينا أمس (رويترز)
TT

اليونانيون أمام خيارات صعبة بينها زيادة الضرائب وخفض معاشات التقاعد

رئيس الوزراء اليوناني السابق اليكسيس تسيبراس خلال اجتماعه بأعضاء حزبه سيريزا في أثينا أمس (رويترز)
رئيس الوزراء اليوناني السابق اليكسيس تسيبراس خلال اجتماعه بأعضاء حزبه سيريزا في أثينا أمس (رويترز)

كشف آخر استطلاع للرأي أن 79 في المائة من اليونانيين يريدون الاحتفاظ باليورو كعملة للبلاد، فيما يعتقد 55 في المائة من اليونانيين أن تسيبراس كان محقا في القبول بخطة مساعدات من 86 مليار يورو على ثلاث سنوات، كما أظهرت نتائج الكثير من استطلاعات الرأي التي أجريت خلال السنوات الأخيرة رغبة نسبة كبيرة من اليونانيين البقاء في منطقة اليورو.
ورغم أن رئيس الوزراء اليوناني المستقيل ألكسيس تسيبراس الذي اختاره الشعب اليوناني في يناير (كانون الثاني) الماضي والذي أكد وقتها أن فوزه يعني «نهاية الترويكا»، فإن اليونانيين شهدوا في عهده عودة اليونان تحت وصاية الترويكا التي طالما كرهوها متمثلة في الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى ظهور دائن جديد وهو آلية الاستقرار الأوروبية لتصبح الجهات الدائنة لليونان أربعا بدلا من ثلاث.
ويبدو أن اليونانيين الذين أنهكتهم الأزمة الاقتصادية المزمنة مقبلون على تضحيات مؤلمة تتمثل على سبيل المثال في زيادة ضريبة القيمة المضافة وخفض معاشات التقاعد وهي ستضطرهم إلى شد الأحزمة رغم أنهم انتخبوا رئيس الوزراء اليوناني المستقيل ألكسيس تسيبراس قبل ثمانية أشهر فقط لأنه وعدهم بإنهاء إجراءات التقشف.
لكن الناخبين اليونانيين يبدون مرهقين من آثار الكساد الاقتصادي و5 عمليات انتخابية خلال السنوات الست الأخيرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2009. ومايو (أيار) ويونيو (حزيران) 2012. ويناير عام 2015، والاستفتاء على خطة الدائنين في يوليو (تموز) الماضي وتلك المرتقبة في سبتمبر (أيلول)، ولهذا أظهرت استطلاعات الرأي تقلصا كبيرا بين حزبي سيريزا ومنافسة حزب الديمقراطية الجديدة المحافظ.
وأكد تسيبراس على ثقته بأنه سوف يحصل على أغلبية مطلقة تحت قبة البرلمان في الانتخابات المقررة بعد عشرين يوما، واستبعد تسيبراس أي تحالف مع أحزاب وصفها بـ«النظام السياسي القديم» مؤكدا أن وحده حزب اليونانيين المستقلين شريكه الحكومي لمدة ثمانية أشهر، قادر على الاضطلاع بهذا الدور.
أعرب حزب الديمقراطية الجديدة وباسوك الاشتراكي والنهر (يسار وسط) عن الاستعداد للتعاون مع أحزاب أخرى، وقال زعيم اليمين ايفانجيلوس ميماراكيس في خطاب متلفز بأنه يجب «ضمان الاستقرار السياسي للسنوات الحاسمة المقبلة»، فيما اتهمت زعيمة باسوك الاشتراكي فوفي جينيماتا التي أعلنت تحالفا بين حزبها وحزب اليسار الديمقراطي، اتهمت تسيبراس برفض «التعاون» في حين اعترف بارتكاب «أخطاء».
وأعلن حزب سيريزا أن الأولوية وفقا لبرنامجه الجديد الذي وضع في نهاية الأسبوع خلال اجتماع للحزب، هي تحقيق الالتزامات والبحث في آن عن تدابير «للتعويض عن العواقب السلبية» دون التأثير على الخطة الموقعة مع أوروبا، وأن الخطوط الرئيسية للبرنامج الجديد هي إعادة هيكلة قطاع الإنتاج والتركيز على الزراعة وتعزيز القطاع المصرفي ومكافحة الفساد وحماية الوظائف والبيئة، وضمن البرنامج أيضا مسألة إعادة جدولة الديون التي تبلغ 170 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي.
ولا يبدو أن الانتخابات المبكرة في اليونان تثير قلق الدائنين، فقد أوضح يروين ديسلبلوم رئيس مجموعة اليورو أنه لا يخشى أن تشكل فترة الانتخابات خطرا على تنفيذ الإصلاحات، فيما أكدت كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي على أن أي شكل لإعادة هيكلة الديون يجب أن يتيح لليونان القدرة على إدارة ديونها غير القابلة للسداد، وقالت لاغارد لوسائل الإعلام بأن أي شكل من أشكال إعادة هيكلة الديون بدلا من شطبها يجب أن يكون كافيا إلى الحد الذي يسمح لليونان بإدارة ديونها غير القابلة للسداد الآن.
ولم يوضح صندوق النقد الدولي بصورة قاطعة ما إذا كان سوف يشارك في البرنامج الثالث لدعم اليونان الذي تم التوقيع عليه في بدايات شهر أغسطس (آب) أم لا، وذلك لأنه يرى بأن الديون اليونانية بشكلها الحالي غير قابلة للسداد، واستبعد دائنو اليونان في منطقة اليورو وخاصة ألمانيا شطب الديون إلا أنهم أبدوا استعدادا لمناقشة أشكال أخرى من إعادة الهيكلة مثل تمديد مهلة السداد.
وقالت لاغارد حول هذه الاختلافات بخصوص إعادة هيكلة الديون اليونانية: «لم يتم أبدا فتح نقاش بشأن شطب الديون ولا أعتقد أن هناك ضرورة لفتحه إذا سارت الأمور على ما يرام.. نحن نتحدث عن تمديد مهلة السداد، تخفيض الفوائد، إعفاءات لفترة زمنية معينة، ولا نتحدث عن شطب للديون».
من جهة أخرى، تواجه شركات سيمنس ودايملر وراينميتال الألمانية اتهامات فساد في دعاوى سوف ينظر فيها القضاء اليوناني، وتعد تلك الشركات ركائز في القطاع الصناعي الألماني، ولم يحدد بعد تاريخ لمقاضاة 19 مسؤولا سابقا في شركة سيمنس للهندسة، إلا أنه يتوقع أن تكون إحدى أكبر المحاكمات المالية في اليونان منذ عقود.
ويتابع القضاء أكثر من ستين شخصا في ملف الفساد المشار إليه والذي تم وصفه بأنها أكبر فضيحة تخص شركات في اليونان منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وتتهم سيمنس بدفع رشى وعمولات للكثير من المسؤولين اليونانيين لنيل إحدى أكبر ربحية في البلاد، وهي صفقة تحديث شبكة الهاتف المحمول والتي نالتها في آخر تسعينات القرن الماضي، ووفق مصادر قضائية يونانية فإن مقدار الرشاوى والعمولات التي دفعتها سيمنس تقارب 78 مليون دولار.
ووفقا لمؤشر إدراك الفساد - الذي تصدره سنويا منظمة الشفافية الدولية - فإن القطاع الحكومي في اليونان هو أحد أكثر القطاعات فسادا في الاتحاد الأوروبي، وفي العام 2011 كشف تحقيق برلماني يوناني أن خزينة الدولة خسرت ملياري يورو جراء تضخم مصاريف صفقات أبرمتها الحكومة، كما سبق للقضاء اليوناني أن أمر بفتح تحقيق في بداية العام الجاري بشأن الاشتباه في دفع شركة دايملر لصناعة السيارات الألمانية رشوة لنيل صفقة لبيع سيارات عسكرية بقيمة 100 مليون يورو، وكانت محكمة ألمانية قد غرمت شركة راينميتال للصناعة العسكرية في العام 2012 بنحو 37 مليون دولار في قضية رشوة بصفقة بيع منظومة صواريخ مضادة للطائرات لليونان بقيمة 150 مليون يورو.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.