الرياضة في الصغر.. تقي من السرطان في الكبر

ممارسة الفتيات لها في مرحلتي الطفولة والصبا تقلل احتمالات الإصابة به

الرياضة في الصغر.. تقي من السرطان في الكبر
TT

الرياضة في الصغر.. تقي من السرطان في الكبر

الرياضة في الصغر.. تقي من السرطان في الكبر

في العصر الحديث ومنذ عدة عقود، لم تصبح الرياضة مجرد طريقة لشغل وقت الفراغ أو الترويح عن النفس فحسب، بل تعدت ذلك وأصبحت ضرورية للحفاظ على الصحة الجيدة، والوقاية من كثير من الأمراض وأبسطها البدانة. ومع تقدم الأبحاث العلمية بشكل مستمر، نكتشف فوائد جديدة لممارسة الرياضة وعلى عدة مستويات لم تكن مطروقة من قبل، وتتعدى الأثر العضوي المعروف مثل تأثيرها الإيجابي في الوقاية من بعض الأمراض النفسية. وأشارت أحدث الدراسات التي تناولت الآثار الجيدة للرياضة إلى أن ممارسة الرياضة بشكل كاف في فترة المراهقة يقلل من احتمالية الإصابة بالأورام السرطانية في البلوغ، خاصة لدى الفتيات.
وقد نشرت الدراسة الأميركية الحديثة في «دورية طبيعة مرض السرطان وعلاماته الحيوية وطرق منعه (Cancer Epidemiology، Biomarkers & Prevention)» في نهاية شهر يوليو (تموز) الماضي، من قبل «الرابطة الأميركية لأبحاث مرض السرطان (American Association for Cancer Research)».

* ممارسة الرياضة

وأشارت الدراسة إلى أن الفتيات اللاتي يمارسن الرياضة في عمر مبكر في فترة الطفولة والمراهقة، تقل لديهن نسبة الوفاة المبكرة في منتصف العمر من مرض السرطان أو الأمراض بشكل عام، بغض النظر عن نوعية التمارين وطبيعتها، سواء الرياضات التنافسية التي تتطلب بذل جهد كبير في التمرينات وخوض المباريات المختلفة، أو الرياضات البسيطة التي تمارس بغرض الاسترخاء فقط.
وكانت دراسة سابقة قد تم إجراؤها على الرجال الذين يمارسون الرياضة بانتظام، أشارت إلى أن الحياة الصحية وممارسة الرياضة تقلل من فرص الإصابة بأنواع معينة من السرطانات في منتصف الستينات أكتر من أقرانهم الذين لا يمارسون الرياضة.
الدراسة الجديدة قامت بتجميع بيانات عن 75 ألفا من السيدات الصينيات في شنغهاي من دراسة قام بها «مركز شنغهاي لدراسة صحة المرأة (Shanghai Women›s Health Study)» منذ عام 1996، ودراسة أسباب الوفاة والإصابة بأنواع معينة من السرطانات. وقام الباحثون بعمل مقابلات شخصية مع السيدات كل عامين أو ثلاثة لسؤالهن حول طبيعة الحياة التي يعشنها وما إذا كن يمارسن الرياضة أم لا، أو سبق لهن ممارسة الرياضة في سنوات المراهقة من عمر 13 وحتى عمر 18 سنة، وأيضا تم أخذ عينات من الدم والبول، وذلك بعد استبعاد كل العوامل الأخرى مثل الأمراض المزمنة والعوامل الاجتماعية والاقتصادية والحالة النفسية.
وقد وجد الباحثون أنه بعد نحو 13 عاما من الدراسة رصدت 5.282 ألف حالة من الوفيات لدى السيدات اللاتي شاركن في الدراسة كان 2.375 ألف حالة منها نتيجة للإصابة بالأورام السرطانية، بينما كانت 1.620 ألف حالة نتيجة للإصابة بأمراض القلب. ولاحظ الباحثون أن النساء اللاتي شاركن في التمرينات الرياضية في فترة المراهقة كانت لديهن أقل معدلات الخطورة لاحتمالية الوفاة نتيجة للإصابة بالأورام السرطانية أو الأمراض الأخرى بشكل عام، من بقية السيدات الأخريات ممن لم يمارسن الرياضة في فترة المراهقة.
وكانت السيدات اللاتي قد مارسن الرياضة لمدة 1.33 ساعة فقط كل أسبوع أو حتى أقل من تلك الفترة الوجيزة أقل عرضة للإصابة بالسرطانات بنسبة نحو 16 في المائة، وأقل عرضة بنسبة 15 في المائة للإصابة بأمراض القلب، وأيضا بلغت النسبة 13 في المائة لاحتمالية الإصابة بأمراض السرطانات والأمراض الأخرى على حد سواء بالنسبة للنساء اللاتي مارسن الرياضة وهن مراهقات أكثر من ساعة ونصف أسبوعيا.
وبالنسبة للسيدات اللاتي مارسن الرياضة بشكل مكثف أكثر (بمعني المشاركة في فرق نظامية) فقد كن أقل عرضة للإصابة بالسرطانات 14 في المائة، وانخفضت النسبة لتصل إلى 10 في المائة فقط لاحتمالية الوفاة لأي سبب آخر. والنسبة للسيدات اللاتي استكملن ممارسة الرياضة في البلوغ ومنتصف العمر، كانت احتمالية الوفاة لأي سبب أقل 20 في المائة من أقرانهن.

* ممارسة متواصلة

وأشارت الدراسة إلى أنه حتى العوامل التي تم تثبيتها عند إجراء الدراسة بين السيدات (مثل الأمراض المزمنة والسمنة ومؤشر كتلة الجسم BMI) أيضا تأثرت بممارسة الرياضة في المراهقة وأن ذلك يجب أن يوضع في الحسبان. وبذلك تشكل ممارسة الرياضة في المراهقة عاملا مهما جدا في الحفاظ على حياة صحية بشكل عام، وفقا للدراسة.
وكان الباحثون قد نصحوا بأنه تجب ممارسة الرياضة بشكل متقطع على مدار اليوم بالنسبة للمراهقين، بمعني ممارسة دقيقتين فقط من التدريبات المكثفة القوية، ولكن أربع مرات يوميا مثل التعامل مع الأطفال. وأضافت أن ممارسة دقيقتين من التمرينات العنيفة كفيلة بتنظيم مستوى الغلوكوز في الجسم، وكذلك التحكم في الدهون، خاصة أن المراهقين هم الفئة الأكثر عرضة لتناول الوجبات المشبعة بالدهون والسكريات من مطاعم الأغذية السريعة.
وحذرت الدراسة من ترك المراهقين الرياضة، خاصة في الدول المتقدمة، نظرا لشيوع التكنولوجيا وعوامل الجذب الأخرى للمراهقين، بخلاف الرياضة البدنية، خاصة أن المراهق في الأغلب لا يمتثل للتعليمات باتباع نظم غذائية معينة، وأيضا لأن المراهقين يتمتعون بطاقات كبيرة يجب استغلالها في الرياضة، وقالت إن ممارسة الرياضة الشاقة (high - intensity exercise) لمدة دقيقتين أفضل من الرياضة الأقل في التمرينات ولكن لفترات طويلة، وذلك لتلافي قضاء وقت طويل، مما يمكن أن يسبب للمراهق التعب أو الإحباط من عدم مقدرته على أداء تمرينات معينة أو الاستمرار فترة طويلة في الملعب.
في النهاية تظل ممارسة الرياضة من أفضل الطرق للحفاظ على الصحة والبعد عن العادات الصحية الضارة مثل الإدمان أو التدخين أو شرب الكحوليات.

* استشاري طب الأطفال



باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».