لأول مرة.. تكلم «شيشاني بوسطن» عند الحكم بإعدامه

طلب «رحمة الله» لضحاياه.. ولأخيه وله

جوهر تسارناييف عقب  الحكم بإعدامه أول من أمس (أ.ب)
جوهر تسارناييف عقب الحكم بإعدامه أول من أمس (أ.ب)
TT

لأول مرة.. تكلم «شيشاني بوسطن» عند الحكم بإعدامه

جوهر تسارناييف عقب  الحكم بإعدامه أول من أمس (أ.ب)
جوهر تسارناييف عقب الحكم بإعدامه أول من أمس (أ.ب)

لأول مرة بعد محاكمة استمرت أربعة أشهر، وما عدا كلمتي «لست مذنبًا» اللتين نطق بهما في أول يوم المحاكمة، تحدث، حديثًا مطولاً، جوهر تسارناييف (شيشاني بوسطن)، عصر أول من أمس (الأربعاء)، عندما حكمت المحكمة بإعدامه.
في الشهر الماضي، أدين تسارناييف لدوره، مع أخيه تيمورلنك، الذي قتل خلال اشتباكات مع الشرطة، في تفجيرات «ماراثون بوسطن»، في 15 أبريل (نيسان) عام 2013. هذا هو الهجوم الذي أسفر عن سقوط ثلاثة قتلى، وجرح نحو 260 شخصًا.
في جلسة إصدار الحكم، قال القاضي جورج أوتول، قاضي المحكمة الفيدرالية في بوسطن (ولاية ماساجوستس)، موجهًا حديثه لتسارناييف: «في أي مكان سيذكر الناس فيه اسمك، سوف يتذكرون تلك الجريمة التي أقدمت على ارتكابها. سيتذكرون دورك في قتل أناس أبرياء».
قبل الحكم بإعدامه، وعندما سمح له القاضي بأن يدافع عن نفسه، توجه تسارناييف باعتذار إلى أهالي «الضحايا» الذين سقطوا خلال التفجيرات. وإلى «الناجين» من تلك التفجيرات. ودعا الله ليعين أهالي الضحايا، وليتغمده هو، وشقيقه الأكبر، تيمورلنك، برحمته، وليعين أسرتهما.
أمس، قالت صحيفة «بوسطن غلوب» إن تسارناييف تحدث بالإنجليزية، وبصوت هادئ مع لكنة أجنبية خفيفة، وبدا بالقول: «أود أن أقدم اعتذاراتي إلى عائلات الضحايا، وإلى الناجين». وأضاف: «آسف للأرواح التي أهدرتها، وللمعاناة وللأضرار التي تسببت فيها».
بدا تسارناييف، وهو مسلم أميركي من أصل شيشاني، وكان طالبًا جامعيًا، وكان في التاسعة عشر من العمر عند تنفيذ التفجيرات مع شقيقه الأكبر، الحديث عندما سمح له القاضي. بدا قائلاً: «شكرًا لسعادتكم (القاضي) لمنحي هذه الفرصة للحديث. وأود أن أبدأ باسم الله تبارك وتعالى، الرحمن الرحيم».
وأضاف: «أي عمل لا يبدأ باسم الله ليس عمل خير، ثم إننا في شهر رمضان الكريم، شهر طلب الرحمة من الله لمخلوقاته، وشهر طلب مغفرة الله، ومغفرة عباده، وشهر التعبير عن الشكر إلى الله، وإلى مخلوقاته، وشهر المصالحة، وشهر الصبر، إنه الشهر الذي تتغير فيه القلوب، بل هو شهر النعم الكثيرة».
وأضاف: «قال النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، إنه إذا لم تشكر مخلوقات الله لا تشكر الله؛ لهذا، أود أن أشكر أولاً المحامين الذين دافعوا عنى؛ الذين يجلسون معي عند هذه الطاولة، والذين غير معروفين لكم، لقد فعلوا الكثير من الخير بالنسبة لي، ولعائلتي، ولقد جعلوا حياتي في العامين الماضيين سهلة للغاية».
وقال: «وأود أن أشكر الذين ضحوا بأوقاتهم، وتركوا حياتهم اليومية، وجاءوا إلى هنا للدفاع عنى، ورغم الظروف العصيبة بالنسبة لهم، أود أن أشكر هيئة المحلفين، وأن أشكر المحكمة. قال النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، (إن الله لا يرحم من لا يرحم مخلوقات الله)».
وأضاف: «لهذا، أود أن أعتذر الآن لعائلات الضحايا وللناجين من التفجير الذي أنا مذنب في الاشتراك فيه. إذا كان يوجد أي شك في اعتذاري عن ذلك، يجب ألا يكون بعد الآن. فعلت ما فعلت جنبًا إلى جنب مع أخي».
وأضاف: «منذ التفجيرات، تعلمت مما حدث، وعرفت بعض الضحايا وأسماءهم، ووجوههم، وأعمارهم. وتعلمت من كل الذين وقفوا على منصة الشهود، واستمعت إلى قصص المعاناة والمشقة والحزن، التي لا تزال مستمرة».
وقال: «يقول الله في القرآن الكريم لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها. ولقد تحدث الشهود عن هذه المعاناة، والمشقة والحزن؛ لهذا، ها أنا أقول إنني آسف للذين قتلت، وللذين جرحت، وللذين أحزنت».
وأضاف: «أنا مسلم، ديني هو الإسلام، والله هو الذي أعبد، ولا إله غيره؛ لهذا، أدعو الله أن يتغمد برحمته الذين توفوا، وأن يرحم الذين جرحوا، والذين تأثروا. يقول الله تعالى في القرآن الكريم (إن مع العسر يسرًا). لهذا، أصلي لله من أجل تضميد جروحكم، ومن أجل رخائكم، ومن أجل قوتكم».
وختم حديثه بقوله: «أسأل الله أن يرحمني، ويرحم أخي، ويرحم عائلتي، وأسأل الله أن يتغمد برحمته الحاضرين هنا، والله أعلم بمن يستحق رحمته، وأسأل الله أن يرحم أمة النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، آمين، والحمد لله رب العالمين».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.