إغلاق المسجد الأقصى لساعات لتمكين المتطرفين اليهود من أداء صلواتهم

دخول رئيس «الشاباك» إليه أثار قلق المصلين من خطة لتقسيم باحته

فلسطينيات غاضبات في مواجهة عنصرين من قوات الأمن الإسرائيلية التي أغلقت بوابات القدس المؤدية إلى المسجد الأقصى (أ.ف.ب)
فلسطينيات غاضبات في مواجهة عنصرين من قوات الأمن الإسرائيلية التي أغلقت بوابات القدس المؤدية إلى المسجد الأقصى (أ.ف.ب)
TT

إغلاق المسجد الأقصى لساعات لتمكين المتطرفين اليهود من أداء صلواتهم

فلسطينيات غاضبات في مواجهة عنصرين من قوات الأمن الإسرائيلية التي أغلقت بوابات القدس المؤدية إلى المسجد الأقصى (أ.ف.ب)
فلسطينيات غاضبات في مواجهة عنصرين من قوات الأمن الإسرائيلية التي أغلقت بوابات القدس المؤدية إلى المسجد الأقصى (أ.ف.ب)

أغلقت الشرطة الإسرائيلية غالبية بوابات المسجد الأقصى في وجه المصلين المسلمين، ومنعت كل من هو دون سن الخمسين من دخوله، وذلك في سبيل تسهيل دخول ثلاثين يهوديًا متطرفًا إلى باحته. وقد فوجئ المصلون بوجود رئيس جهاز المخابرات العامة، يورام كوهن، بين «الزائرين»، واعتبروا ذلك «استفزازًا على مستوى عالٍ». فيما اعتقلت قوات الأمن الإسرائيلية عددًا من الشبان الفلسطينيين الذين تصدوا للمتطرفين اليهود ودفعوهم إلى الهرب.
وكانت جماعات تابعة لمنظمات «الهيكل»، دعت إلى تنفيذ عمليات اقتحام جماعية صباح الأحد، بدعوى «استمرار الصلوات لمناسبة ذكرى خراب الهيكل». ودعت الشباب اليهودي إلى الحضور إلى الأقصى باللباس العسكري، حتى يثيروا الفزع في نفوس الفلسطينيين، ويمنعوا الشرطة الإسرائيلية من إبعادهم. و«بشروا» اليهود بقرار من محكمة الصلح في القدس، رفض فيه القاضي طلب الشرطة محاكمة مصلّ يهودي لأنه استخدم البوق في باحة الأقصى. ووزعوا نص القرار الذي يقول إنه «مثلما يُتاح للمسلمين إدخال الطبول إلى الأقصى، ينبغي السماح لليهود بأن يستخدموا البوق»، متجاهلا حقيقة أن البوق هو جزء من الدعوة للصلاة اليهودية، كما هو الآذان لدى الإسلام، بينما الطبول تستخدم للاحتفالات الدينية.
وقد فرضت الشرطة الإسرائيلية حصارًا على الحرم القدسي، ودفعت بقوات كبيرة على جميع مداخله، وأغلقت جميع أبواب المسجد باستثناء أربعة، هي: باب المغاربة، الذي يستخدم لإدخال اليهود والسياح، وباب السلسلة، وباب المجلس، وباب حطة التي أبقت عليه مفتوحًا، بعد أن أقامت حواجز عسكرية عليه.
وأعلنت الشرطة أنها لن تسمح للمصلين والمصليات المسلمات ما دون سن الخمسين بدخول الأقصى، حتى إشعار آخر. وحتى من سمحت لهم بالدخول، تم احتجاز بطاقات هوياتهم.
ودخل المتطرفون اليهود وسط هتافات المصلين المسلمين وتكبيراتهم، فيما رفع المصلون المحرومون من الدخول صور الشهيد الرضيع علي دوابشة، الذي أحرق حيا هو وشقيقه ووالداه في قرية دوما في الضفة الغربية، وقد كتب عليها باللغات الثلاث؛ العربية والعبرية والإنجليزية: «قتلة أطفال». وقد حاولت الشرطة تفريقهم بالقوة، واعتدت بالضرب على الكثير منهم، واعتقلت خمسة شبان، بينهم جرحى. وألقت عليهم قنابل صوتية ودخانية ومسيلة للدموع. لكن المصلين تمكنوا من طرد المتطرفين، الذين هرعوا يفرون من وجوههم عبر باب المغاربة.
وذكرت الشرطة العسكرية أنها اعتقلت ثلاثة من المتطرفين اليهود الذين اقتحموا الأقصى، مع الشبان اليهود الآخرين، وأنها ستقدمهم للمحاكمة لأنهم خرقوا أوامر الجيش.
وفي خطوة غير مسبوقة، قالت مصادر في دائرة الأوقاف الإسلامية، إن رئيس جهاز «الشاباك»، يورام كوهين، دخل المسجد الأقصى لأول مرة، مما أثار قلقهم من خطر تخطيط عمليات اقتحام منظمة في المستقبل. ويخشى الفلسطينيون من إقدام الحكومة الإسرائيلية على تقسيم باحات المسجد بين المصلين اليهود والمسلمين، كما حصل في الحرم الإبراهيمي بالخليل.
يُشار إلى أن انتهاكات الأقصى والاعتداء على المصلين فيه، لم تتوقف منذ أحداث «ذكرى خراب الهيكل»، قبل أسبوع، وأن الحكومة الإسرائيلية لم تتخذ أي قرار للحد منها.
من جهة ثانية، نددت «مؤسسة الأقصى للوقف والتراث» في إسرائيل بافتتاح مقهى، أمس، على أرض مقبرة «مأمن الله» الإسلامية التاريخية في القدس الشرقية المحتلة. وكانت البلدية الإسرائيلية قد أجلت افتتاح المقهى لأسابيع، بعدما أثار الأمر غضبًا عارمًا في أوساط المسلمين، إذ ينطوي المشروع على سلسلة أضرار للمقدسات، من نبش القبور، إلى انتهاك الحرمات، ونهب أراضي الوقف، وحتى بيع الخمور. واعتبرت المؤسسة الأمر «سلسلة أخرى من مسلسل الانتهاك بحق هذه المقبرة». وقالت إن «مقبرة (مأمن الله) العريقة والتاريخية، وتزيد مساحتها على مائتي دونم، هي مقبرة يعود تاريخها إلى ما قبل 1400 عام، ومدفون فيها عدد من صحابة الرسول الكريم. وقد تعرضت هذه المقبرة وما زالت تتعرض إلى أقسى أنواع الانتهاك من قبل المؤسسة الإسرائيلية، التي تضرب بعرض الحائط الحد الأدنى من الاعتبارات الأخلاقية والإنسانية، فقد تم اقتطاع أجزاء كبيرة منها لإقامة الفنادق والحدائق العامة».
وتابعت: «يعد افتتاح هذا المقهى سلسلة أخرى من مسلسل الانتهاك بحق هذه المقبرة، بعد المباشرة في بناء ما يسمى متحف (التسامح) على جماجم أموات المسلمين الذين ووروا التراب في هذه المقبرة، كما أن الجزء المتبقي من المقبرة (20 دونما) التي ما زالت شواهد القبور تشهد على إسلاميتها، يتعرض بشكل يومي للتدنيس والانتهاك، وتمارس في جنباتها (المقبرة) أعمال الرذيلة. ومع كل هذا ما زلنا نؤكد أن مقبرة (مأمن الله) بكامل مساحتها، هي مقبرة إسلامية عريقة، وما يجري من تغييرات عليها لا يغير من حقيقة الأمر؛ أنها مقبرة إسلامية إلى يوم الدين».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».