أول عملية اغتيال لمسؤول مصري رفيع منذ «عزل مرسي» تطال النائب العام

مصر تلغي «احتفال 30 يونيو».. والرئاسة: فقدنا قامة شامخة

خبراء أمنيون مصريون يعاينون موقع التفجير في حي مصر الجديدة بالقاهرة الذي استهدف النائب العام المصري المستشار هشام بركات (في الإطار) (أ.ف.ب)
خبراء أمنيون مصريون يعاينون موقع التفجير في حي مصر الجديدة بالقاهرة الذي استهدف النائب العام المصري المستشار هشام بركات (في الإطار) (أ.ف.ب)
TT

أول عملية اغتيال لمسؤول مصري رفيع منذ «عزل مرسي» تطال النائب العام

خبراء أمنيون مصريون يعاينون موقع التفجير في حي مصر الجديدة بالقاهرة الذي استهدف النائب العام المصري المستشار هشام بركات (في الإطار) (أ.ف.ب)
خبراء أمنيون مصريون يعاينون موقع التفجير في حي مصر الجديدة بالقاهرة الذي استهدف النائب العام المصري المستشار هشام بركات (في الإطار) (أ.ف.ب)

نعت الرئاسة المصرية والمسؤولون البارزون في الحكومة والمؤسسات المستشار هشام بركات النائب العام المصري، الذي لقي مصرعه عصر أمس عقب ساعات من استهدافه في حادث تفجير بسيارة مفخخة جرى تفجيرها عن بعد صباح أمس. وفيما توالت الإدانات المحلية والدولية للواقعة، والمطالبات بمحاسبة «الجناة»، تعهدت الرئاسة بأن «مرتكبي هذه الجريمة النكراء سيلقون أشد العقاب»، وواعدة بمواصلة طريق التنمية رغم ما تحاول قوى الإرهاب فعله.
ووقعت الحادثة أثناء توجه المستشار بركات من بيته صباح أمس إلى عمله خلال مروره بشارع شارع عمار بن ياسر المتاخم لمبنى الكلية الحربية بضاحية مصر الجديدة. ونقل المستشار بركات إلى مستشفى النزهة الدولي، بعد تعرضه لإصابات بالغة في الحادث، وتضاربت الأنباء حول استقرار صحته، وقال الدكتور حسام عبد الغفار المتحدث الرسمي لوزارة الصحة لـ«الشرق الأوسط» إن النائب العام مصاب بنزيف داخلي وشظايا وتهتكات في الكبد، وإنه تحت الرعاية الفائقة، وإن الساعات القادمة حاسمة في الأمر. لكن المستشار بركات لفظ أنفاسه الأخيرة بالمستشفى عن عمر يناهز 65 عاما، متأثرا بجراحه، بعد أن أجريت له عملية جراحية دقيقة.
ونعت رئاسة الجمهورية ببالغ الحزن والأسى، المستشار بركات، وتقدمت لأسرته وذويه ولأبناء الشعب المصري بخالص التعازي والمواساة. وقالت الرئاسة في بيان لها أمس: «إن مصر فقدت اليوم قامة وقيمة قضائية شامخة، طالما تفانت في العمل والتزمت بآداب وأخلاق مهنة القضاء النبيلة، وضربت مثالا يحتذى في الوطنية والعمل الجاد والدؤوب، وسيظل الفقيد الذي اغتالته يد الإرهاب الآثمة بعطائه الممتد وسعيه الدائم لإقرار العدالة، رمزا لرجل القضاء المصري النزيه، رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته».
وأكدت رئاسة الجمهورية أن مرتكبي هذه الجريمة النكراء سيلقون أشد العقاب، كما شددت على أن مثل هذه الأعمال الخبيثة لن تثني الدولة عن مواصلة طريق التنمية وإقرار الحقوق وتحقيق آمال وطموحات أبناء الشعب المصري في الاستقرار والأمن، كما تعلن عن وقف المظاهر الاحتفالية التي تم الإعداد لها لإحياء الذكرى الثانية لثورة الثلاثين من يونيو، حدادًا على الفقيد الراحل.
واجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس باللواء مجدي عبد الغفار، وزير الداخلية. وصرح السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن وزير الداخلية استعرض المعلومات الأولية حول حادث اغتيال النائب العام، وأضاف أن الرئيس وجّه بسرعة الكشف عن الجناة وتقديمهم للعدالة، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للتصدي بحزم لمثل هذه الحوادث التي تستهدف زعزعة الاستقرار وترويع المواطنين الآمنين.
وذكر السفير يوسف أن اللواء عبد الغفار استعرض ملامح خطة تأمين البلاد في ذكرى ثورة 30 يونيو بالتنسيق مع القوات المسلحة، منوهًا إلى أن الوزارة رفعت حالة الاستنفار القصوى في جميع القطاعات وكثفت وجودها الأمني أمام وحول المؤسسات والمنشآت الحيوية ومرافق الدولة ووسائل النقل العام والقطارات ومترو الأنفاق، وذلك للتصدي لأي محاولات آثمة تستهدف إشاعة الفوضى وترويع المواطنين.
وذكر اللواء عبد الغفار أنه تم تأمين كل مرافق الدولة وتركيب كاميرات وبوابات إلكترونية بمترو الأنفاق للكشف عن المفرقعات، وتأمين الوزارات والهيئات والمؤسسات والسجون والمجرى الملاحي لقناة السويس والمطارات والسد العالي وأبراج الكهرباء خاصة الرئيسية.
وأعلن مصدر أمنى أن الحصيلة النهائية لحادث الاغتيال أمس أسفرت عن إصابة سبعة أشخاص بجروح طفيفة تتراوح بين كسور وشظايا في مختلف أنحاء الجسد بينهم ثلاثة من رجال الشرطة من طاقم الحراسة، وحارس إحدى العقارات وثلاثة آخرين وجدوا بموقع الحادث. وأضاف المصدر أن الانفجار أسفر عن تلفيات بواجهات 9 منازل وتهشم 31 سيارة بالإضافة إلى تفحم 4 سيارات أخرى.
وروى شهود عيان تصادف وجودهم بموقع التفجير الإرهابي أن الانفجار وقع في تمام الساعة العاشرة و15 دقيقة من صباح أمس، أثناء مرور موكب النائب العام، وأن التفجير جاء عن طريق تفجير إحدى السيارات الموجودة على جانب الشارع، وكانت معدة للتفجير بمجرد مرور موكب النائب العام.
وأعلنت وزارة العدل أن صلاة الجنازة على المستشار هشام بركات النائب العام، سوف تقام عقب صلاة ظهر اليوم (الثلاثاء) بمسجد المشير طنطاوي بطريق التجمع الخامس، على أن يكون الوجود اعتبارا من الساعة التاسعة صباحا. فيما رجحت مصادر أن تكون الجنازة عسكرية.
ونعت النيابة العامة المستشار بركات، مؤكدة أن مصر فقدت «رجلا من خيرة رجال القضاء المصري، ومن أكثرهم ترسيخا للعدل والعدالة، وكرس حياته وأفنى عمره في تطبيق القانون، وإعمال سيادته على الجميع دونما تمييز».
وأكدت النيابة العامة - في بيان لها - أنها وإن كانت قد فقدت قائدها النائب العام المستشار بركات، غير أن رجال النيابة العامة لا يخشون إلا الله ولا يخيفهم إرهاب أو غدر. موضحة أنها «تباشر التحقيقات منذ وقوع الحادث الإرهابي الخسيس، وحتى تقديم مرتكبيه من الإرهابيين الخونة إلى المحاكمة الجنائية لينالوا جزاءهم».
وأضاف البيان أن «المستشار هشام بركات اغتالته أيادي الإرهاب الغادر الخسيس الذي لا يعرف دينا ولا إسلاما، حيث استهدف الإرهابيون الخونة موكبه أثناء تحركه صباح اليوم متجها إلى مكتبه لمباشرة أعماله، بأن وضعوا بجانب الطريق على مقربة من منزله سيارة مزروعة بالمواد المتفجرة، وترقبوا تحركه وموكبه وعبوره المكان الذي وضعوا فيه تلك السيارة، وما إن مر الركب بجوارها حتى قاموا بتفجيرها عن بعد، مما أحدث موجة انفجارية تضاغطية قوية بالمكان أدت إلى تدافع السيارات بقوة في الطريق، وانفجارها بالسيارة التي يستقلها».
وأوضح البيان أن «المستشار بركات أصيب بإصابات بالغة، كما أصيب أفراد طاقم حراسته، وتم نقلهم على الفور إلى مستشفى النزهة الدولي، وأدخل النائب العام إلى غرفة العمليات في العاشرة صباحا، وتم التدخل الجراحي بالتعامل مع حالته الخطيرة، غير أن محاولات التدخل قد باءت بالفشل وفاضت روحه إلى بارئها شهيدا متأثرا بجراحه في الساعة الثانية والنصف ظهرا».
وقام وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، بتفقد موقع الحادث وأمر الوزير القيادات الأمنية التي رافقته خلال تفقده لمحيط الانفجار بتشكيل فريق بحث موسع لتحديد هوية الجناة وضبطهم في أسرع وقت. وأجرى عدد من محققي النيابة معاينة لموقع الانفجار، وتفقدوا آثار الحادث وما أسفر عنه من تلفيات وحرائق، وكذا معاينة سيارة النائب العام التي تعرضت للاستهداف وسيارات طاقم الحراسة وكذلك عدد كبير من السيارات الخاصة بالمواطنين التي تصادف مرورها أو وقوفها بالقرب من موقع الحادث، والتي تعرضت لتلفيات شديدة جراء التفجير الإرهابي، وكذا المنازل التي تأثرت جراء قوة الانفجار.
كما كلفت النيابة خبراء مصلحة الأدلة الجنائية، رفع الآثار الفنية التي خلفها الانفجار، وتحديد نطاق الموجة الانفجارية وطبيعة المواد المستخدمة في صنع العبوة الناسفة التي تسببت في وقوع الانفجار، وبيان التلفيات التي أسفر عنها الانفجار وما ترتب عليه من أضرار.
وقررت النيابة العامة تكليف أجهزة الأمن، وقطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية، إجراء التحريات اللازمة في شأن الحادث الإرهابي، وتحديد هوية الجناة المتورطين فيه. وينتظر أن تستمع النيابة خلال الساعات القادمة إلى أقوال شهود العيان في الحادث وكذلك أفراد الحراسة المرافقين للنائب العام ممن تسمح حالتهم الصحية بذلك.
وكان المستشار هشام بركات قد تولى مهام منصبه كنائب عام في 10 يوليو (تموز) 2013. حيث أدى اليمين القانوني في ذلك اليوم أمام الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور نائبا لعموم لمصر، خلفا للمستشار الدكتور عبد المجيد محمود الذي كان قد طلب إعفاءه من منصبه وعودته لمنصة القضاء.
ووقع اختيار المستشار عدلي منصور على المستشار هشام بركات نائبا لعموم مصر، بعد التنسيق والتشاور مع مجلس القضاء الأعلى واستطلاع رأيه في شغل هذا المنصب القضائي الرفيع.
وكان آخر منصب يشغله المستشار بركات قبل توليه منصب النائب العام، هو رئيس المكتب الفني لرئيس محكمة استئناف القاهرة، ومن قبلها رئيس المكتب الفني لمحكمة استئناف الإسماعيلية.
والمستشار هشام محمد زكي بركات ولد في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 1950 وحصل على ليسانس الحقوق بتقدير عام جيد جدا عام 1973، حيث عين فور تخرجه معاونا للنيابة العامة.
وتدرج في المواقع المختلفة للنيابة العامة على مستوى الجمهورية، ثم انتقل للعمل في القضاء بالمحاكم الابتدائية، ثم محاكم الاستئناف حيث تدرج فيها بالدوائر الجنائية المختلفة، وهو متزوج ولديه 3 أبناء.
ويأتي الحادث عشية ذكرى ثورة 30 يونيو، التي أطاحت بالرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، ووسط استنفار أمني تشهده البلاد، بعد تهديدات بارتكاب أعمال إرهابية. كما يعد الحادث أول عملية إرهابية تنجح في اغتيال مسؤول رفيع بالدولة منذ الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين. وبعد صدور إحكام بالإعدام ضد الرئيس المعزول وخيرت الشاطر الرجل القوي في جماعة الإخوان.
ويرى مراقبون أن وقوع الحادث في محيط الكلية الحربية، وفي مكان حيوي وحساس أمنيا، حيث يسكن عدد من رجال الدولة ويتوسط المسافة بين مطار القاهرة وقصر الرئاسة، يعد تطورا نوعيا في أساليب الجماعات الإرهابية، واختراقا فادحا للمنظومة الأمنية، خاصة بعد عمليات سابقة استهدفت القضاة، وقع آخرها منذ نحو شهر، حيث تم اغتيال 3 من القضاء بسيناء وإصابة آخرين، في هجوم مسلح على السيارة التي كانوا يستقلونها، كما لقي سائقها مصرعه في الحادث.
وفي بيان لها بشأن الحادث، أكدت الهيئة العامة للاستعلامات أن هذه الجريمة، تؤكد مجددًا على مجموعة من الحقائق التي يحاول البعض خاصة في العالم الخارجي وفي بعض وسائل الإعلام الدولية القفز عليها والتعامي عنها، ومن بينها أنها تأكيد واضح لاستمرار جماعة الإخوان الإرهابية في نهج العنف والقتل والدماء واستهداف الأبرياء وترويع الآمنين والعبث بأمن واستقرار الوطن.. كما أنها تفضح محاولات الخديعة التي تحاول هذه الجماعة الآثمة أن تمارسها عبر عناصرها وحلفائها في المنطقة وخارجها.
وذكر بيان لاستعلامات أن الحادث المروع هو تأكيد جديد على رفض هذه الجماعة الإرهابية لدولة القانون، بل ولفكرة الدولة المصرية من أساسها، وإشاعة لمنهج الفوضى الذي تتبناه الجماعة. وذكر البيان أن استهداف رموز القضاء بهذه الجريمة هو امتداد للتاريخ الأسود لجماعة الإخوان بداية من اغتيالهم للقاضي أحمد الخازندار في 22 مارس (آذار) عام 1948 بينما كان يتولى النظر في جرائم القتل والإحراق التي اقترفوها، وصولاً إلى اغتيال ثلاثة من شباب القضاة في مدينة العريش في 16 مايو (أيار) الماضي.
ومن جانبه أكد المستشار أحمد الزند وزير العدل أن الحادث الإرهابي الإجرامي الآثم، الذي تعرض له المستشار هشام بركات النائب العام، لن يثني قضاة مصر وأعضاء النيابة العامة، عن أداء رسالتهم السامية وواجبهم الوطني الذي أناطه بهم الدستور في إعمال حكم القانون في مواجهة العناصر الإرهابية وغيرهم من مرتكبي الجرائم.
وأدان الأزهر والكنيسة ومفتي الجمهورية والأحزاب السياسية والنقابات العامة الهجوم الإرهابي الذي أودى بحياة النائب العام، مؤكدين أن مثل هذه الأعمال الإرهابية لن تثني الدولة المصرية عن استكمال مسيرتها، والشعب المصري عن ملاحقة هؤلاء القتلة والمجرمين شعبيا قبل ملاحقتهم جنائيا. مطالبين الشعب المصري بالاصطفاف خلف قيادته الوطنية وقضائه الشامخ.



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».