أوباما يستعد لحياة ما بعد الرئاسة

الرئيس الأميركي يخطط لتوفير فرص العمل للشباب في مكتبته

باراك أوباما خلال عطلته الصيفية في ماساتشوستس (أ.ب)
باراك أوباما خلال عطلته الصيفية في ماساتشوستس (أ.ب)
TT

أوباما يستعد لحياة ما بعد الرئاسة

باراك أوباما خلال عطلته الصيفية في ماساتشوستس (أ.ب)
باراك أوباما خلال عطلته الصيفية في ماساتشوستس (أ.ب)

تأخر العشاء في غرفة الطعام بالبيت الأبيض للدرجة التي جعلت ريد هوفمان، الملياردير ومؤسس موقع «لينكدن»، يخمن أن الرئيس الأميركي باراك أوباما قد يرغب في النوم، وقال للرئيس مازحا: «لا تتحرج من أن تطردنا».
وبيد أن أوباما أجاب: «سيحدث عندما يحين الوقت»، وتباطأ هو وزوجته ميشيل وضيوفهما الثلاثة عشر، ومن بينهم الروائي توني موريسون، ومدير صندوق الاستثمار مارك لارسي، ورجل الأعمال الرأسمالي بـ«وادي السيلكون» جون دوار، وتعدت الساعة الثانية صباحا.
وقال ضيف آخر وهو الكاتب مالكولم غلادويل إن «أوباما بدا مسترخيا لدرجة كبيرة». وحكى غلادويل كيف أن المجموعة التي ضمت كذلك الممثلة أيفا لونغوريا وفينود خوسلا مؤسس شركة «صن ميركوسيستم» اقترحوا على أوباما أفكارا حول ما يمكنه فعله بعد مغادرة البيت الأبيض. وأعرب صديق قديم لأوباما مارتي نسيبت: «لا أدري أين سينتهي بنا المطاف»، وهو صديق قديم لأوباما من ولاية شيكاغو يتولى الإشراف على مشروع مكتبة أوباما إضافة إلى الإعداد لإنشاء مؤسسة عالمية.
وفي العلن، لا يبدي أوباما اهتماما كبيرا حول مستقبله، بينما في الجلسات الخاصة يعد لمرحلة ما بعد تركه للرئاسة بنفس الحماسة والطموح التي جمع بها التبرعات لحملته الانتخابية عام 2008 التي أوصلته إلى البيت الأبيض.
يأتي حفل العشاء الذي أقيم في فبراير (شباط) الماضي كجزء من جهد منظم يتم داخل وخارج البيت الأبيض يقوم فيه الرئيس والسيدة الأولي وكبار المساعدين بالتخطيط لمرحة ما بعد الرئاسة وجمع تبرعات قد تصل إلى مليار دولار. لم يطلب مساعدو الرئيس بعد حفل العشاء تبرعات من أي ضيف للمكتبة المزمع إنشاؤها، غير أن عددا من الموجودين على طاولة العشاء قد يصبح متبرعا في المستقبل. ويعتبر مبلغ المليار دولار ضعف التبرعات التي جمعها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش لمكتبته العامة ولبرامجه المتنوعة، وسيوظف ذلك المبلغ في ما أطلق عليه أحد مستشاري الرئيس «المكتبة الرقمية الرئاسية الأولى» للتكنولوجيا الحديثة، إضافة إلى مؤسسة عالمية.
وتلقى أوباما نصائح من أنصاره بأن يتجنب الأخطاء التي وقع فيها الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، الذي جمع مساعدوه ما يكفي من التبرعات لإنشاء مكتبته في «ليتيل روك أرك»، مما أجبر بيل كلينتون على العمل على إقناع كبار المتبرعين بالمساهمة بأموالهم لسنوات قادمة.
وحدد معاونو أوباما هدفهم بأن يجمعوا تبرعات تقارب 800 مليون دولار أميركي على الأقل، تشمل نفقات الإنشاء، ويعتبر المبلغ تبرعا سخيا، غير أن أحد كبار المستشارين قال إن مبلغ 800 مليون دولار هو الأرضية التي نقف عليها وليس سقف التبرعات.
ولم يجمع أوباما حتى الآن سوى 5.4 مليون دولار من 12 متبرعا عن طريق هدايا تراوحت قيمتها ما بين 100 ألف دولار إلى مليون دولار. وحسب مسؤولي المكتبة، فإن الدفعة الحقيقية للتبرعات ستأتي بعد مغادرة أوباما للبيت الأبيض.
وتتولى شايلا ماري، أحد كبار مستشاري أوباما، مهمة الإشراف على ترتيبات تتم داخل البيت الأبيض لضمان مستقبل الرئيس أوباما ولضمن أن الشهور السبعة عشر المتبقية من فترته الرئاسية، رغم ما يتخللها من أزمات، ستمر سهلة وسوف تخدم حياته المقبلة كرئيس سابق.
وحسب مستشارين، فإن زيارة أوباما الأخيرة لسجن فيدرالي تؤكد رغبته في إصلاح مجال العدالة الجنائية قبل مغادرته للبيت الأبيض، وأضاف مستشاروه أن تأبينه لأحد القتلى التسعة ذوي الأصول الأفريقية الذي لقي مصرعه في الهجوم الذي تعرضت له الكنسية في تشارلستون دليل على رغبته في تحقيق التوافق بين أفراد الشعب على اختلاف أجناسهم، كذلك يعد ما تحقق في العمل الدبلوماسي مع إيران وكوبا حجر أساس للعمل الدبلوماسي.
ولب جوهر تخطيط مرحلة ما بعد نهاية الفترة الرئاسية هو صلة الرئيس أوباما بصفوة المجتمع، تحديدا الفئات الغنية، ويقول كثير من المساعدين المقربين من الرئيس إن حديثه المطول أثناء حفلات العشاء التي تستغرق وقتا طويلا تذكرهم بجالسات التشاور الخاصة التي جمعت أوباما بالمتبرعين وكبار رجال الأعمال خلال سعيه تشكيل حملة انتخابية قادرة على الفوز.
وبدأت تلك الجلسات في الأسبوع الذي عقب إعادة انتخاب أوباما عام 2012 عندما توجه مدير الحملة، ستيفين سبيلبرغ، والممثل دانيل داي لويس، لحضور عرض خاص لفيلم «لينكولن» بالبيت الأبيض. وخلب سبيلبورغ لب الرئيس عندما تحدث عن استخدام التكنولوجيا في سرد القصص، واستمر أوباما في عقد جلسات المباحثات تلك، وكان آخرها مع سبيلبرغ ومدير الاستوديو جيفري كتزنبرغ على العشاء في فندق بيفرلي هيلز في كاليفورنيا في شهر يونيو (حزيران) الماضي، حسب بعض أقرب مستشاري أوباما. وخلال حفل عشاء هذا العام في مطعم سبورز في «بريسيديو هايتز» بولاية سانفرانسيسكو، طالب أوباما المدرين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا بتركيز عملهم في المجال الإنساني على المساعدة في رفع كفاءة الحكومة عن طريق إعطاء البعض الانطباع أن المغزى أن الموضوع هو نفسه برنامج الرئيس بعد تركه السلطة. ويقول ضيوف العشاء إن التخطيط لمرحلة ما بعد الرئاسة موضع نقاش كبير، إلا أنه ليس الموضوع الوحيد. «يحب أوباما تلك الجلسات»، حسب أحد كبار مستشاريه، مضيفا: «إنها بمثابة الغذاء له».
ومن بين النقاشات التي تدور خلال حفلات عشاء أوباما موضوعات مثل كيفية توظيف التكنولوجيا في تسهيل الدخول من مختلف أنحاء العالم إلى مكتبة أوباما الرئاسية، وكيف سيسعي أوباما إلى البروز، خصوصا خلال السنوات الأولى من تركة الرئاسة.
وفي رده على سؤال أثناء حفل العشاء بالبيت الأبيض في فبراير الماضي، قال الرئيس للمجموعة إنه أراد التركيز على مشاركة المواطنين وفرص الشباب، وطالب الضيوف ببعض الأفكار حول كيفية تحسين الأداء الحكومي، حسب هوفمان. وسأل الرئيس إذا ما كان بإمكان شبكات التواصل الاجتماعي تحسين طريقة تصدي المجتمع للمشكلات. وركز بعض نقاشات حفل العشاء على الدور الذي قد يلعبه أوباما على الساحة الدولية بعد الانفراجة الدبلوماسية مع كوبا وإيران، والمواجهات مع روسيا وانسحاب القوات الأميركية من العراق وأفغانستان.
وفي مقابلة شخصية نشرت على الموقع «تمبلر» العام الماضي، سئل أوباما عن توقعاته عما سيفعله في السنوات العشر القادمة، فأجاب أوباما بعد تفكير استمر نحو 30 ثانية: «لم أخطط بعد لعشر سنوات»، غير أنه وعد أن يستمر على صلة بصناعة بالسياسة حتى آخر يوم له في البيت الأبيض. وأضاف: «أعرف ما سأفعله بعد تعيين الرئيس الجديد، سأجلس على الشاطئ أشرب من ثمرة جوز الهند».
* خدمة «نيويورك تايمز»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.