أسبوع لندن لخريف وشتاء 2014لفتة ابتكار وتركيز على الأسواق العالمية

اتفاق الأجيال على عقد زواج بين الفني والتجاري

ماثيو ويليامسون Matthew Williamson - جوليان ماكدونالد Julien Macdonald - جون بيير براغنزا Jean-Pierre Braganza - جون روشا  John Rocha - جاسبر كونران Jasper Conran - «داكس» Daks - هولي فولتون Holly Fulton
ماثيو ويليامسون Matthew Williamson - جوليان ماكدونالد Julien Macdonald - جون بيير براغنزا Jean-Pierre Braganza - جون روشا John Rocha - جاسبر كونران Jasper Conran - «داكس» Daks - هولي فولتون Holly Fulton
TT

أسبوع لندن لخريف وشتاء 2014لفتة ابتكار وتركيز على الأسواق العالمية

ماثيو ويليامسون Matthew Williamson - جوليان ماكدونالد Julien Macdonald - جون بيير براغنزا Jean-Pierre Braganza - جون روشا  John Rocha - جاسبر كونران Jasper Conran - «داكس» Daks - هولي فولتون Holly Fulton
ماثيو ويليامسون Matthew Williamson - جوليان ماكدونالد Julien Macdonald - جون بيير براغنزا Jean-Pierre Braganza - جون روشا John Rocha - جاسبر كونران Jasper Conran - «داكس» Daks - هولي فولتون Holly Fulton

تنفس منظمو أسبوع الموضة اللندني الصعداء، يوم الثلاثاء الماضي، ليس لأنه همّ ثقيل انزاح عن أكتافهم، بل لأن جهدهم لم يذهب سدى، وكان أسبوعا ناجحا بكل المقاييس. فلا يوم الحب ألهى المحبين عنه، ولا الأمطار المتهاطلة جعلت المتابعين يعزفون عنه، ولا حفل توزيع جوائز «البافتا» سرق الأضواء منه. صحيح أن الطقس لم يكن رحيما به بدليل أن طائرات كانت تقل رئيسة تحرير مجلة «فوغ» الأميركية، أنا وينتور، ومجموعة من الشخصيات المهمة حطت في نيوكاسل عوض لندن، بسبب سوء الأحوال الجوية والرياح القوية، إلا أن هذا لم يؤثر كثيرا على المزاج العام للأسبوع. ولا شك أنا وينتور، تفهمت الوضع وقدرت أن السلامة أهم من أن تتضايق من الهبوط في مدينة لا علاقة لها بالموضة.
الطائرة الثانية التي كانت تقل مجموعة من العارضات، مثل جورجيا ماي جاغر، وكندل جينر وجوردان دون، فضلا عن باقة من وسائل الإعلام مثل هاميش بولز، وهو زميل أنا وينتور في مجلة «فوغ»، تعرضت هي الأخرى للمصير نفسه، وجرى توجيهها لنيوكاسل. اللافت في هذه الصورة، ليس ما تعرض له هؤلاء من إزعاج وتعب، بل سرعتهم في مغادرة نيويورك ليسجلوا حضورهم في حفل افتتاح أسبوع لندن، صباح يوم الجمعة الماضي. فرغم أن أسبوع نيويورك كان غنيا ومتنوعا، كما أكدت العروض التي تابعناها واستغرقت سبعة أيام على الأقل، فإن ما لا يختلف عليه اثنان أن لندن أصبحت تحظى بالأهمية نفسها، أو أكثر، إذا أخذنا بعين الاعتبار جانب الابتكار الذي تفتقده باقي عواصم الموضة. ثم لا ننسى أنها أتقنت فن الجذب، وتوظف له كل إمكاناتها الشابة، التي تتمثل في مجموعة من المصممين يتمتعون بفورة الشباب، ولا يتوقفون عن ضخها بجرعات قوية ومركّزة من الحيوية. طبعا لا يمكن إلا أن نعيد بعض الفضل في هذا إلى ناتالي ماسيني، مؤسسة موقع التسوق الإلكتروني «نيت أبورتيه دوت كوم»، التي منذ أن تولت رئاسته في بداية العام الماضي، وهو يشهد ديناميكية جديدة تجعله يرتقي بالتدريج إلى مستوى عالمي أكبر وبدرجة تجعل باقي الأسابيع يحسبون له ألف حساب. فبالإضافة إلى علاقاتها الواسعة مع المشترين ووسائل الإعلام والمصممين، فهي أيضا تتمتع بقدرة على التسويق يحسدها عليها الفطاحل في هذا المجال، مما يؤكده نجاحها، وفي فترة وجيزة، أن تستقطب للأسبوع كل الأسماء المهمة، التي كانت تعدّه محطة ترانزيت من نيويورك إلى ميلانو، لا أقل ولا أكثر. قد يقول البعض إنها ليست من بدأت عملية التطوير والتسويق، إذ سبقها إلى ذلك سلفها رجل الأعمال والمليونير هارولد تيلمان، الذي تسلمت المشعل منه، وهذا صحيح، إلا أن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أنها كانت قوة دفع لم تشهد لها لندن مثيلا منذ عقود بحكم علاقاتها الواسعة. فمن كان يتصور أن لا تتردد وسائل الإعلام في اتخاذ قرار مغادرة أسبوع نيويورك يوم الخميس الماضي، وهو اليوم الأخير، لضمان وصولهم في الوقت المناسب لافتتاح أسبوع لندن على الرغم من أن أغلب مصمميه لا يعلنون في مجلاتهم؟
كل من تابع تاريخ الأسبوع، يعرف أنه قبل خمس سنوات تقريبا، كان يعاني من ظلم باقي العواصم له. فنيويورك، مثلا، كانت ولا تزال، تتعمد تخصيص اليوم الأخير لبعض مصمميها الكبار، حتى «تلوي» ذراع وسائل الإعلام والمشترين وتضمن بقاءهم فيها، وميلانو لم تقبل تغيير برنامجها وتؤخره ولو ليوم واحد، حتى تمنحهم فرصة للتنفس، بيد أن الوضع تغير الآن، بشهادة بعض من كانوا في نيويورك. فعرض «مارك جايكوبس» الذي اختتم به الأسبوع مساء يوم الخميس الماضي، وعلى الرغم من أهميته، بحكم أنه أول عرض له منذ أن غادر دار «لوي فويتون» ليتفرغ لخطه الخاص «مارك جايكوبس»، لوحظ فيه غياب بعض الأسماء المهمة، وهو ما لم يكن ليحدث سابقا أو يخطر على البال.
لندن تدرك أنها بدأت تسحب السجاد من بعض هذه العواصم، ولا تفوت أي مناسبة للافتخار بشبابها. كما أن منظمة الموضة البريطانية، لا تملّ من نشر دراسات وتقارير تفيد بأهمية الموضة عموما كصناعة، مثلها مثل باقي الصناعات الأخرى، وربما أكثر تأثيرا منها وربحا. آخر هذه التقارير أعلنت عن نموها الملحوظ هذا العام، لتصل قيمتها إلى 26 مليار دولار في بريطانيا وحدها. كما قدر خبراء اقتصاد من جامعة «أكسفورد» بأنها باتت توفر 797 ألف وظيفة. من كل هذا نستخلص أن لندن تعيش عصرا ذهبيا جديدا لم تشهده منذ الستينات، حين كانت العاصمة التي تولد فيها صرعات الموضة واتجاهاتها، وحين كانت محلاتها تضج بابتكارات مصممين شباب لم يسمع عنهم أحد من قبل، لكنهم كانوا يؤثرون على ثقافة الشارع ويغرفون منها في الوقت ذاته. والطريف أن بين العهدين عدة قواسم مشتركة، فبينما كانت رؤيتهم في الماضي التحرر من قيود الماضي ومحو المآسي التي خلفتها الحروب والأزمات الاقتصادية، والتخلص من ألوانها الرمادية والقاتمة، فإن نظرة إلى ما قدمه المصممون هذا الموسم، تؤكد أيضا أنهم يتحدون الأزمة الاقتصادية بالتفاؤل والألوان والأناقة التي تبيع. ما غاب من الصورة القديمة هو الابتكار الجامح الذي يصل أحيانا إلى حالة من الجنون، حين كان المصممون لا يعترفون بمفهوم التسويق التجاري ويفضلون «الفني»، ويعتمدون عليه لجذب الأنظار. الأمر تغير الآن، فقد توسعت هذه الصناعة وأصبحت المنافسة شرسة، لا مكان فيها للفني وحده، وبات على المصمم أن يتقن فنون البيع أيضا، وهذا ما أشارت إليه كارولين راش، وهي من المسؤولين الكبار لمنظمة الموضة البريطانية في لقاء خاص بأن «مهمة الأسبوع أن يحول التشكيلات التي يقدمها المصممون إلى تجارة»، أي إلى تشكيلات تبيع.
من جهتها، تعهدت ناتالي ماسيني، بأن تدعم الشباب وتساعدهم على التوسع والانتشار عالميا، ليس بدعمها الابتكار وحده، بل أيضا بتقديم يد العون لكل من له رؤية واضحة ونظرة تجارية، أيا كانت جنسيته. لم يكن هذا مجرد كلام، بدليل العروض المتنوعة لمصممين صاعدين من كل أنحاء العالم، بل وفتحت الفرصة للمصممة «جي جي إس لي»، أن تفتتح الأسبوع.
للعلم، فإن «جي جي إس لي» من مواليد سيول، لكنها انطلقت من لندن، ولفتت الانتباه إلى تصاميمها في المواسم الماضية، مما يجعلها من الشباب الذي تراهن عليهم لندن. لم تخيب المصممة الآمال يوم الجمعة الماضي، حيث تضمن عرضها كثيرا من القطع ذات الخطوط البسيطة والواضحة، وكان أجمل ما فيه أزياء خاصة بالنهار والنزهات الخلوية بألوان الأسود والأخضر الزيتوني الغامق تتخللها طبعات خفيفة.
الشاب جون بيير براغزا، قدم أيضا وفي اليوم نفسه تشكيلة أنيقة تميزت بالتفصيل، مع لمسة إنجليزية مثيرة تمثلت في بنطلونات منخفضة الخصر أحيانا، وجاكيتات قصيرة يظهر منها قليل من الخصر، بعضها من الجلد، وبعضها الآخر بخامات أخرى. كانت التشكيلة كما اعترف لنا بعد العرض موجهة لامرأة قوية «لا تقبل بأن يدوس على طرفها أحد». لكن الملاحظ فيها أن الشطحات غابت وحلت محلها تصاميم يمكن تسويقها بسهولة، خصوصا أن الكثير منها عبارة عن قطع منفصلة يمكن للمرأة أن تنسقها بطريقتها وحسب أسلوبها الخاص.
ما يشهد على تطوره ونضجه ابتعاده عن أسلوب الـ«بانك» الشبابي الذي كان يطبع تصاميمه في السابق.
في المقابل، تحتفل دار «داكس» بمرور 120 عاما على بدايتها، لهذا قرر مصممها فيليبو سكافي أن يحتفل بهذه المناسبة برد الاعتبار إلى الكاروهات، أي النقوشات المربعة، التي تتميز بها الدار منذ انطلاقها وتعدّ من رموزها. وهي مربعات حاولت في المواسم الماضية التخفيف منها، حتى لا تصيب بالتخمة، لكن المصمم ارتأى أن يستعملها في كثير من القطع، من التنورات المستقيمة إلى الكنزات الصوفية ذات الألوان المعدنية مرورا بالفساتين والمعاطف.
المصمم كريستوفر رايبورن، في المقابل، نقلنا في رحلة استكشافية لعوالم بعيدة، لكن باردة جدا، مما يفسر كمية الصوف الذي استعمله والكنزات والمعاطف التي طرحها إلى جانب الإكسسوارات، التي ما إن تقع عليها العين حتى تشعر بالدفء يسري في أوصالك. وهذا يؤكد أنها ستكون خير رفيق في الأيام الباردة المقبلة. المصمم قال إنه استلهمها من نساء مغامرات ومستكشفات، مما يفسر أنها مناسبة للأجواء الباردة، بما في ذلك القطب الشمالي أو سيبيريا.
أما المصمم إيمليو دي لا مورينا فقدم تشكيلة رومانسية عاد فيها إلى جذوره الإسبانية، وكل شيء يحبه ويذكّره بأحداث جميلة مرت بحياته حسبما شرح لنا قائلا: «أشعر بأنها تعكس من أكون». واعترف أيضا بأنه استقى فيها كثيرا من أعمال غويا، لا سيما من حيث الألوان، التي تباينت بين البرتقالي المحروق والأحمر القاني والبنفسجي. شملت التشكيلة كثيرا من فساتين الكوكتيل، إما من المخمل أو الحرير، بعضها يستحضر أزياء راقصات الفلامنكو، بأكتافها أو بتنوراتها، لكنها كلها تتميز بالأنوثة مع لمسة من الرومانسية الخفيفة تجلت في ألوان الورد التي طبعت جاكيتات من جلد الخروف، وكنزات واسعة وكشاكش.
المخضرم جون روشا، وعلى الرغم من أن ابنته سيمون أصبحت نجمة في سماء لندن، فإنه يؤكد لنا في كل موسم أنه لا يزال الأسد في عائلة روشا. فهو جزء لا يتجزأ من أسبوع لندن، ونجح في السنوات الأخيرة أن يفاجئنا بتغيير جلده مع الحفاظ على الأساسيات، وهو ما تؤكده تشكيلته لخريف 2014 وشتاء 2015، التي قال لنا إنه بناها على التناقضات «فهي مرة مظلمة ومرة مضيئة، راقية وفي الوقت ذاته حيوية تضج بروح الشباب، غير مبالية وأيضا واثقة». وبالفعل، ما إن بدأ العرض حتى شاهدنا سيلا من الأزياء تتميز بالتناقض المتناغم، الذي عدّ عنه بخلق توازن بين القوة والنعومة. لم يغب الصوف كالعادة من تشكيلته، إذ ظهر على شكل «كروشيه» في مجموعة من الفساتين، إلى جانب الحرير والمخمل والأورغنزا والتول. وعلى الرغم من تنوع الأقمشة، فقد كانت كلها تتشابه في كونها تتحرك بانسياببة، لا سيما تلك التي صاغها على شكل ورود بالكامل أو خص بها بعض الأجزاء، مثل الأكتاف أو الخصر أو قبعات ضخمة. كل شيء في هذه التشكيلة كان يضج بالرومانسية، بما فيها التي اصطبغت بالألوان الداكنة. فهذه الأخيرة استحضرت للحظات أزياء العهد الفيكتوري بألوانها أو الإليزابيثي بتفاصيلها الدقيقة والغنية، التي اكتسبت حيوية بفضل الكشاكش والورود التي زرعها أو صاغها من قماشها.
مصمم آخر من الجيل القديم أتحف الأسبوع، هو جاسبر كونران. فقد اختار الكلاسيكية عنوانا لتشكيلة تقطر أناقة، وتخاطب امرأة تريد أن تحتفل بأنوثتها أيا كان الثمن. فقد انتقى لها أجمل الألوان، مثل البرتقالي والأسود والوردي المائل إلى البيج، وكذلك أجود الخامات من الكشمير إلى الجلد والحرير، بينما تنوعت التصاميم لتشمل معاطف تغطي الركبة بأحزمة وتنورات مستقيمة وبنطلونات بخصور عالية وفساتين ناعمة فضلا عن تايورات بجاكيتات قصيرة. كل قطعة كانت مناسبة للنهار حين تحتاج المرأة إلى خزانة مناسبة حين تجري مقابلات عمل مهمة أو دعوات غذاء. للمساء، أرسل مجموعة من الفساتين والتنورات والجاكيتات باللون الأسود والبيج القريب من لون البشرة، بعضها مطرز بالكامل بالترتر، باستثناء فتحات في بعض الأجزاء غطاها بالتول أو الموسلين ليخلق بعض التلاعب على السميك والخفيف، أو بالأحرى المكشوف والمستور، وكأنه يلعب معنا لعبة الغميضة.
تتذكر وأنت تتابع العرض أن جاسبر كونران ينتمي إلى جيل من المصممين الذين يحتفلون بالأنوثة وينظرون إليها من منظور جمالي كلاسيكي أكثر. ويزيد الشعور بهذه النقطة، كلما تخايلت عارضة بفستان مفصل على الجسم يبرز بعض تقاسيمه أو معطف محدد عند الخصر بحزام وأكتاف ناعمة. بعبارة أخرى فهو يصمم لامرأة مكتملة بالأنوثة وليست بمقاييس صبيانية، وهذا ربما ما يجعلها عملية تغطي كل مناسبات النهار والسهرة على حد سواء.
وهذا ما أكده المصمم بعد العرض بقوله: «يمكنك ارتداء أي قطعة للمكتب أو لحفلة. مثلا يمكنك ارتداء فستان مطرز بالخرز في النهار مع جاكيت للتخفيف من بريقه، وفي المساء يمكنك التخلص من الجاكيت والتألق في الفستان وحده.. المهم هو الثقة بالنفس والاعتداد بها للحصول على مظهر لافت».



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.