سلفا كير ومشار يوقعان بالأحرف الأولى اتفاقًا للمصالحة في جنوب السودان

قائد التمرد يعلن وقف إطلاق نار من جانب واحد ويرتب نفسه لمنصب النائب الأول

سلفا كير ومشار يوقعان بالأحرف الأولى اتفاقًا للمصالحة في جنوب السودان
TT

سلفا كير ومشار يوقعان بالأحرف الأولى اتفاقًا للمصالحة في جنوب السودان

سلفا كير ومشار يوقعان بالأحرف الأولى اتفاقًا للمصالحة في جنوب السودان

وقع رئيس جمهورية جنوب السودان سلفا كير ميارديت، وقائد التمرد رياك مشار اتفاق مصالحة بالأحرف الأولى، ينهي الحرب الأهلية الدائرة منذ استقلال هذه الدولة الوليدة في عام.
واتفقت الأطراف المتصارعة على العودة بعد 15 يومًا للتوقيع على الاتفاق النهائي الذي بموجبه سيصبح مشار نائبًا أول للرئيس. أعدت وثيقة الاتفاقية وساطة أفريقية من هيئة «الإيقاد» وأطراف دولية، بعد أن كادت أن تنهار المحادثات في اللحظات الأخيرة. وسيجري توقيع اتفاق نهائي بعد أسبوعين بحسب طلب الرئيس كير لإجراء مشاورات في جوبا حول تفاصيل الاتفاق الذي تحفظ على أجزاء كبيرة من بنوده. وأعلنت المعارضة المسلحة وقف إطلاق النار الشامل من جانبها خلال 24 ساعة بعد توقيعها على بنود الاتفاقية، وأكدت أنها ستوجه قواتها بعدم شن أي هجوم عسكري وأن تأخذ موقف الدفاع، واعتبرت أن رئيسها رياك مشار أصبح نائبًا أول لرئيس جنوب السودان بموجب الاتفاقية على أن يمارس سلطاته بعد توقيع سلفا كير على الاتفاقية بشكل نهائي لتبدأ الفترة الانتقالية.
وكان الرئيس سلفا كير قد غادر مقر المفاوضات متوجهًا إلى المطار للتوجه إلى بلاده، لكن رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين والرئيس الكيني اهورهو كنياتا أقنعاه بالعودة من مطار أديس أبابا إلى مبنى اللجنة الاقتصادية التابعة للأمم المتحدة التي تحتضن قمة رؤساء دول الإيقاد.
وقال مسؤول العلاقات الخارجية في المعارضة المسلحة الدكتور ضيو مطوك لـ«الشرق الأوسط» إن اتفاق تقاسم السلطة في ولايات أعالي النيل، الوحدة وجونقلي المنتجة للنفط قد تم تعديله بعد أن رفضت جوبا النص السابق من الإيقاد. وقال إن الاتفاق الذي تم تعديله منح الحكومة نسبة 46 في المائة في هذه الولايات الثلاث بدلاً عن 33 في المائة كما كان المقترح السابق، والمعارضة 40 في المائة بدلاً عن 53 في المائة وفق مقترح الإيقاد، وإن الاتفاق احتفظ للقوى السياسية الأخرى ومجموعة المعتقلين العشرة السابقين بنسبهم وهي 14 في المائة، مشيرًا إلى أن تقاسم الثروة سيكون من قبل حكومة الفترة الانتقالية التي قال إن حركته ستصبح جزءًا منها.
من جهة أخرى قالت مصادر من أديس أبابا لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني قد غادر قاعة الاجتماعات غاضبا، عائدا إلى بلاده قبل انتهاء القمة، إذ تم رفض مقترحات تقدم بها. وبعده غادر الرئيس السوداني عمر البشير وعاد إلى بلاده قبل توقيع الاتفاق، وأضافت المصادر أن موسيفيني دخل في مشادة كلامية مع رئيس الوزراء الإثيوبي داخل اجتماع القمة التي ضمت رؤساء السودان عمر البشير، الكيني أوهورو كنياتا، الجيبوتي إسماعيل عمر قيلي، الصومالي حسن شيخ.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.