سبب احتمال ترشح نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2016 اهتزازا في شبكة الديمقراطيين الأثرياء التي مولت الحملة الانتخابية للرئيس أوباما مرتين متتاليتين، مما يحفز جامعي التبرعات الذين أذهلهم للغاية الأداء الانتخابي الضعيف للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
وتتوقع حفنة كبيرة من ممولي الحزب الديمقراطي أن يدخل بايدن متأخرا في السباق الانتخابي، وهناك عدد لا بأس منهم يفكرون في توفير الدعم له، ومن بينهم بعض ممن وقعوا مع السيدة كلينتون، وفقا لأكثر من اثنتي عشرة شخصية من كبار جامعي التبرعات الديمقراطيين على الصعيد الوطني.
ويمكن لدعمهم المحتمل أن يلعب دورا محوريا في مساعدة نائب الرئيس على اتخاذ قرار ما إذا كان سوف يدخل السباق نحو البيت الأبيض من عدمه. وتشير الأقاويل المنتشرة بين مجموعة من جامعي التبرعات والممولين بالحزب من ذوي النفوذ والاطلاع، أن نائب الرئيس قد يستفيد من وفرة التمويل والدعم المالي إذا ما دخل السباق الرئاسي.
في المقابل، تحتفظ السيدة كلينتون بقاعدة واسعة من المتبرعين، كما أن هيمنتها المالية قد تسبب تحديا كبيرا أمام بايدن إذا ما دخل الحملة الانتخابية هذا الخريف. فقد تمكنت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة من تأمين مبلغ 47 مليون دولار خلال الربع الأول من هذا السباق كمرشحة انتخابية، كما أنها تحيط بها مجموعة من لجان جمع التبرعات المستقلة البارزة وغيرها من الحلفاء المستقلين الذين يجلبون المزيد من الملايين إليها.
ويمكن أن يواجه بايدن صراعا محتدما لجمع التبرعات في ذلك الوقت المتأخر من العام. ولأن الجهات المانحة لا يمكنها إلا التبرع بمبلغ 2700 دولار فقط للحملة الانتخابية، وربما يتعين عليه الاعتماد بقوة على لجان جمع التبرعات المستقلة، التي قد تتقبل تسلم مبالغ محدودة من التبرعات، وهي الخطوة التي قد تكون مكروهة من قبل الكثير من الناخبين الليبراليين.
ورغم أن بايدن لم ينشئ شبكة جمع التبرعات خاصة به، فإنه لديه علاقات جيدة بالجهات المانحة في مختلف أنحاء البلاد بوصفه زميلا لأوباما في سباقه الرئاسي. كما أن هناك حالة من عدم الارتياح بين كبار الداعمين الماليين للرئيس أوباما حول الجدل الدائر بشأن استخدام السيدة كلينتون لخدمات البريد الإلكتروني الخاص بها حالما كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية.
ولا يزال الكثير من جامعي التبرعات للرئيس متاحين للجميع. من بين 770 شخصية من الذين جمعوا الشيكات لحملة إعادة انتخاب أوباما في عام 2012. هناك 52 شخصية منهم قد وقعوا لجمع التبرعات لصالح السيدة كلينتون أو عقدوا احتفاليات لجمع الأموال لصالحها، وفقا لتحليل نشرته صحيفة «واشنطن بوست».
يقول كبار المتبرعين الديمقراطيين - الذين فضل الكثيرين منهم عدم نشر هوياتهم - أن المناقشات بين كبار المتبرعين لأوباما حول محاولة بايدن دخول السباق الرئاسي قد اتخذت منحنى خطيرا عبر الأيام القليلة الماضية. وسببت أنباء عن اجتماع خاص جمع بين مسؤولين سابقين من إدارة أوباما وهما انيتا دون وبوب بوير مع نائب الرئيس يوم الاثنين تسارعا في الشعور بأن هناك تحركا ما يجري تجاه بايدن. في حين رفض كل من انيتا وبوير التعليق على الأمر.
من جهته، يفيد أحد ممولي الحزب البارزين: «أعتقد أننا بصدد مشاهدة نمو سريع. فهناك الكثير من الحماس لدى كافة الأطياف. وإنه لشعور حقيقي فعلا»، وأضاف أن كبار المساعدين السياسيين وكبار المتبرعين الذين دعموا أوباما في عام 2008 و2012 يفكرون مليا في مساعدة نائب الرئيس كذلك. ويقول كيرك دورنبوش، المدير التنفيذي لإحدى شركات التكنولوجيا الحيوية من سان فرانسيسكو، الذي ساعد في قيادة حملة جمع التبرعات لصالح أوباما في الجنوب ولم يوقع للعمل في حملة السيدة كلينتون، أن بايدن قد يجد آذانا صاغية بين جموع المتبرعين للسيد الرئيس. وأضاف: «إن متبرعي أوباما وكل من يحبون أوباما يحبون كذلك جو بايدن - إنهم يحبونه فحسب. ولذلك سوف يكونون منفتحين للغاية للجلوس والحديث معه، إن لم يحرروا له الشيكات»، وكان والد السيد دورنبوش قد خدم كسفير للولايات المتحدة إلى هولندا إبان عهد الرئيس السابق كلينتون. واستطرد قائلا: «وفقا لذلك، سوف يريد الناس أن ينظروا إليه مباشرة ويروا حقيقة حماسه الفعلي، نظرا لأن ذلك كان جليا تماما لما تحادثنا مع السيناتور أوباما وقتها، وأعتقد أن الناس يريدون أن يشعروا بنفس الإحساس لدى السيد بايدن».
وقال جون كوبر، أحد جامعي الأموال لأوباما وهو الآن رئيس برنامج التمويل الوطني لمشروع حملة بايدن 2016. إنه يلقى اهتماما متزايدا من جانب جامعي الأموال الذين عمل معهم خلال الحملتين الرئاسيتين السابقتين. ولقد أعلن ما يقرب من عشرة أشخاص من أصل 35 شخصية ممن اتصل بهم كوبر عن التزامهم بمساعدة نائب الرئيس في الانتخابات، وفقا لرجل الصناعة الكبير في لونغ آيلاند. وأضاف كوبر قائلا: «إنني ألقى سهولة كبيرة في التواصل مع أولئك الناس، وذلك لأن هناك شعورا كبيرا بين المتبرعين أن ذلك قد يحدث فعلا. وسوف يكون هناك مجال كبير من الدعم، وخصوصا بين المتبرعين لحملة أوباما وجامعي الأموال، ذلك إذا ما دخل جو بايدن السباق الرئاسي».
أما المتبرعين الملتزمين مع السيدة كلينتون، فيقولون إنهم يتوقعون أن الكثير من زملائهم من جامعي التبرعات سوف يتجهون لمساعدة بايدن - وخصوصا أولئك الذين يعتقدون أنهم يمكنهم لعب دور مميز في عملية جمع الأموال الكبيرة والتي تساند وزيرة الخارجية السابقة. يوضح جون مورغان وهو محام من أورلاندو ومن كبار المتبرعين للحزب «أعتقد أننا سوف نرى الكثير من الناس من خارج دائرة النفوذ سوف يتطلعون للدخول فيها».
ورفض جوش شفيرين الناطق الرسمي باسم حملة السيدة كلينتون التعليق على اهتمام المتبرعين في حملة بايدن الانتخابية، حيث قال في بيان له «تعبر السيدة هيلاري كلينتون عن امتنانها لمئات الآلاف من الناس الذين انطلقوا لدعم حملتها الانتخابية وحققوا لها زخما كبيرا في الربع الأول من السباق التاريخي». ولكن يبدو أن تلك المسألة سوف تكون من الموضوعات الرئيسية عندما يلتقي جامعو الأموال المؤيدين للسيدة كلينتون في نيويورك الأسبوع المقبل في اجتماع يضم مسؤولي الحملة والمقرر انعقاده خلال هذا الشهر.
وأثار احتمال ترشح بايدن للرئاسة اهتمام كبار اللاعبين في الحزب الديمقراطي الذين يحترمون حالة الصمود التي تمتع بها في منصبه كنائب للرئيس ويعجبون بما وصفوه بأنه احترام وتواضع من جانبه.
كما أن لديه علاقات قوية وخاصة بالجهات المانحة المؤيدة لحقوق المثليين، والذين أعربوا عن تقديرهم لتأييده المبكر لزواج المثليين في الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، يسعى الكثير من جامعي الأموال إلى تخفيف العبء الذي واجهوه كلاعبين في الحملة الثانية من ولاية أوباما. وبعد عقود في واشنطن، لا يمكن لبايدن أن يدعي أنه رجل التغيير المنشود، ولكن بعض المتبرعين يعتبرونه استمرارا لعهد أوباما وهي لمحة تتمتع بشعبية واسعة هناك.
تقول شيفا سارام، وهي من المتبرعين لأوباما التي وقعت على مساعدة مشروع بايدن للرئاسة: «كان هناك قدر من الفعالية حول مصداقية تلك الحملة، وإنني أشعر بأننا سوف نساند حملة بايدن الانتخابية.
كما أعتقد أن هناك تطلعا لمثل ذلك المرشح الأصيل الصادق. إن ذلك هو مثال النائب بايدن في مخيلتي: جدير بالثقة، وأصيل، وإنك تعرف تماما ما الذي سوف تحصل عليه منه». تدير السيدة سارام مؤسسة كونيتيكت الداعمة للأطفال المتضررين من الحروب حول العالم.
وتعليقا عن فضيحة الإيميلات الشخصية التي تلاحق كلينتون، يفيد أحد جامعي التبرعات للحزب الديمقراطي من ذوي الاطلاع «يتناقل الناس الكلام، وظلت الصحافة تطارد كلينتون للتصريح بأي شيء، وهم لن يتركوا المسألة تمر مرور الكرام. ولن تتمكن كلينتون من اجتيازها بسلام، ماذا يمكنني أن أقول لأصدقائي عن ذلك؟ إنها قضية الساعة كما يبدو». ولكن المسؤولين في حملة السيدة كلينتون يعربون عن ثقتهم في تفاني مؤيديها ونزع الفكرة القاتمة عن رؤوسهم حيث إن البعض يفكرون مرتين في الأمر.
* خاص بـ {الشرق الأوسط}
خدمة «واشنطن بوست»
متبرعو حملة أوباما يفضلون بايدن على كلينتون
المرشحة الديموقراطية مهددة بفقدان بعض أهم داعميها
متبرعو حملة أوباما يفضلون بايدن على كلينتون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة