الوسطاء الدوليون يأملون توقيع اتفاق سلام بجنوب السودان منتصف الشهر المقبل

مسؤول أممي يحذر من النتائج المروعة للحرب على سكان البلاد

الوسطاء الدوليون يأملون توقيع اتفاق سلام بجنوب السودان منتصف الشهر المقبل
TT

الوسطاء الدوليون يأملون توقيع اتفاق سلام بجنوب السودان منتصف الشهر المقبل

الوسطاء الدوليون يأملون توقيع اتفاق سلام بجنوب السودان منتصف الشهر المقبل

يأمل الوسطاء الدوليون توقيع اتفاق سلام قبل 17 من أغسطس (آب) المقبل، بهدف إنهاء الحرب الأهلية المدمرة الدائرة منذ نهاية 2013 في جنوب السودان، وذلك رغم التأجيل المتكرر في الشهور السابقة.
ويتوقع وصول المفاوضين عن طرفي النزاع الجمعة المقبل إلى أديس أبابا للاطلاع على مسودة الاتفاق، على أن تعقد قمة في العاصمة الإثيوبية في الخامس من أغسطس المقبل لتوقيع الاتفاق.
وقال سيوم موسيفين، وسيط منظمة إيغاد لدول شرق أفريقيا أمس إن «الوساطة اقترحت اتفاقا محايدا نعتقد بصدق أنه مقبول لطرفي النزاع للفترة الانتقالية»، مضيفا أن مسودة اتفاق «الحكومة الانتقالية الجامعة»، الذي تبناه الوسطاء الدوليون، تأخذ في الاعتبار كافة عناصر المشكلة التي أدت إلى اندلاع النزاع، والمتمثلة في الحوكمة وإدارة الاقتصاد، وأجهزة الأمن وتقاسم السلطة.
وكانت كل جلسات الحوار السابقة التي بدأت مع اندلاع النزاع، قد عرفت فشلا كبيرا، وبسبب ذلك بقيت كل اتفاقات وقف إطلاق النار السبعة السابقة حبرا على ورق.
ويستعيد الاتفاق الحالي جزءا كبيرا من المقترحات السابقة، التي رفضها الرئيس سلفا كير وخصمه ونائبه السابق رياك مشار في السادس من مارس (آذار) الماضي، مع تصحيح حول نسب تقاسم السلطة داخل المؤسسات، وفق مصدر مقرب من الملف.
وردا على سؤال حول تفاقم النزاع خلال الأشهر الماضية في وقت توجه فيه للطرفين اتهامات بارتكاب فظائع مروعة، قال موسيفين: «إننا نأمل أن يكون المتنازعون قد أدركوا عواقب أعمالهم».
وانضم إلى وسطاء «إيغاد» أخيرا 5 بلدان عينها الاتحاد الأفريقي، هي الجزائر ونيجيريا وتشاد وجنوب أفريقيا ورواندا، التي تمثل كل منها منطقة في القارة، بالإضافة إلى الصين والأمم المتحدة ودول الترويكا، وهي الولايات المتحدة والنرويج وبريطانيا.
وعلى صعيد متصل بالأزمة في جنوب السودان، حذر ستيفن أوبراين، نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، أمس الخميس، من النتائج «المروعة» للحرب في جنوب السودان على السكان خلال تفقده الوضع، وذلك بعد 19 شهرا من الحرب الأهلية التي شهدت عدة فظاعات في حق المواطنين.
ويقوم أوبراين بجولة في البلاد تدوم أربعة أيام بهدف الاطلاع «مباشرة على نتائج النزاع وجهود منظمات الإغاثة للرد على الاحتياجات المتزايدة»، وفق بيان للأمم المتحدة أشار إلى زيادة انتشار الجوع في ربوع البلاد.
وقال البيان إن «أمن السكان الغذائي في وضع ينذر بالخطر، إذ يتوقع أن يعاني قرابة 70 في المائة من السكان من انعدام الأمن الغذائي خلال فصل الأمطار الحالي»، موضحا أن ذلك يشمل 7.9 مليون من أصل سكان جنوب السودان، البالغ عددهم 11.6 مليون شخص.
والتقى أوبراين مساء أول من أمس بعض اللاجئين المقيمين في قواعد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، التي لجأ إليها نحو 166 ألف مدني منذ بداية النزاع في ديسمبر (كانون الأول) 2013، لكنهم يخشون اليوم الخروج منها خوفا من هجمات انتقامية.
وأضاف أوبراين أنه «بعد الحديث مع مجموعات اللاجئين في جوبا، فإنه من الواضح أن الحرب الوحشية خلفت حصيلة مروعة»، وذلك بعد قيامه بجولة على مخيم في جوبا، يكابد فيه عمال الإغاثة لوقف انتشار وباء الكوليرا، الذي حصد حياة 39 شخصا على الأقل.
واندلعت الحرب الأهلية في ديسمبر 2013 في العاصمة جوبا عندما أقال الرئيس سلفا كير، وهو من قبيلة الدينكا، نائبه السابق رياك مشار الذي ينتمي إلى قبيلة النوير، لاتهامه بالتخطيط لانقلاب عسكري ضده.
وسرعان ما تفاقمت الخصومة السياسية بينهما، وتحولت إلى نزاع قبلي تميز بانقسام الجيش وارتكاب مجازر بين القبيلتين، خلفت عشرات آلاف القتلى، وفق تقارير الأمم المتحدة في غياب حصيلة رسمية.
ومن المقرر أن يزور أوبراين قاعدة للأمم المتحدة في بنتيو، عاصمة ولاية الوحدة الشمالية، حيث يتجمع أكثر من 100 ألف مدني داخل مخيم في المدينة المدمرة.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.