برلمان ليبيا يبدأ رحلة البحث عن خليفة لزيدان و«الإخوان» يدعون لانتخابات مبكرة

طرابلس تتطلع إلى تسلم شقيق زعيم احتجاجات النفط عقب توقيفه في دبي

البرلمان اليبي
البرلمان اليبي
TT

برلمان ليبيا يبدأ رحلة البحث عن خليفة لزيدان و«الإخوان» يدعون لانتخابات مبكرة

البرلمان اليبي
البرلمان اليبي

في إشارة قوية على استمرار الخلافات السياسية بين المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا وعلي زيدان رئيس الحكومة الانتقالية، أعلن عمر حميدان، الناطق الرسمي باسم المؤتمر، عن تدشين عملية البحث عن رئيس جديد للحكومة بدلا من زيدان، لافتا إلى أن رئاسة المؤتمر تسلمت أربعة ملفات للمرشحين لرئاسة الوزراء. وأوضح حميدان، في تصريحات عقب الجلسة التي عقدت أمس، أن رئاسة المؤتمر التي بدأت في تسلم ملفات المرشحين حددت أمس، آخر موعد لتسلم الملفات. ولكنه لم يوضح أسماء المرشحين لخلافة زيدان، ولا الموعد الذي سيصوت فيه أعضاء المؤتمر على سحب الثقة منه تمهيدا لإقالته من منصبه، علما بأن اللائحة الداخلية لعمل المؤتمر الوطني تنص على ضرورة تصويت 120 عضوا من إجمالي عدد الأعضاء الـ200 لعزل رئيس الحكومة.
وأخفق معارضو زيدان في توفير هذا النصاب القانوني على مدى الشهور الأخيرة، فيما أكد زيدان أنه لا يمانع في الرحيل، شريطة الاتفاق على بديل لحكومته خشية وقوع البلاد في أتون الفوضى.
من جهته، دعا حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، المؤتمر الوطني إلى الذهاب مباشرة إلى انتخابات مبكرة في إطار ما وصفه بحرصه على توسيع دائرة التوافق، والمحافظة على السلم المجتمعي. وقال الحزب في بيان له أمس، إنه في الوقت الذي يؤكد فيه حرصه على المسار الديمقراطي والتداول السلمي على السلطة، وحرية التعبير والتظاهر، ورغم أنه مع التوافق الذي جرى داخل المؤتمر بشأن خارطة الطريق، إلا أنه يؤكد أيضا على أهمية خلق أكبر قدر من التوافق داخل المؤتمر وخارجه.
وجاء بيان حزب الإخوان بالتزامن مع إعلان حميدان، أن المؤتمر ناقش الإصلاحات التي توافقت عليها الكتل، في حين جرى إحالة أربع نقاط لم يجر التوافق عليها إلى الكتل لمناقشتها مرة أخرى، وسيجري التصويت عليها في جلسة الأحد المقبل. وأشار البيان إلى أن عضو المؤتمر عن مدينة طبرق، توفيق الشهيبي، قدم استقالته من عضوية المؤتمر خلال جلسة أمس. في غضون ذلك، أكد مصدر عسكري بقاعدة بنينا الجوية في بنغازي فقدان القاعدة الاتصال بإحدى طائراتها العمودية بعد دقائق من إقلاعها من مطار السدرة بالقرب من مدينة البريقة وسط ليبيا. وقال المصدر لوكالة الأنباء المحلية، إن جهودا حثيثة تبذل الآن من قبل القاعدة لاستعادة الاتصال بالطائرة التي يوجد على متنها خمسة ضباط، من بينهم ثلاثة طيارين عسكريين. وأعلنت غرفة عمليات تأمين الجنوب أن الطائرة كانت توقفت مرتين بقاعدة الجفرة ومنطقة السدرة للتزود بالوقود قبل انقطاع الاتصال معها، مشيرة إلى أن «عمليات البحث ما زالت جارية، وأن هناك معلومات غير مؤكدة تفيد برؤية الطائرة في منطقة تسمى (أم الغرانيك) بعد رأس لانوف»، مضيفة أنه «جرى تكليف ثلاث طائرات عمودية أخرى للبحث عن الطائرة المفقودة، بالإضافة إلى مشاركة الكثير من الوحدات العسكرية والثوار في تمشيط المنطقة والبحث عنها».
على صعيد ذي صلة، قال مسؤولون حكوميون إن شقيق إبراهيم الجضران، وهو زعيم سابق للمقاتلين في الانتفاضة الليبية والذي سيطر على موانئ نفطية في شرق البلاد، احتجز في دبي بعد أن أصدرت طرابلس عن طريق الشرطة الدولية (الإنتربول) مذكرة ضبط بتهمة محاولة تهريب النفط الليبي.
وأكد أعضاء في حركة الاحتجاج وأقارب الجضران القبض على شقيقه خالد، لكنهم رفضوا التهم المنسوبة إليه، متهمين الحكومة في طرابلس باختلاق التحقيق للضغط على الجضران من خلال استهداف أسرته. وتعد سيطرة حركة الاحتجاج على الموانئ النفطية من بين أخطر التحديات التي تعترض جهود ليبيا لاحتواء المقاتلين السابقين الذين حاربوا معمر القذافي، ويرفضون الآن سلطة الدولة بعد مرور ما يقرب من ثلاث سنوات على سقوطه.
وأضحى الجضران قائدا لقوة أنشأتها الدولة لحراسة المنشآت النفطية، لكنه انشق هو وجنوده في أغسطس (آب) الماضي، وسيطر على ثلاثة موانئ نفطية وأقام ما يطلق عليه حكومة وأوقف تصدير قرابة 600 ألف برميل من النفط في اليوم.
وقال مصدر رفيع في الحكومة الليبية، وهو مسؤول في مكتب النائب العام، إن خالد الجضران اعتقل في الإمارات العربية المتحدة بعد أن أصدرت ليبيا «مذكرة حمراء» عن طريق الإنتربول. وقال المصدر الرفيع، الذي طلب ألا ينشر اسمه: «هو مطلوب لمحاولته بيع النفط الليبي بطريقة غير مشروعة. وعملية تسليمه جارية».
وقال الصديق الصور، المتحدث باسم النائب العام، لوكالة رويترز إن خالد الجضران اعتقل في الإمارات عندما حاول تجديد جواز سفره في السفارة الليبية، مشيرا إلى أن المعلومات التي تلقتها طرابلس من الإنتربول تفيد بأنه اعتقل واحتجز، وسيتوجه وفد إلى الإمارات خلال أيام. ويتوقع الجانب الليبي تعاون السلطات هناك. وتابع الصور أن خالد «مطلوب بتهم تتصل باحتجاج النفط ومحاولة تهريب النفط الليبي».
وكانت الحكومة أصدرت قبل شهور مذكرة قبض على الجضران نفسه، متهمة إياه بالإضرار بالدولة من خلال وقف تصدير النفط الذي يوفر ما يزيد على 90 في المائة من إيرادات الدولة. وتفيد الأرقام الحكومية بأن ليبيا خسرت ما يربو على سبعة مليارات دولار من إيراداتها منذ بدء الاحتجاج. من جهتها، حثت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الأطراف السياسية والثوار والقوى الحية والشخصيات على إعلاء الأهداف الوطنية العليا فوق المصالح والحسابات الفئوية والظرفية، والعمل بكل الوسائل لمنع تأجيج الصراعات على نحو ينذر بالانزلاق إلى الانفلات الأمني والفوضى.
وأكدت البعثة في بيان لها مجددا وقوفها إلى جانب الشعب الليبي في تطلعه إلى تحقيق ما ناضلت من أجله ثورة 17 فبراير (شباط) عام 2011، مشيرة إلى أنها تنظر بعين القلق إلى كل محاولة تنتقص من حق الليبيين في التعبير عن آرائهم ومواقفهم السياسية بما في ذلك حقهم في التظاهر السلمي. وشدد البيان على تضافر الجهود بين مختلف القوى من أجل تعزيز ثقة الليبيين وثقة العالم، بإمكانية السير قدما في المسار الانتقالي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.