الحرب في ليبيا.. و«الصراع» في تونس

بعد قضيتي الرهائن وغلق قنصلية طرابلس.. حكومة الصيد في خطر

موظفة تونسية اختطف من قبل ميليشيا مسلحة من القنصلية التونسية في  طرابلس خلال وصولها إلى مطار عسكري  في تونس (أ.ف.ب)
موظفة تونسية اختطف من قبل ميليشيا مسلحة من القنصلية التونسية في طرابلس خلال وصولها إلى مطار عسكري في تونس (أ.ف.ب)
TT

الحرب في ليبيا.. و«الصراع» في تونس

موظفة تونسية اختطف من قبل ميليشيا مسلحة من القنصلية التونسية في  طرابلس خلال وصولها إلى مطار عسكري  في تونس (أ.ف.ب)
موظفة تونسية اختطف من قبل ميليشيا مسلحة من القنصلية التونسية في طرابلس خلال وصولها إلى مطار عسكري في تونس (أ.ف.ب)

استفحلت الخلافات بين السياسيين وكبار رجال الأعمال التونسيين والليبيين بشكل غير مسبوق حول منهج التعامل مع الحرب المدمرة التي تشهدها ليبيا وانعكاساتها على البلدين، خاصة بعد إعلان تونس عن غلق كل ممثلياتها الدبلوماسية والقنصلية في طرابلس ردا على احتجاز 10 من موظفيها الدبلوماسيين بعد أسابيع قليلة من حادثة اختطاف نحو 200 عامل تونسي في العاصمة الليبية وضواحيها.
ولئن سبق للساسة والنخب في تونس وبقية العواصم العربية أن اختلفوا حول طريقة التعامل مع الأطراف المتصارعة سياسيا وعسكريا في ليبيا، فإن جديد الأزمة الجديدة بالنسبة لتونس، أن الشركاء في الائتلاف الحاكم نفسه وداخل قصري الرئاسة والحكومة والبرلمان دخلوا في صراعات علنية بسبب «الملف الليبي».

فإلى أين تسير هذه الأزمة التي توشك أن تهدد استقرار الحكومة التونسية الفتية بزعامة الحبيب الصيد ووحدتها فضلا عن مستقبل الحزبين الكبيرين في البلاد: حزب النداء بزعامة الباجي قائد السبسي، الأقرب إلى حكومة طبرق شرقا، وحركة النهضة بزعامة راشد الغنوشي الأقرب إلى «فجر ليبيا» وحكومة طرابلس غربا؟
وما دلالات انخراط رموز «المال السياسي» في المعارك السياسية التي اندلعت في تونس مع اشتداد العمليات العسكرية في ليبيا؟
وزير الخارجية التونسي الطيب البكوش قال لـ«الشرق الأوسط» على هامش مؤتمر صحافي تعقيبا على قرار غلق القنصلية التونسية في طرابلس، إن قرار الغلق جاء بعد أن تأكد أن المسلحين الذين احتجزوا الدبلوماسيين التونسيين العشرة وقبل ذلك نحو 200 عامل، ينتمون إلى «فجر ليبيا» وحكومة طرابلس غير المعترف بها دوليا. وأعلن الطيب البكوش عن تراجع الخارجية التونسية عن قرارها السابق التعامل مع حكومة طرابلس التي تهمين على كامل غرب ليبيا حيث يوجد نحو 150 ألف عامل تونسي، والذي تربطه بتونس نحو 600 كلم من الحدود المشتركة. وتعهد وزير الخارجية التونسي بإحداث قنصلية جديدة على الحدود التونسية - الليبية «بالتنسيق مع مجموعة من الدول الشقيقة والصديقة التي لديها مصالح وجاليات في ليبيا».

* احتجاجات على القطيعة
* لكن المفاجأة كانت في إعلان اعتراضات تونسية بالجملة على قرار غلق القنصلية التونسية في طرابلس والقطيعة مع حكومتها. وصدرت بعض تلك التصريحات عن زعماء سياسيين بارزين من بين «الأحزاب المشاركة في الحكومة» ومن المعارضة؛ بينهم نور الدين البحيري الوزير السابق ورئيس كتلة حزب النهضة في البرلمان التونسي. ونشرت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليدية انتقادات بالجملة لقرار القطيعة مع «فجر ليبيا» وحكومة طرابلس، كما انتقدت اتهامهما بالضلوع في الإرهاب وفي ممارسة ضغوطات «غير مقبولة» على السلطات التونسية تمثلت في احتجاز 10 دبلوماسيين واشتراط الإفراج عن موقوف ليبي من التنظيم نفسه في تونس مقابل إطلاق سراحهم، وهو ما تم فعلا على الرغم من أن الموقوف الليبي (وليد القليب) مفتش عنه من قبل الإنتربول (وكالة الشرطة الدولية) بعد اتهامه من قبل خصومه في حكومة طبرق بـ«الضلوع في الإرهاب وفي جريمة معركة طرابلس في صائفة 2014.

* خلافات داخل الحزب الحاكم
* ولم تبرز حملة مساندة قوية لوزير الخارجية التونسي الطيب البكوش ونائب رئيس حزب نداء تونس من داخل حزبه ولا الفريق الحاكم في قصري قرطاج والقصبة. بل برز العكس؛ إذ تواصلت حملة تهميشه من خلال تكليف الوزير المستشار السياسي للرئيس والأمين العام الجديد للحزب محسن مرزوق - وهو من بين خصوم البكوش - بمزيد من المهام الدبلوماسية الرسمية كانت آخرها زيارة موسكو لإبلاغ الرئيس بوتين رسالة من الرئيس الباجي قائد السبسي وعقد لقاء مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
وجاءت هذه العملية بعد أن وقع تغييب وزير الخارجية الطيب البكوش عن زيارات رئيس الدولة التونسي إلى كل من أميركا وألمانيا وإيطاليا.
ولم تقف الأمور عند هذا الحد؛ إذ انخرط عدد من رموز «المال السياسي» في تونس وليبيا على الخط، مثل شفيق جراية المقرب من الباجي قائد السبسي وحزبه وصديق زعيم حزب الوطن الليبي ورجل الأعمال عبد الحكيم بالحاج، وأعلنوا معارضتهم قرار الخارجية التونسية «إعلان القطيعة» مع حكومة طرابلس ومع «فجر ليبيا» والأطراف السياسية القريبة منهما.

* «المال السياسي» على الخط
* ولم تنته «المزايدات» بين أنصار القطيعة مع «فجر ليبيا» وخصومها هنا، بل إن مجموعة من رجال الأعمال والسياسيين والإعلاميين المقربين من شفيق جراية وحلفائه في «فجر ليبيا» تنقلوا إلى طرابلس بعد قرار «القطيعة». في المقابل، فإن الطيب البكوش وزير الخارجية عقد مؤتمرا صحافيا اتهم فيه «أطرافا تونسية» - لم يسمها - بعرقلة عملية الإفراج عن الدبلوماسيين المختطفين وبإجراء اتصالات مع قيادات في «فجر ليبيا» ودعوتها إلى عدم تسليم الرهائن قبل تسلم «الزعيم وليد القليب» الموقوف بناء على أمر من القضاء التونسي. وقد اضطرت تونس لتسليمه لحكومة طرابلس فعلا. وفسر وزير الخارجية التونسي الخطوة بأنها جاءت «لأن وليد القليب سيحاكم في ليبيا أيضا بتهم أخرى موجهة إليه».

* محاولة لتسريع النسق
* وفي الوقت الذي تشــــــهد فيه محافظات الجنوب والوسط التونسي منذ مــــــدة اضطرابات اجتماعية في علاقـــــــــــــة بانقطاع موارد الرزق لمئــــــات آلاف التونسيين الذين يعتمدون منذ عقود على المبادلات والشــــــــراكة مع ليبيــــــــــــا، تسعى قيادات الأوساط الليبية المواليـــــــة لحكومة طبرق وللعقيـــــــد الليبي الراحل معمر القذافي وتكتــــــل «القبـــــائل الليبية» وجيش خليفة حفتر، من تونس إلى تســــــــــريع نسق «الحسم» من الجانب التونسي ضد مقاتلي «فجر ليبيــــــــا» الذين يتهمونهم بالإرهاب والتطرف وخدمة أجندة الجماعات المســــــــلحة القريبة من «داعش» و«القاعدة».
في هذا السياق، كثف مبعوثو وسائل الإعلام القريبة من حكومة طبرق من تونس دعايتهم ضد «الإرهابيين من (فجر ليبيا)».
وفي السياق نفسه أيضا، انخرط عدد من الساسة التونسيين في حملة مساندة لقرار وزير الخارجية التونسية «القطيعة» مع حكومة «فجر ليبيا».
ووصفت بدرة قعلول رئيسة مركز الدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية، حكومة طرابلس وتنظيم «فجر ليبي» بالميليشيات «الإرهابية»، واتهمتها بـ«دعم الإرهاب والتنظيمات الإرهابية في تونس وفي كامل المنطقة العربية وفي بلدان الساحل والصحراء الأفريقية بدءا من مالي ونيجيريا وتشاد والنيجر».
تغيير في موازين القوى
ويراهن كثير من خصوم التيارات الإسلامية في تونس وليبيا على أن تؤدي «خطوة سحب كل الدبلوماسيين التونسيين من طرابلس» مع مطالبة العمال التونسيين في ليبيا بالعودة، إلى التعجيل بـ«الحسم عسكريا» من قبل قيادات الجيش الليبي الموالي لخليفة حفتر والميليشيات القريبة منه مع «مجرمي عصابات (فجر ليبيا)» وحلفائها.
كما يعد بعض الخبراء الأمنيين مثل نصر بن سلطانة وبدرة قعلول، أن «محاصرة حكومة طرابلس رهينة موقف تونس باعتبار تونس باتت موطن نحو ثلث الشعب الليبي وهي المتنفس الرئيسي للليبيين». كما يعتبرون أن انتصار «الليبراليين والعلمانيين» في ليبيا ضد الجماعات المسلحة «القريبة من الإخوان المسلمين» سيزيد من إضعاف الإسلاميين التونسيين وقد يتسبب في إخراجهم من الحكم ومن البرلمان في تونس أيضا أو على الأقل في تغيير موازين القوى لصالح خصومهم.

* تطورات ميدانية
* في المقابل، يعد بعض الخبراء - مثل الجامعي زهير بن علي - أن قرار الخارجية التونسية «اتخذ منذ مدة على خلفية التقارير التي تشير إلى تقدم الجيش الليبي الموالي لخليفة حفتر وحلفائه في المناطق الغربية لليبيا بعد أكثر من عام من هيمنة (فجر ليبيا) عليها».
لكن وزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني الذي أدى بعد قرار غلق القنصلية والسفارة زيارات تفقد للحدود التونسية الليبية، أكد على حياد تونس وعلى «جاهزية الجيش التونسي لحماية الأراضي التونسية».
وقد تأكد تعزيز الحدود البرية التونسية - الليبية بقوات من الجيش التونسي في الجنوب وإغلاق بعض المنافذ البرية، وهو ما عدّه البعض مؤشرا على وجود نيات في تونس «لمحاصرة عناصر (فجر ليبيا) بالتزامن مع بدء تغير الواقع السياسي والعسكري في طرابلس والمحافظات الغربية لليبيا».

* حملات ضد البكوش ومرزوق
* وعلى الرغم من الصبغة الدولية للحرب الليبية، فإن «المعارك» تنفجر بين السياسيين التونسيين في أعقاب كل توتر مع أحد الأطراف السياسية والأمنية والاقتصادية الفاعلة في ليبيا.
ولعل من أغرب وأخطر هذه المعارك السياسية استفحال الخلاف داخل الفريق الحاكم في قصري قرطاج والقصبة من جهة، وداخل حزب نداء تونس الذي أسسه الرئيس الباجي قائد السبسي مع نخبة من المقربين منه من بينهم وزير الخارجية الطيب البكوش - نائب رئيس الحزب حاليا - ومحسن مرزوق الأمين العام الجديد للحزب والمدير السابق للحملة الانتخابية لقائد السبسي.
وإذا كان لهذه الأزمة جوانب حزبية داخلية، فإن بعض السياسيين والنشطاء، مثل إسكندر الرقيق الأمين العام السابق لحزب السلام والتنمية، تهجموا بقوة بالمناسبة على البكوش ومحسن مرزوق وعلى رموز الدولة. وانتقد إسكندر الرقيق ظاهرة تهميش وزير الخارجية الطيب البكوش خلال الزيارات الدولية لرئيس الجمهورية مقابل تكليف مرزوق بـ«مهام مكوكية بين واشنطن وموسكو وبرلين».. بما يوحي بأن مرزوق ليس أمينا عاما لحزب سياسي، بل وزير الخارجية الحقيقي لتونس، بينما أصبح الطيب البكوش يعامل كأنه «وزير خارجية موزمبيق».

* صمت «القصور»
* ولئن أخذت هذه الزوبعة السياسية الإعلامية مجددا أبعادا خطيرة في تونس وليبيا، فإنها ليست الأولى، وقد سبق أن أثارت تصريحات حول علاقة تونس بحكومتي طرابلس وطبرق انتقادات بالجملة في تونس وخارجها خاصة لما انخرط فيها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي دعم موقف وزيره الطيب البكوش في ما يتعلق بـ«التزام الحياد» بين الأطراف الليبية المتصارعة داخل ليبيا وبـ«التعامل مع الأمر الواقع كما هو، إي إحداث قنصليتين؛ واحدة في طرابلس، والثانية في طبرق المقر المؤقت للحكومة المعترف بها دوليا».
وقد تسببت مواقف الرئيس التونسي ووزيره للخارجية وقتها في انتقادات عنيفة وجهها له الناطق الرسمي باسم حكومة طبرق ولوح فيها بالاعتراف بحكومتين في تونس «إحداها في قصر قرطاج، والثانية في جبل الشعانبي» على الحدود الجزائرية حيث تتركب العصابات الإرهابية من حين لآخر هجمات إرهابية على قوات الجيش والأمن التونسيين.
وقد دعم الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي وقتها وزيره للخارجية بعد أن قوبلت بعض تصريحات البكوش بــ«تحفظات» بعض السفراء العرب؛ بينهم السفير المصري لدى تونس أيمن مشرفة الذي أعلن في لقاء عقده وزير الخارجية مع الدبلوماسيين بحضور الصحافيين، تحفظاته على «قرار حكومة تونس التعامل مع حكومة طرابلس غير المعترف بها دوليا خلافا للقرار الدولي الذي نص على الاعتراف بشرعية برلمان طبرق (1700 كلم شرقي طرابلس) وحكومته وسحب الاعتراف من سلطات طرابلس».
وتساءل الجامعي عبد اللطيف الحناشي قائلا: «في الوقت الذي قدرت فيه غالبية صناع القرار في العالم (هدوء الانتقال السياسي) في تونس رغم الاضطرابات الأمنية الخطيرة في بقية دول الربيع العربي، فإن التساؤلات كثرت عن (خفايا) استفحال (التناقضات) في المواقف السياسية للرسميين التونسيين بما في ذلك في المجال الدبلوماسي».

* الأزمة ستدوم 20 عاما
* في الأثناء حذر عسكريون وأمنيون تونسيون من مخاطر «الغرق في الوحل الليبي» ومن التورط في مزيد من المعارك الجانبية في تونس بسبب حرب تجري خارج الأراضي التونسية ولا ينبغي أن يجر التونسيون إليها.
وحذر رئيس أركان الجيوش التونسية سابقا محمد سعيد الكاتب من مضاعفات الملف الأمني السياسي الليبي على تونس. وأضاف قائلا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «بصفة عامة ودون الخوض في تفاصيل المسائل التقنية واللوجستية، فإني أعتقد أن هشاشة الوضع الأمني في تونس مرتبطة بعوامل داخلية وأخرى إقليمية ودولية، وهي مرتبطة عضويا بتطوّرات الأزمة الليبية التي قد تستمر إلى ما بين العشرين والثلاثين سنة المقبلة. وبالنظر لطبيعة هذه الأزمة جغرافيا، فإنها ستتسبب في تهديدات خطيرة عسكريا وأمنيا بالنسبة لتونس وإقليميا».

* فشل الثورات العربية
* إلا أن المدير العام السابق للأمن العسكري وللقمارق التونسية أمير اللواء محمد المؤدب، يربط بين الأزمات الأمنية المستفحلة في ليبيا وتونس و«فشل جلّ ما كان يعتقد أنها (ثورات) عربيّة». فقد كانت نتيجة «الثورات» أن اكتسحت الدول المعنيّة موجات عنف ونزاعات داخليّة غذّتها، خاصة، التدخّلات الأجنبيّة المباشرة والإرهاب، ممّا عصف بكلّ أنظمة الحكم فيها، و«أصبحت تلك الدول مهدّدة بصفة مباشرة لا في حدودها الخارجيّة فحسب؛ بل في كيانها وفي وجودها؛ ليبيا، واليمن، وسوريا، والعراق.. و قد لا تكون تلك القائمة نهائيّة».
وحذر المدير العام السابق للأمن العسكري والديوانة محمد المؤدب من اتّساع رقعة انتشار «الفكر التكفيري» في تونس وليبيا وفي المنطقة العربيّة ومنطقة الساحل والصحراء الأفريقية.
واعتبر محمد المؤدب في حواره مع «الشرق الأوسط» أنّ الأمر بالنسبة لتونس لا يقف عند ذلك الحدّ من التهديدات الخارجيّة، «بل تفاقم وسيتفاقم جرّاء تردّي الوضع العام بليبيا المجاورة التي تشهد منذ 2011 أزمة سياسيّة خانقة، وانهيارا كلّيا لمؤسّسات الدولة، ونزاعات داخليّة مسلّحة بين جهات لا تحصى ذات مرجعيّات متنافرة، وتمركز نواة مواليّة لـ(داعش) في سرت ودرنة، وسيطرة ميليشيات ما يسمّى (فجر ليبيا) على العاصمة طرابلس وعلى جلّ المناطق الليبيّة الغربيّة، أي المجاورة لبلادنا، وتدخّلات عسكريّة أجنبيّة مباشرة على الأراضي الليبيّة وفي مجالها البحري، واستعدادات لعمليّات عسكريّة أجنبيّة قادمة تتأكد يوما بعد يوم.. (فجر ليبيا)، الجار الحالي لتونس، هو أحد أهمّ الأطراف المتنازعة بجدّية على السلطة في ليبيا، خلفيّاته وتوجّهاته الفكريّة قد لا تجعل منه الجار الأمين والسّند القوي لتونس ومتعاونا للمصلحة المشتركة للشعبين. من الصعب اعتبار اقتحام المقرّ الرسمي للقنصلية التونسيّة في طرابلس من طرف مسلّحين واختطاف دبلوماسيّين تونسيين لتبادلهم بموقوف ليبي لدى القضاء التونسي، إشارة أو مبادرة تبشّر بعلاقــات تتجاوز احترام الأعراف الدوليّة لترقى لعلاقات بين إخوة وأشقّاء وأصهار».
تستفحل الأزمة في ليبيا وتتعقد مضاعفاتها داخليا وخارجيا، وتبقى تونس التي تحتضن مليوني مواطن ليبي، حسب الرئيس الباجي قائد السبسي، الأكثر عرضة لمزيد من المعارك السياسية الهامشية بسبب حروب ليبيــــــــــــا.



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».