فاز رئيس بوروندي بيير نكورونزيزا بفترة رئاسية ثالثة مدتها خمس سنوات بعد أن قاطعت أحزاب المعارضة الانتخابات، ما شكل حسب بعض المراقبين انتصارا قد يزيد من حالة الانقسام في هذا البلد الصغير الواقع في شرق أفريقيا، ويجعله عرضة لعزلة دولية بعد شهور من الاضطراب وأحداث العنف.
ودفع قرار نكورونزيزا الترشح لفترة رئاسية ثالثة البلاد إلى أتون أكبر أزمة سياسية عرفتها منذ انتهاء الحرب الأهلية العرقية عام 2005، حيث قالت المعارضة إن مسعى نكورونزيزا للحصول على ولاية ثالثة يمثل انتهاكا للدستور.
وحصل نكورونزيزا على 69.41 في المائة من الأصوات من بين 2.8 مليون ناخب أدلوا بأصواتهم، وحقق أغلبية مريحة في المناطق الريفية، حيث يعيش معظم سكان بوروندي، البالغ عددهم عشرة ملايين نسمة. فيما حصل منافسه الأقرب أجاثون رواسا على نسبة 18.99 في المائة. وقد أجريت الانتخابات يوم الثلاثاء، بعد ثلاثة أشهر من أزمة سياسية واسعة في البلاد تخللتها اضطرابات إثر إعلان ترشيحه، رغم دعوات زعماء أفارقة وقوى غربية إلى تأجيلها بسبب تصاعد حدة الاضطراب ومقاطعة مرشحي المعارضة، الذين ظلت أسماؤهم مكتوبة على أوراق الاقتراع.
وأعلن بيار كلافي ندايكاري، رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، أمس الجمعة أن نكورونزيزا حصل على 69.4 في المائة من الأصوات، وفق نتائج فرز بطاقات الاقتراع. وهي ثالث ولاية لنكورونزيزا الذي انتخب في سنة 2005 وعام 2010. وقد بلغت نسبة المشاركة 73.44 في المائة من الأصوات، حسبما ذكرت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، فيما لاحظ مراقبون وصحافيون إقبالا متوسطا على مكاتب التصويت.
وكان الفوز الكبير، الذي أحرزه نكورونزيزا في الدورة الأولى متوقعا إلى حد كبير، لأن المعارضة دعت إلى المقاطعة. وكنتيجة لذلك فاز رئيس الدولة في 16 من أقاليم البلاد الثمانية عشر، وخصوصا بوجمبورا التي لا يحظى فيها بتأييد، لكن صوت فيها عدد كبير من الجنود وعناصر الشرطة الذين انتشروا في العاصمة يوم الانتخابات.
فيما حل أبرز المعارضين اغاتون رواسا، الذي يمثل تحالف «مستقلو الأمل» المعارض، في المرتبة الثانية، وفاز في ريف بوجمبورا، معقله التقليدي، وفي رومونغ (جنوب شرق). ومن دون أن يسحب رسميا ترشيحه، أعلن رواسا أنه لا يعترف بشرعية الانتخابات.
وحل بعدهما جيرار ندوايو، مرشح (أوبرونا) الذي يعد أبرز حزب توتسي بنسبة (2.14 في المائة)، وجان ميناني، الذي يمثل المعارضة بنسبة 1.36 في المائة، وجاك بيغيرامانا بنسبة (1.1 في المائة)، والرئيس السابق دوميتيان ندايزيي بنسبة 0.71 في المائة، وجان دو ديو موتابازي الذي يمثل التيار الرئاسي بنسبة 0.16 في المائة، والرئيس السابق سيلفستر نتيبانتونغانيا بنسبة 0.14 في المائة.
ومباشرة بعد إعلان النتائج أعلنت المجموعة الدولية أن مناخ الترهيب وأعمال العنف السياسية، وغياب وسائل الإعلام الخاصة في دولة بوروندي، لم تسمح بإجراء انتخابات تتمتع بمصداقية. فيما جمد أبرز شركاء البلاد جزءا من برامجهم، وهددوا بقطع أي مساعدة إلى بوروندي، التي تعد أحد البلدان العشرة الأقل نموا في العالم، والتي تعتمد كثيرا على المساعدة الدولية.
ويشير ضعف الإقبال على التصويت في العاصمة بوجمبورا، التي شهدت احتجاجات استمرت عدة أسابيع ضد نكورونزيزا قبل موعد الانتخابات، إلى أن المعارضة لرئاسة نكورونزيزا لا تزال قوية، وهذا ما أفرزته صناديق الاقتراع، حيث لم تتجاوز نسبة الإقبال على التصويت بالعاصمة نسبة 75.29 في المائة، في حين بلغت النسبة على مستوى البلاد 44.73 في المائة فقط.
وكان زعماء أفارقة وقوى غربية قد طالبت بإرجاء الانتخابات بسبب تزايد انعدام الأمن. ولذلك يخشى قادة إقليميون ودبلوماسيون غربيون من انزلاق بوروندي من جديد إلى حرب أهلية، ما لم يتم التوصل إلى حل للتوتر السياسي في البلاد. وفي هذا السياق، قالت السفيرة الأميركية لدى بوروندي إن الولايات المتحدة ستجري مراجعة لعلاقاتها مع بوروندي، ومستوى مساعداتها له خلال الشهرين المقبلين، بعدما أجرى انتخابات تقول واشنطن أنها غير جديرة بالثقة.
وتقدم الولايات المتحدة تدريبات ومعدات قيمتها نحو 80 مليون دولار سنويا للجيش ولقوات الأمن في بوروندي، إلى جانب مساعدات أخرى، وقد سبق لواشنطن ومانحون آخرون أن طالبوا نكورونزيزا على الالتزام بالحد الأقصى للرئاسة، وهو فترتان، الذي نص عليه اتفاق للسلام أنهى حربا أهلية في 2005.
وقالت السفيرة دون ليبري أمس إنه سيجري خلال الشهرين المقبلين «مراجعة مستوى مساعدتنا وما هي البرامج التي ستستمر أو لن تستمر»، ودعت إلى اتخاذ خطوات لضمان الحريات الديمقراطية الكاملة، ونزع سلاح الميليشيات، ورفع القيود المفروضة على وسائل الإعلام بعدما جرى إغلاق محطات إذاعة خاصة. كما دعت كافة الأطراف إلى العودة إلى عملية الوساطة، ومحاولة إيجاد طريق إلى الأمام يكون شاملا.
من جانبها، قالت الحكومة إن الانتخابات كانت نزيهة، واتهمت المعارضة بإذكاء التوترات، وشددت على أنها تريد علاقات جيدة مع البلدان المانحة، لكنها لن تسمح لهم بإملاء سياسات عليها. وفي هذا الصدد قال ويلي نياميتوي مستشار الرئيس للصحافيين «إننا نعطي الأولوية لكرامتنا، ولن نقبل أن يأتي أناس ليفرضوا قانونهم ووجهة نظرهم في بلدنا».
رئيس بوروندي يفوز بفترة رئاسية ثالثة في انتخابات مثيرة للخلاف
أحزاب المعارضة قاطعتها.. وقوى غربية وزعماء أفارقة طالبوا بتأجيلها
رئيس بوروندي يفوز بفترة رئاسية ثالثة في انتخابات مثيرة للخلاف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة