شن تنظيم داعش أمس، هجمات متزامنة على الجيش السوري النظامي في الحسكة، والمقاتلين الأكراد في مدينة كوباني (عين العرب)، في أول خرق للمدينة منذ سيطرة الأكراد عليها في الشتاء الماضي، مرتكبًا «مجازر بحق المدنيين»، كما قال قياديون في قوات «حماية الشعب الكردي».
وبينما قال مسؤولون أكراد إن «داعش» دخل كوباني عبر المعبر الحدودي مع تركيا، اعتبرت أنقرة الخميس التصريحات الكردية من باب «الدعاية»، وقال نائب رئيس الوزراء نعمان كورتولموش عبر حسابه على موقع «تويتر»، أن «المزاعم القائلة بأن ناشطي داعش عبروا الحدود التركية أكاذيب تندرج في خانة الدعاية البحتة». ومن جهة ثانية، نقلت وكالة «الصحافة الفرنسية» عن مسؤول تركي قوله: «لدينا إثبات قاطع على أنه لم يتم الدخول (إلى كوباني) من الجانب التركي»، مؤكدا أن هذه «الإثباتات» سيتم نشرها على وجه السرعة.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن مقاتلين من «داعش» شنّوا هجومًا مفاجئًا في كوباني حيث نفذوا ثلاث هجمات انتحارية بفارق ساعات، مكنته من دخول المدينة بعد خمسة أشهر على إقصائه عنها، موضحًا أن التنظيم نفذ تفجيرا انتحاريا بسيارة مفخخة عند منطقة المعبر التي تربط عين العرب بتركيا، ثم اندلعت على الأثر اشتباكات عنيفة في وسط المدينة حيث يمكن مشاهدة جثث في الشوارع، مشيرا إلى أن المواجهات مستمرة وعنيفة. كما أقدم التنظيم في وقت لاحق على تنفيذ تفجيرين انتحاريين آخرين بسيارتين مفخختين في منطقة معبر مرشد بينار الحدودي نفسها.
وقال مصدر كردي في كوباني إن حصيلة ضحايا هجمات «داعش» على كوباني ارتفعت إلى أكثر من 42 قتيلاً و55 جريحًا من المدنيين، مشيرًا إلى أن «وحدات حماية الشعب» وقوات «الأسايش» نفذوا حملة أمنية لتمشيط المدينة من مقاتلي «داعش».
وتضاربت الأنباء حول مركز انطلاق مقاتلي «داعش» في عملياتهم، قال ريدور خليل المتحدث باسم وحدات حماية الشعب، إن المقاتلين الذين شنوا الهجوم، دخلوا المدينة من الغرب في خمس سيارات، وإنهم قاموا بخدعة بأن رفعوا علم الجيش السوري الحر الذي يقاتل التنظيم المتشدد مع الوحدات. وأضاف: «لقد فتحوا النار بشكل عشوائي على كل من وجدوه».
وذكرت وكالة «أناضول» التركية، من جهتها، إن المقاتلين تسللوا من مدينة جرابلس (غرب كوباني)، وشاركت فيه خلايا نائمة تابعة للتنظيم، كانت موجودة داخلها.
وكان بيان صادر عن ولاية شانلي أورفا جنوبي تركيا، أفاد في وقت سابق اليوم الخميس، أن عناصر «داعش»، تسللوا إلى عين العرب (كوباني)، قادمين من جرابلس الواقعة غربي المدينة، والخاضعة لسيطرة التنظيم.
وأشارت «أناضول» إلى أن عناصر «داعش» استولوا في هجومهم، على الأبنية الملاصقة للمربع الأمني، الذي يستخدمه حزب الاتحاد الديمقراطي مقرًّا له وسط عين العرب. كما أشارت إلى أن الهجوم عبارة عن خمسة تفجيرات بينها انتحاريان فجرا نفسيهما في المدينة.
ووصف الناشط الكردي ارين شيخموس الهجوم بـ«الانتقامي بامتياز من داعش لخسارته في الجبهات على يد القوات الكردية والجيش الحر».
وقال المرصد إن التنظيم أعدم بالرصاص 23 شخصا على الأقل بينهم أطفال ونساء وعجزة ورجال حملوا السلاح لمواجهة مقاتلي التنظيم في بلدة برخ بوطان الكردية الواقعة على بعد أكثر من عشرين كيلومترا جنوب كوباني. وأوضح عبد الرحمن أن المتشددين «هاجموا القرية صباح اليوم (أمس) وتمكنوا من السيطرة عليها، وقتل خمسة عناصر منهم في مواجهات مع أهالي القرية». وأضاف: «على الأثر، أرسلت وحدات حماية الشعب الكردية تعزيزات إلى المنطقة حاصرتها من ثلاث جهات، فانسحب عناصر التنظيم في اتجاه مناطق قريبة».
في الوقت نفسه، نفذت طائرات التحالف الدولي بقيادة أميركية غارات عدة على تجمعات للمتشددين في محيط برخ بوطان.
وتأتي هجمات تنظيم داعش بعد أسبوعين شهدا توغل الأكراد في أراضيه إلى أن أصبحوا على بعد 50 كيلومترا من الرقة.
وأظهرت هجمات «داعش» في كوباني والحسكة، أن التنظيم استعاد فجأة قدرته على الهجوم، بعد سلسلة من نكسات مني بها في محافظة الحسكة وفي معقله في الرقة، على يد مقاتلين أكراد، وحلفائهم من المقاتلين العشائريين العرب، ومقاتلين من لواء «ثوار الرقة» التابع للجيش السوري الحر.
وبرز تطور هام، تمثل في دخول التنظيم أجزاء من مدينة «الحسكة»، مركز المحافظة، التي ستكون إذا فقد النظام السيطرة عليها أمام التنظيم، ثاني مركز محافظة بيد «داعش» بعد الرقة، وثالث مركز محافظة يخرج من سيطرة النظام، بعد إدلب والرقة.
وإذ رأى مراقبون أن دخول «داعش» إلى حيين من المدينة، يأتي بسبب «عدم مشاركة القوات الكردية في دعم القوات الحكومية»، قال مصدر بارز في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي لـ«الشرق الأوسط»، إن مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي «لن يقاتلوا إلى جانب قوات نظام (الرئيس السوري بشار الأسد) في جبهة واحدة».. وأضاف: «النظام اليوم يحاول إجبار الأكراد على القتال إلى جانبه، وإلا ينسحب من الحسكة، وبالتالي يفتح لنا جبهة جديدة في مواجهة داعش»، مجددًا التأكيد «إننا لن نقاتل إلى جانبه في الحسكة وغيرها، ولن نشارك في المعارك التي توجد فيها القوات النظامية».
ويسيطر النظام على أكثر من نصف مدينة الحسكة، وتتركز مناطق نفوذه فيها في شارع الريّس، والمقار الأمنية التي تقع وراء هذا الشارع في وسط المدينة، وصولاً إلى مطار الحسكة.
وأقرّ التلفزيون السوري الرسمي بشكل غير مباشر بدخول التنظيم إلى المدينة، وقال في شريط إخباري عاجل إن «تنظيم داعش الإرهابي ينكل بالسكان المدنيين ويطردهم من منازلهم في حي النشوة الشرقي والغربي».
وقال التنظيم في بيان إن مقاتليه سيطروا على منطقة النشوة ومناطق مجاورة له في جنوب غربي مدينة الحسكة، المقسمة إلى مناطق تحت سيطرة الحكومة وأخرى تحت سيطرة الأكراد. وأضاف أن القوات الحكومية انسحبت باتجاه وسط المدينة.
«داعش» يعود إلى كوباني بثلاث هجمات انتحارية.. وتركيا تنفي عبور مقاتليه من أراضيها
«التنظيم» يدخل أحياء في الحسكة لأول مرة
«داعش» يعود إلى كوباني بثلاث هجمات انتحارية.. وتركيا تنفي عبور مقاتليه من أراضيها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة