بعد عامين من الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين التي هيمنت على أول برلمان بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 في مصر، لا تزال الأحزاب الليبرالية واليسارية تتعثر في خلافاتها الداخلية، ما يمنح حزب النور، الذي يعده مراقبون الحزب الوحيد الذي يحلق بعيدا عن المشاحنات والأزمات، أفضلية في المنافسة في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها قبل نهاية العام. وقال عضو المكتب الرئاسي لحزب النور، الدكتور شعبان عبد العليم، إن حزبه «سوف ينافس على جميع المقاعد الفردية والقوائم، ويسعي للمشاركة بنسبة متوازنة في البرلمان المقبل، قدرها بنحو 20 في المائة، وهي تقارب النسبة التي حصل عليها في آخر انتخابات برلمانية».
وأضاف عبد العليم، وهو برلماني سابق، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحزب لن يشارك في تحالفات انتخابية لتشكيل قائمة موحدة لخوض الانتخابات»، مؤكدا أنه «سيخوض الانتخابات منفردا».
ودعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحزاب المصرية أكثر من مرة لتشكيل قائمة موحدة لخوض انتخابات البرلمان، لكن عبد العليم أكد أن «التحالفات مع حزبه مستحيلة الآن، وأنه من الصعب أن يلتقي 106 أحزاب سياسية مصرية في تحالف موحد، لاختلاف وجهات النظر وتعدد أماكنها».
ويرى مراقبون أن «حزب النور يسعى لحصد إرث جماعة الإخوان المسلمين في البرلمان المقبل، ربما الظروف غير مواتية، لكن رغم ذلك يبدي الحزب جدية في تحركاته ويتجنب الصراعات التي تعاني منها أغلب الأحزاب».
وحل النور ثانيا في الانتخابات البرلمانية التي جرت أواخر عام 2011. ونجح في الحصول على 25 في المائة من مقاعد المجلس التشريعي، وفي ظل غياب جماعة الإخوان أكبر كتلة في البرلمان السابق، يأمل «النور» حصد النسبة الأكبر من مقاعد البرلمان المقبل، لترسيخ وجوده في السنوات المقبلة.
وقال الدكتور عبد العليم إن «الحزب غير قادر على تحديد النسبة المتوقعة له في البرلمان المقبل»، لكن الحزب يأمل في حصد عدد من المقاعد المتوازنة، ليؤكد وجوده في الشارع وفي الحياة السياسية المصرية.
وتجرى الانتخابات البرلمانية وفقا لنظام مختلط يجمع بين «الفردي» و«القائمة»، ويضم البرلمان 568 نائبا منتخبا بالاقتراع السري المباشر، ويجوز للرئيس المصري تعيين ما لا يزيد على 5 في المائة من الأعضاء، ويكون انتخاب مجلس النواب بواقع 448 مقعدا بالنظام الفردي، و120 مقعدا بنظام القوائم المغلقة المطلقة.
وفي فبراير (شباط) الماضي، حينما أعلنت اللجنة العليا للانتخابات فتح باب الترشيح، قبل صدور حكم بعدم دستورية قانون الانتخابات، كان النور الحزب الوحيد في البلاد الذي تمكن من تغطية 120 مرشحا على القوائم الحزبية.
وقال عضو المكتب الرئاسي لحزب النور، الذي يضم دعاة غير رسميين، إن «الحزب لن يرشح أقباطا أو نساء على مقاعد نظام الفردي، لكن سيتم ترشحيهم في القائمة».
ويحدد قانون الانتخابات مقاعد للشباب وللنساء وللمسيحيين وللشباب وللعمال والفلاحين، في حين تخصص مقاعد لذوي الاحتياجات الخاصة، والمصريين المقيمين في الخارج. وتعد الانتخابات البرلمانية هي ثالث استحقاقات خارطة المستقبل، التي تم التوافق عليها بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي قبل أكثر من عامين.
ونجح «النور»، أكبر الأحزاب الدينية في مصر في الوقت الراهن، وضع سيدات ومسيحيين على قوائم حزبه، وقال عبد العليم،، تعليقا على مكان السيدات والمسيحيين في قوائمه: «هناك مسيحيون ونساء على قوائم الحزب في نظام القائمة.. فنحن ملتزمون بنظام القائمة في الانتخابات، التي لا بد أن تمثل فيها المرأة والمسيحيون والشباب».
وعن الفعاليات التي يقوم بها «النور» لدعم مرشحيه في الانتخابات، قال عبد العليم إن «فترة وقف الانتخابات كانت فترة ركود للأحزاب، لكن الآن الكل يترقب موعد فتح باب الترشح لتعود النشاطات على أرض الواقع»، لافتا إلى أن «الحزب كان يقوم بعدد من المؤتمرات والفعاليات السياسية خلال الفترة الماضية».
وكشف عبد العليم عن أن «أنصار جماعة الإخوان يستهدفون مرشحي الحزب على مقاعد الفردي في المحافظات». وسبق أن اتهم حزب النور، الإخوان بالتعدي على أعضائه في عدد من المناطق. وأكد الحزب في بيان له مؤخرا أن «الهجوم على أعضائه المرشحين للبرلمان بسبب رفض النور دعم جماعة الإخوان الإرهابية في مخططها ضد الدولة المصرية».
ومن المقرر أن «تجتمع اللجنة العليا للانتخابات بتشكيلها الجديد خلال الساعات القليلة المقبلة، لإعلان ملامح الجدول الزمني للانتخابات وضوابط وشروط الترشح، وأنه من المرجح أن يكون موعد فتح باب الترشيح مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل، على أن تجري الانتخابات على مرحلتين، الأولي في أكتوبر (تشرين الأول)، والثانية في نوفمبر (تشرين الثاني)».
وأشار عبد العليم إلى أن الحزب سيبدأ في عقد المؤتمرات لمرشحيه عندما تعلن اللجنة العليا جدول الانتخابات، مضيفا: «سنبدأ في الدعاية الانتخابات عقب إعلان الموعد الرسمي لها».
ويرى مراقبون أن النور هو الحزب الوحيد في البلاد الذي كانت قياداته تواصل جولاتها في المحافظات لدعم مرشحي البرلمان، خلال الفترة الماضية، من خلال تنظيم قوافل للعلاج وتقديم خدمات إنسانية، وفي هذا الإطار أكد عبد العليم أن «فترة الهدوء التي حدثت عقب تأجيل الانتخابات أصابت كل الأحزاب بحالة فتور، لكن حزب النور موجود في الشارع فعلا ونشاطه لا يتوقف على الانتخابات فقط».
وكانت المحكمة الدستورية العليا أصدرت في مارس (آذار) الماضي حكمين بعدم دستورية مواد في قانوني تقسيم الدوائر الانتخابية، ومباشرة الحقوق السياسية، مما استدعى إرجاء الانتخابات لحين تعديل القوانين المنظمة للانتخابات.
ونفى عبد العليم أن يكون هناك أي تحالفات مع تيارات أو أحزاب إسلامية، بقوله: «الأحزاب الإسلامية عازمة على عدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية، وحتى لو قرر أحدها المشاركة فإن التنسيق مع حزب النور صعب، بسبب عدم وجود انسجام بين النور والأحزاب الأخرى المحسوبة على تيار الإسلام السياسي».
وشارك حزب النور في صياغة خارطة المستقبل المصرية عقب عزل مرسي في 3 يوليو (تموز) من العام قبل الماضي، وهو الموقف الذي أشعل الوضع بين الحزب وقوى إسلامية مؤيدة للجماعة، وما زالت تتهم جماعة الإخوان التي ينتمي إليها المعزول، حزب النور، بالوقوف ضد التجربة الإسلامية.
مصر: حزب النور يسعى لحصد إرث الإخوان في البرلمان
عضو المكتب الرئاسي لـ «الشرق الأوسط»: مشاركتنا في تحالف انتخابي مستحيلة حاليًا
مصر: حزب النور يسعى لحصد إرث الإخوان في البرلمان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة