تعد أم المؤمنين السيدة زينب بنت خزيمة نموذجا إيمانيا رائعا للبر والعطف ورعاية المحتاجين والفقراء.
كانت تشعر بسعادة كبيرة في العطف على المساكين والإحسان إليهم، ولذا سميت بأم المساكين.
أدت دورا بارزا مع نساء المسلمين في موقعة بدر، في خدمة الجرحى وتضميدهم، وتقديم الطعام والماء لهم.
ماتت في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتجددت أحزانه وتذكر بموتها موت السيدة خديجة رضي الله عنها.
يقول الدكتور حمزة النشرتي في كتاب «آل بيت النبي»: هي زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلالي، وهي العفيفة الكريمة التي كانت تلقب بأم المساكين، لكثرة برها بهم وعطفها على الفقراء وكرمها، فكان لا يأتيها درهم ولا دينار إلا أنفقته على الفقراء والمساكين.
وقد ذكر معظم الرواة أن زوجها السابق هو عبد الله بن جحش، وهو الذي يقال له المجدع، ذلك أنه التقى هو وسعد بن أبى وقاص عشية أحد فقال عبد الله لسعد: ألا تأتي ندعو الله؟ فخلوا في ناحية، فدعا سعد فقال: اللهم إذا لقيت العدو غدا، فلقني رجلا شديدا بأسه، شديدا غضبه فأقتله فيك وآخذ سلبه. فأمن عبد الله بن جحش. ثم قال: اللهم ارزقني غدا رجلا شديدا غضبه، أقاتله فيك ويقاتلني فإذا قتلني يأخذني فيجدع أنفى وأذني، فإذا لقيتك قلت: يا عبد الله، فيم جدع أنفك وأذناك؟ فأقول: فيك وفي رسولك. فيقول: صدقت. قال سعد: كانت دعوة عبد الله خيرا من دعوتي، فلقد رأيته آخر النهار وإن أنفه وأذنه معلقان في خيط.
وكان عبد الله بن جحش من السابقين إلى الإسلام، أسلم قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وهاجر الهجرتين إلى أرض الحبشة ثم عاد وهاجر إلى المدينة، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية وهو أول أمير أمره، وقد غنم أول غنيمة غنمها المسلمون، وخمس النبي الغنيمة وقسم الباقي فكان أول خمس في الإسلام. ثم شهد بدرا وقتل في أحد.
ويضيف: وفي معركة أحد قبل أن يقتل انكسر سيفه فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم عرجون نخلة فانقلب في يده سيفا، فكان يسمى العرجون، ولم يزل ينتقل من رجل إلى رجل حتى بيع من بغا التركي بمائتي دينار.
وكان الذي قتله يوم أحد أبو الحكم بن الأخنس بن شريق، وكان عمره حين قتل نيفا وأربعين سنة، ودفن هو وخاله حمزة في قبر واحد، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما.
وقد شعر النبي صلى الله عليه وسلم بحاجة هذه المرأة إلى الرعاية بعد فقد زوجها فتزوجها صلى الله عليه وسلم رعاية لها، وإشفاقا على أبنائها، وتعويضا عن فقد زوجها في ميدان الجهاد، وكان زواجه بها في سنة ثلاث من الهجرة.
ويذكر الدكتور أحمد الحوفي أنها كانت زوجة للطفيل بن الحارث الذي استشهد يوم بدر، أو زوجة لعبد الله بن جحش الذي استشهد يوم أحد. وقوله إنها كانت زوجة للطفيل الذي أستشهد يوم بدر فيه شك كبير، لأن الطفيل لم يستشهد يوم بدر، ولكن الذي استشهد يوم بدر هو أخوه عبيدة بن الحارث، أما الطفيل فقد عاش إلى سنة إحدى وثلاثين أو اثنتين وثلاثين كما يذكر ابن الأثير في ترجمته له.
زواجها بالرسول
قال ابن سعد خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت خزيمة الهلالية أم المساكين فجعلت أمرها إليه، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهد، وأصدقها اثنتي عشرة أوقية. وقد بنى لها حجرة إلى جانب الحجرات الثلاث: حجرة عائشة، وحجرة سودة، وحجرة حفصة. وأصبحت زينب رابعة زوجات الرسول وأمهات المؤمنين. وقيل إن الذي زوجها بالنبي صلى الله عليه وسلم عمها قبيصة بن عمرو الهلالي، وأصدقها النبي صلى الله عليه وسلم أربعمائة درهم.
وكانت السيدة عائشة والسيدة حفصة أسبق من السيدة زينب في دخول البيت النبوي الطاهر، ولكنها لم تشعر بالغيرة نحوهم، ولم تشغل بالها بالغيرة والمنافسة الدنيوية، فكانت تشعر بسعادة كبيرة في العطف على المساكين والإحسان إليهم، فكانت تجعل وقتها كله في عبادة الله، لذا سميت بأم المساكين. وقد قامت السيدة زينب بنت خزيمة - رضي الله عنها - بدور بارز مع نساء المسلمين في موقعة بدر، في خدمة الجرحى وتضميدهم، وتقديم الطعام والماء لهم.
وقد اختلف في المدة التي بقيتها زينب في بيت النبي صلى الله عليه وسلم فمن قائل إنها ثمانية أشهر، حيث تزوجت في رمضان وتوفيت في ربيع الآخر على رأس تسعة وثلاثين شهرا من الهجرة. ومن قائل: لم تلبث عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا يسيرا شهرين أو ثلاثة. ومن قائل: إنها لبثت سنة أو سنتين، ولم تقض في بيت الرسول إلا فترة قصيرة لحقت بعدها إلى ربها.
وفاتها
كانت سن زينب بنت خزيمة عند وفاتها ثلاثين سنة أو نحوها - ذكر ذلك ابن سعد في طبقاته.. فلم تكن عجوزا فاتها سن الصبا كما ذكر بعضهم. ولكنها كانت سعيدة قريرة العين بزواجها بالنبي صلى الله عليه وسلم، ورقدت في سلام كما عاشت في سلام.
وصلى عليها النبي صلى الله عليه وسلم ودفنها بالبقيع في شهر ربيع الآخر سنة أربع، فكانت أول من دفن فيه من أمهات المؤمنين - رضي الله عنهم - ولم يمت منهن (أمهات المؤمنين) في حياته صلى الله عليه وسلم إلا السيدة خديجة أم المؤمنين الأولى والسيدة زينب بنت خزيمة الهلالية أم المؤمنين وأم المساكين.
وحين توفيت تجددت أحزان النبي صلى الله عليه وسلم وتذكر بموتها موت خديجة - رضي الله عنها.
زوجات الأنبياء - الحلقة (10): زينب بنت خزيمة.. أم المساكين
زوجات الأنبياء - الحلقة (10): زينب بنت خزيمة.. أم المساكين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة