الخارجية الأميركية تحتج على زيارة قاسم سليماني لموسكو

المتحدث باسم الخارجية: زيارة قائد فيلق القدس خرق للعقوبات الدولية ونناقش الأمر مع مجلس الأمن الدولي

قاسم سليماني
قاسم سليماني
TT

الخارجية الأميركية تحتج على زيارة قاسم سليماني لموسكو

قاسم سليماني
قاسم سليماني

قالت وزارة الخارجية الأميركية إن زيارة اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس في قوة الحرس الثوري الإيراني إلى موسكو الأسبوع الماضي تعد انتهاكا للعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على قوة الحرس الثوري ورئيسها والتي تحظر عليه السفر إلى الخارج في إطار العقوبات الأممية المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي. وقالت الخارجية الأميركية إن واشنطن ستطلب من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التحقيق في أمر هذه الزيارة.
وقال مارك تونر المتحدث باسم الخارجية الأميركية «لقد قلنا وقت الزيارة إن السفر سيكون انتهاكا لقرارات مجلس الأمن الدولي وبالتالي فهي مسألة خطيرة تثير قلق مجلس الأمن وبالطبع الولايات المتحدة وقد تحدثنا في هذا الأمر مع كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الروسية ونحن في طريقنا لرفع الأمر في نيويورك، وعازمون على العمل مع مجلس الأمن ولجنة العقوبات ضد إيران وفريق الخبراء في الأمم المتحدة لضمان إجراء التحقيق المناسب والمتابعة الكافية».
وأضاف تونر «لا تزال عقوبات الأمم المتحدة ضد سليماني سارية ولذا فإننا ندعو جميع الدول إلى احترام وتنفيذ جميع القرارات والعقوبات الصادرة بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي».
وأشار المتحدث باسم الخارجية الأميركية أن بلاده لم تتلق ردودا من الأطراف المعنية بهذا الأمر موضحا أنه تم مناقشة الأمر مع المسؤولين الروس لكن الخارجية الأميركية لم تتلق ردا حازما من الحكومة الروسية.
وقال تونر «نحن نحقق في الأمر ونناقش مع مجلس الأمن الدولي وهناك آليات للنظر في هذا الحدث ونبحث الغرض من سفره والغرض من لقاءاته وإذا كانت العقوبات تنطبق على سفره إلى موسكو».
وأشارت تقارير أن سليماني زار روسيا يوم الجمعة 24 يوليو (تموز) الماضي على متن رحلة تجارية من طهران وغادر موسكو يوم الأحد 26 يوليو. وقالت وكالة الأنباء شبه الرسمية في إيران بأن غرض الزيارة هو مناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، لكن شبكة فوكس نيوز أشارت إلى تكهنات أن سليماني قد ناقش مبيعات أسلحة روسية محتملة ورجحت مناقشة الأزمة السورية واحتمالات تخطيط طهران وموسكو للتقدم بمبادرة دبلوماسية حول الأزمة السورية إلى الأمم المتحدة.
وقد أثارت أنباء الزيارة ومناقشة سليماني تفاصيل صفقات أسلحة مع روسيا مخاوف بعض المسؤولين الأميركيين حول كيفية التنفيذ الصارم للاتفاق الذي أبرمته مجموعة الخمسة زائد واحد التي تضم روسيا، كما يثير التساؤلات حول نوايا روسيا ومدى تعاونها مع طهران. وينتقد أعضاء الكونغرس المعارضون للاتفاق النووي، حصول إيران على مليارات الدولارات بموجب رفع العقوبات التي يمكن أن تقوم طهران باستغلالها لانتهاج سياسات خارجية أكثر عدوانية في المنطقة، وتمويل الجماعات الإرهابية بما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في الدول المجاورة لها.
وتأتي رحلة اللواء سليماني لموسكو في وقت حساس بالنسبة لإدارة أوباما التي تعمل لحشد التأييد لصفقة الاتفاق النووي مع إيران وطمأنة مخاوف المتشككين في النوايا الإيرانية.
وقد أشادت إدارة الرئيس أوباما بدور روسيا والرئيس بوتين في المباحثات التي أجريت مع المسؤولين الإيرانيين وأثمرت عن الاتفاق النووي مع طهران. لكن وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد أشار في تصريحات سابقة إلى دعم روسيا للطلب الإيراني برفع الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على الأسلحة لإيران وطلبت روسيا أن يتم رفعه فورا. وتشير البنود الواردة في الاتفاق النووي أنه تم التوصل إلى حل توافقي يتم بموجبه رفع الحظر المفروض على استيراد وبيع الأسلحة التقليدية لإيران خلال خمس سنوات مع بعض التحفظات المتعلقة بنقل منظومة الصواريخ الباليستية واستمرار الحظر المفروض عليها إلى ثماني سنوات.
ويعد اللواء قاسم سليماني من أبرز الشخصيات العسكرية الإيرانية التي تعمل بدعم مباشر من المرشد الأعلى آية الله خامنئي وقد كان لسليماني دور هام في الإشراف على الدعم العسكري الذي قدمته إيران للرئيس بشار الأسد في سوريا ودور كبير في مساندة الميليشيات الشيعية في العراق إضافة إلى دوره في توجيه دعم طهران للمتمردين الحوثيين في اليمن.
وقد فرض مجلس الأمن الدولي في عام 2007 عقوبات على عدة شخصيات ومسؤولين إيرانيين بينهم اللواء قاسم سليماني بسبب صلتهم بالبرنامج النووي الإيراني وبرنامج تطوير الأنظمة الصاروخية. وبعد الاتفاق الذي أبرمته مجموعة الخمسة زائد واحد في فيينا الشهر الماضي فإن هذا الحظر من المتوقع أن يتم رفعه بعد ثماني سنوات في إطار البروتوكول الإضافي لرفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران – وفقا لالتزاماتها بتنفيذ بنود الاتفاق النووي.
وبالنسبة للولايات المتحدة شكل سليماني قلقا لواشنطن لفترة طويلة وفرضت الخارجية الأميركية عقوبات عليه في عام 2005 لدوره في دعم الإرهاب الدولي الذي يحظر عليه ممارسة الأعمال التجارية خارج إيران كما وضعته وزارة الخزانة الأميركية على لائحة العقوبات في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011 بعد أدلة أظهرت ضلوعه في المؤامرة التي دبرت لقتل السفير السعودي لدى الولايات المتحدة عادل الجبير (وزير الخارجية السعودي في الوقت الحالي) إضافة إلى دوره في دعم النظام السوري ودعم فيلق القدس لحركة طالبان ولحزب الله وجماعات إرهابية أخرى. وخلال الشهور الماضية سافر سليماني في زيارة علنية إلى العراق بغرض تقديم المشورة للميليشيات الشيعية التي تقاتل تنظيم داعش.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.