لوكا مافي.. الأنف الذي لا يخطئ أبدًا

«إي إف إم» بيت العطور في ميلانو يفصل العطور بحسب الطلب

TT

لوكا مافي.. الأنف الذي لا يخطئ أبدًا

«من الصعب خلق الموضة، لا يمكنك تعلمها، يجب أن تكون الموضة في الحمض النووي» هذه مقولة شهيرة لمصمم الأزياء الإيطالي روبيرتو كافالي، ووجهة نظره تحتم بأن تكون الموضة جارية في عروق الإنسان لكي يكون شخصا يفقه بالموضة التي لا تنحسر في مجال الأزياء إنما تمتد إلى أبعد من ذلك، لأنها أسلوب عيش يترجم ذوق كل شخص على حدة، وهذا الأسلوب يمتد أيضا إلى اختيار العطر لأنه شخصي، وهناك أشخاص لا يرضون بما هو متوفر للجميع ويسعون دائما للتميز وتصميم العطور الخاصة بهم لتكون عبقا يسبقهم إلى الأماكن التي يتوجهون إليها لتصبح جزءا لا يتجزأ منهم ومن أسلوب حياتهم.
وهناك عنوان مهم لذواقة العطور في ميلانو ولا يستدل إليه إلا من يعرف ما يريد، لأن ورشة عطور «أتولييه فراغرينز ميلانو» Atelier Fragranze Milano AFM تقع في مبنى لا يشبه التصميم ولا يدل على أثر العطر فيه، تصل إليه عبر مرآب للسيارات وبعدها تستقل مصعدا كهربائيا أشبه بالمصاعد الضخمة التابعة للمصانع، وتكون المفاجأة وراء باب أحمر اللون، ما أن يفتح حتى تعبق رائحة العطور والعنبر وخشب الصندل.. وتشاهد عرضا لزجاجات عطور لماركات عالمية مثل فرساتشي وشانيل وغيرها.
وبابتسامة عريضة كان لوكا مافي Luca Maffei بانتظارنا، ولوكا يطلق عليه اسم «الأنف» وهذا التعبير يعني في عالم العطور، الشخص المتمرس في تصنيع وابتكار العطور، وتكون لديه قدرة عالية على التميز ما بين مختلف مكونات العطور من خلال شمها فقط.
لوكا في أوائل الثلاثينات، وهو يأتي من عائلة لها باع طويل في تصنيع العطور، درس الاقتصاد في جامعة ميلانو، مما نما فيه خلفية قوية في إدارة الأعمال، وكان ينوي بأن يفتح شركة خاصة، ولكن عندما زار أباه ماركو الذي كان يعمل في مختبر للعطور تبدلت نظرته لمستقبل العمل الذي يريده لنفسه، بعدما رأى العاملين في المختبر وهم يتعاملون مع المواد الخام للعطور برقة، يتبعون وصفات مكتوبة على الورق، تماما مثلما يعمل الطاهي في مطبخه، يتكلمون لغة خاصة بهم، لغة مختلفة تجمع الكيمياء والشم، وهذه الزيارة يعتبرها لوكا السبب الذي غير مسار حياته وجعله يقتنع بأن مستقبله هو في مختبر العطور.
ويقول لوكا لـ«الشرق الأوسط»: «تربيت في منزل أهلي على رائحة العطور، ولا أزال أذكر رائحة عطر أمي من كوكو شانيل». ويروي كيف كان يعرف بأنها وصلت إلى المنزل عندما كان يشم رائحة الزهور والياسمين، وعندما لم تكن موجودة في المنزل كان يشم رائحتها المنبعثة من خزانة ثيابها وكان دائما يشعر وكأن والدته معه في المنزل ولو لم تكن معه في الجسد.
وتابع: «واكبت الحقبة الذهبية لتصنيع العطور في إيطاليا فترة التسعينات وعايشت نجاحات أبي في المشاركة بتصنيع عطور مميزة تابعة لدور أزياء مثل (تروساردي) و(فيرساتشي)».
ويتذكر لوكا بأن أول رحلة له في عالم العطور كانت إلى حقول مدغشقر، ولا تزال صورة انتقائه لزيوت زهرة «إيلانغ إيلانغ» في حقول «نوزي بي».
مصنع العطور يشبه إلى حد كبير، المختبر، فرأينا لوكا وهو يحضر عطرا خاصا بأحد الزبائن، فشرح ذلك بالقول بأن هناك نسبة كبيرة من الزبائن من الرجال والنساء الذين يصممون عطرهم الخاص، وهذه العملية تستغرق عدة أشهر تبدأ من خلال اجتماع خاص بين الزبون ومصمم العطر، يتفقان على أساس المكونات مثل: زهور، بخور، مسك، عنبر.. وبعد ذلك يبدأ العطار بالخلطة الفريدة، يعرضها على الزبون خلال مرحلة التنفيذ، يصنع منها كمية صغيرة جدا، وبعدها يقرر الزبون إذا كانت هذه الرائحة تروق له ولمزاجه، وتستمر عملية تعديل العطر إلى أن يوافق الزبون على الرائحة مائة في المائة، ليحصل بعدها على كمية كافية لمدة 18 شهرا، لأنه بحسب لوكا مافيه من الأفضل استعمال العطر في غضون ثلاث سنوات (بدءا من البخة الأولى) وليس أكثر لأن الرائحة تتغير مع مرور الزمن، كما أنه من المهم جدا حفظ العطر في مكان بعيد عن الرطوبة وأشعة الشمس المباشرة.
ويقول لوكا مافيه إن «سعر العطر غالي الثمن لأن تصنيعه ليس بالسهل، فالعطار بحاجة إلى 40 طنا من الزهور للحصول على كيلوغرام واحد من الزيت Essential Rose Oil وتعتبر زيوت الحمضيات الأكثر رواجا وعلى رأسها (البرغاموت) (نوع من البرتقال) ويوجد بكثرة في منطقة كالابريا الإيطالية عند الساحل الأيوني. وفي كل مختبر يوجد 200 نوع من المواد الطبيعية و300 نوع من المواد الاصطناعية».
تكلفة العطر الخاص تصل إلى عشرة آلاف يورو لمائة ملتر أولى قابلة للمناقشة والتعديل، وبعد الموافقة على العطر يحصل الزبون على 5 لترات من العطر، وأكد لوكا أن هناك إقبالا غير مسبوق على تصميم العطور الخاصة في إيطاليا من الطبقة الراقية والثرية في إيطاليا وخارجها.
وذكر لوكا أن «آي إف إم» تصنع عطورا لشركات كبرى مثل «روكوباروكو» و«تروساردي» وكارتوتزي من كابري، مشيرا إلى أن نسبة كبرى من الشركات ودور الأزياء تمنع المختبر المصنع بالبوح بأنه يقف وراء تصنيع عطره للمحافظة على الخصوصية التامة.
ولم يخف لوكا فرحته بفوز عطر «أكا كابا» الذي صممه أخيرا ويدخل فيه خشب الصندل والبهار الأسود بجائزة أفضل عطر لعام 2015 في لوس أنجليس، وشرح أن هذا العطر يضم عشبة المريمية فيه أيضا، وهذه العشبة من أصعب ما يمكن أن يستعمل في العطر.
لوكا هو أصغر عطار أو «أنف» (Nose) في أوروبا، وحائز على عدة جوائز عالمية، عمل إلى جانب أهم العطارين أمثال فرنسواز مارين وماريتزيو تشيريتزا، ويقول لوكا إن نجاحه جاء نتيجة عمله في واحد من أهم المختبرات في أوروبا واكتسابه الخبرة من ألمع الأسماء في عالم العطور لا سيما خلال عمله في منطقة غراس في جنوب فرنسا وتتلمذه على يد أستاذته مارين التي كانت تتبوأ منصب مدير مدرسة رور للعطور وهو مدين إليها بالكثير لأنها علمته كل شيء بما فيها كيفية التعامل مع المواد الخام والوصفات والخلطات وتاريخ العطور وقام بالكثير من الرحلات إلى جانبها إلى حقول لاستخلاص رحيق الزهور وتصنيع الزيوت حول العالم.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.