أبدت النقابات الأمنية التونسية رفضها لمبدأ فتح باب الحوار والتفاوض مع المقاتلين التونسيين الموجودين على جبهات القتال في سوريا وبقية بؤر التوتر، وقالت في تصريحات لقياداتها إن مجرد فتح باب الحوار معهم يعد «إهانة لدماء الشهداء التونسيين الذين سقطوا على أيدي متطرفين، معظمهم تلقوا تدريبا في جبهات القتال».
وأكدت المصادر ذاتها أن مسألة عودة المتشددين التونسيين في الخارج، أو عدمها، تتجاوز القرار السياسي لأنها تأخذ طابعا أمنيا وقضائيا، مشيرة إلى أن من انضموا إلى تنظيم داعش المتشدد لا يمكن إعادة إدماجهم بالسهولة التي دعت إليها وزارة الخارجية، لأنهم بمثابة «قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة».
وفي هذا الخصوص، قال عماد الحاج خليفة، المتحدث باسم نقابات الأمن التونسية، لـ«الشرق الأوسط»، إن قرار التفاوض ومحاسبة مقاتلي تنظيم داعش «قضائي وأمني بالأساس، ولا يمكن اعتباره قرارا سياسيا»، مضيفا أن تصديق تونس في 25 من يوليو (تموز) الماضي على القانون الجديد المتعلق بمكافحة الإرهاب وغسل الأموال، يجعل كل المنضمين إلى التنظيمات المتشددة تحت طائلة هذا القانون. واعتبر مجرد طرح فكرة قبول «التوبة» يعد بمثابة تلميع غير مباشر للعناصر المتشددة، داعيا إلى ضرورة محاسبتهم بتهمة انضمامهم إلى تنظيم إجرامي، وأيضًا بتهمة الفظائع التي ارتكبت عن طريقهم، وبعد نيلهم العقاب المناسب يمكن حينها النظر في إمكانية إعادة إدماجهم في الحياة العامة، حسب تعبيره.
واستغربت قيادات أمنية نقابية هذا العرض الموجه إلى الإرهابيين، حيث دعوا في تصريحات إعلامية إلى سحب الجنسية عنهم، ومحاسبة كل الأطراف التي شجعت على تسفير الشبان إلى ما سموه بـ«المحرقة السورية»، وأبدوا رفضا قاطعا لقرار التفاوض معهم. كما نادى بعضهم بالتركيز على الشأن الداخلي، وعلى المجموعات الإرهابية المنتشرة في الجبال الغربية التونسية، وعلى الخلايا الداخلية النائمة لأنها تهدد الأمن والاستقرار الداخلي، خاصة أن المؤسسة الأمنية والعسكرية فقدت نحو مائة قتيل خلال مواجهاتها مع المجموعات المتطرفة منذ سنة 2011.
وتأتي ردود الفعل الغاضبة بعد أن كشف الطيب البكوش، وزير الخارجية، وفق إحدى الصحف المحلية، عن وجود اتصالات مع متشددين تونسيين يوجدون في سوريا تمهيدا لعودتهم إلى تونس. لكن وزارة الخارجية نفت نفيا قاطعا خبر فتح قنوات مع متطرفين في سوريا بخصوص عودتهم إلى تونس، وقالت في بلاغ لها إن الخبر الوارد بإحدى الصحف المحلية «عار عن الصحة»، مضيفة أن تحريفا طرأ على تصريح وزير الخارجية، الذي أشار فقط إلى أن عددا من المتطرفين اتصلوا بالقنصلية العامة التونسية في إسطنبول (تركيا) وطلبوا العودة إلى بلادهم.
وفي هذا الإطار، قال المختار الشواشي، المتحدث باسم وزارة الخارجية، لـ«الشرق الأوسط»، إن تونس لا يمكن أن تخطو هذه الخطوة الخطيرة مع ما ستفرزه من تداعيات خطيرة على الوضع الداخلي.
وكانت وزارة الداخلية التونسية قد أشارت في تقارير أمنية سابقة إلى العودة الفعلية لنحو 560 تونسيا من جبهات القتال، بيد أن منظمات ومراكز دراسات متخصصة في مجال الإرهاب أكدت أن العدد أكبر بكثير مما ذكرته الوزارة. وأشارت المصادر ذاتها إلى منع نحو 15 ألف تونسي من التوجه إلى بؤر التوتر، كما منعت سفر الشباب الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة إلى ليبيا لأنها تمثل المعبر الأساسي للمتطرفين التونسيين في اتجاه سوريا عبر تركيا.
وكانت منظمة الأمم المتحدة قد أشارت في أحدث تقاريرها إلى أن نحو 5800 شاب تونسي يقاتلون إلى جانب تنظيم داعش، من بينهم نحو أربعة آلاف في سوريا.
تونس: نقابات أمنية ترفض التفاوض من المتطرفين الراغبين في العودة إلى بلادهم
منظمة الأمم المتحدة قالت إن نحو 5800 تونسي يقاتلون مع «داعش» في بؤر التوتر
تونس: نقابات أمنية ترفض التفاوض من المتطرفين الراغبين في العودة إلى بلادهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة