خبراء أميركيون يؤكدون أن واشنطن كانت «آخر من يعلم بخبر اعتقال المغسل»

القبض عليه ذكر بسجل إيران في رعاية المجموعات المتطرفة

أحمد المغسل
أحمد المغسل
TT

خبراء أميركيون يؤكدون أن واشنطن كانت «آخر من يعلم بخبر اعتقال المغسل»

أحمد المغسل
أحمد المغسل

مع توقيف أحمد إبراهيم المغَسِّل، مهندس تفجيرات المجمع السكني (أبراج الخبر) بالقرب من مدينة الظهران في السعودية قبل 19 عاما، يتبقى 3 مطلوبين، وهم علي سعيد بن علي الحوري، وإبراهيم صالح محمد اليعقوب، وعبد الكريم حسين محمد الناصر من أصل 13 متهما سعوديا ولبناني واحد شملتهم لائحة الاتهام في التفجير.
ورغم أن موقع «مكافأة من أجل العدالة» التابع للخارجية الأميركية احتفل في مناسبات كثيرة بإلقاء القبض على معتقلين ودفع مكافآت ضخمة أدت إلى اعتقال إرهابيين، فإنه هذه المرة وحتى كتابة هذه السطور لم يعلن رسميا اعتقال المغسل وتسليمه إلى السلطات السعودية، وما زالت على رأسه مكافأة بخمسة ملايين دولار. وكذلك الحال مع موقع مكتب التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي) الذي التزم الصمت بخصوص اعتقال المغسل وترحيله إلى السعودية. وقال خبراء أميركيون في مكافحة الإرهاب لـ«الشرق الأوسط» إن واشنطن «كانت آخر من علم باعتقال المغسل، وإن تعديل المعلومات الجديدة بخصوص مفجر أبراج الخبر قد يستغرق أياما»، ووصفوا اعتقال المغسل «بضربة أمنية كبرى نفذها الأمن السعودي».
من جهته، قال موقع «مكافأة من أجل العدالة» في عام 2006، فيما يتعلق بالمغسل: «أمر قاضٍ فيدرالي أميركي إيران بسداد مبلغ 254 مليون دولار إلى عائلات أفراد الخدمة العسكرية الأميركية الذين قُتلوا في الهجوم، في حكم صادر ضد الحكومة الإيرانية، وضد وزارة الداخلية، والحرس الثوري، عقب فشلهم في الرد على الدعوى القضائية المرفوعة ضدهم قبل أكثر من أربع سنوات».
ووفقًا للحكم الصادر في 209 صفحات، فإن الشاحنة التي استخدمت في الهجوم كان قد تم تجميعها في سهل البقاع اللبناني الخاضع لسيطرة تنظيم حزب الله والحرس الثوري الإيراني، وتمت الموافقة على شن الهجوم من قبل المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي.
وفيما امتنعت واشنطن عن التعليق بشكل رسمي على خبر نجاح هيئة الاستخبارات العامة السعودية في القبض على المغسل، فإن مصادر أميركية عزت الصمت إلى ما تشعر به الإدارة الأميركية من حرج بعد تمكن هيئة الاستخبارات السعودية من تحقيق انتصار جديد على «إف بي آي». فيما قالت صحيفة «كرستيان ساينس مونيتور» إن قيام المسؤولين السعوديين بالإعلان عن نجاحهم في ضبط وإحضار المغسل كان بمثابة مفاجأة غير سارة للمباحث الأميركية التي أعلنت في وقت سابق عن مكافأة قدرها 5 ملايين دولار أميركي لمن يعتقل المغسل، لافتة إلى أن المخابرات اللبنانية «سارعت إلى تسليم المغسل للمملكة، وتجاهلت تمامًا الشرطة الفيدرالية ومكافأتها المالية الثمينة». وعلّق أحد المسؤولين الأميركيين السابقين على الخبر قائلا إنه سيكون على الإدارة الأميركية التنسيق مع الجانب السعودي لترى إن كانت الرياض ستسمح لبعض المحققين الأميركيين بالمشاركة في التحقيق مع المغسل من عدمه. ويعتقد الخبراء الأميركيون أن المطلوبين الثلاثة الآخرين على ذمة تفجيرات الخبر وهم الحوري، واليعقوب، والناصر «على الأرجح موجودون في إيران».
من جهتها، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» في افتتاحيتها أمس إن اعتقال المغسل يذكر بسجل إيران في رعاية المجموعات المتطرفة والأنشطة الإرهابية، ومن المرجح أن يستغل معارضو الاتفاق النووي اعتقاله لإقناع أعضاء الكونغرس الذين لم يحددوا موقفهم بعد بمعارضة الاتفاق الذي يخدم المصالح الأميركية.
يذكر أن الحكومة الأميركية دفعت منذ بداية برنامج «مكافآت من أجل العدالة» عام 1984 مبالغ تزيد قيمتها على 125 مليون دولار، وذلك لأكثر من 80 شخصا ممن قدموا معلومات كافية لاتخاذ إجراءات قانونية أدت إلى وضع إرهابيين في السجن وإرسال آخرين إلى غوانتانامو، أو أدت إلى منع أعمال إرهاب دولي في شتى أرجاء العالم. وقد لعب البرنامج دورا كبيرا في اعتقال الإرهابي الدولي المدعو رمزي يوسف، الذي صدر الحكم بإدانته في حادث تفجير مبنى مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 1993.
ومع أن القانون الذي يحكم برنامج المكافآت من أجل العدالة يستهدف الإرهاب الموجه ضد أميركيين، إلا أن الولايات المتحدة تشارك في المعلومات مع دول أخرى يتعرض مواطنوها للخطر.
وتصدر موقع «مكافأة من أجل العدالة» أمس أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة الحالي بمكافأة تصل إلى 25 مليون دولار، وهناك ثلاثة إرهابيين آخرين على القائمة بقيمة تصل إلى 10 ملايين دولار على رأس كل منهم، وهم أبو بكر البغدادي وكنيته (أبو دعاء) زعيم (داعش). وضمن المطلوبين الكبار أيضًا حافظ محمد سعيد بمكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار، وهو أستاذ سابق للغة العربية وكذلك عضو مؤسس لجماعة الدعوة، وهي منظمة مكرسة لتثبيت الحكم المتطرف في أجزاء من الهند وباكستان، وفرعها العسكري هو «لشكر طيبة». ويشتبه في سعيد بأنه كان العقل المدبر لهجمات إرهابية كثيرة، بما في ذلك هجمات مومباي التي أوقعت 257 قتيلاً عام 1993.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.