نقطة نور تضيء النفق لمرضى السرطانhttps://aawsat.com/home/article/374761/%D9%86%D9%82%D8%B7%D8%A9-%D9%86%D9%88%D8%B1-%D8%AA%D8%B6%D9%8A%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D9%82-%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%B6%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D8%B7%D8%A7%D9%86
تعافى عدد من مرضى السرطان الميؤوس من شفائهم بشكل كبير من خلال تناول مزيح جديد من العقاقير، وفي اختبار استغرق أكثر من نصف المرضى شهورا ليروا الأورام المميتة في أجسادهم تتقلص أو تختفي تماما. كانت هذه نتائج اختبارات لعدد من العلاجات التي تقيّد النظام المناعي بالجسم، وتم إعلانها خلال المؤتمر السنوي لجمعية طب الأورام في شيكاغو مساء أمس (الأحد). وجاءت النتائج مبشّرة في مكافحة سرطان الجلد ومرض الرئة. وتقول صحيفة «تلغراف» البريطانية، إن النتائج أظهرت تأثيرا «مذهلا» ضد الكثير من أنواع السرطان، فيما قال خبراء إن المرضى في المراحل المتقدمة من الإصابة بالسرطان، بما فيها سرطان الرئة والمعدة والمبيض والرحم، قد يتم علاجهم بالعقاقير في المستقبل. ويقول كبار أطباء السرطان، إن العلاج المعروف بأنه علاج مناعي، قد يغير العلاج التقليدي للسرطان جذريا، لإنقاذ بعض المرضى من الآثار الضارة للعلاج الكيماوي. روي هربست، رئيس قسم الأورام بمركز «Yale» للسرطان، وصف النتائج بالمذهلة، وقال: «أعتقد أنها ضخمة، وأعتقد أننا نرى تحولا محوريا في طريقة علاج الأورام». وأضاف هربست، أنه يرى إمكانية عمل هذه الطريقة الجديدة في كل أنواع السرطان تقريبا، خاصة لأن التجارب كانت أفضل مع السرطانات الأصعب في العلاج. ونقلت «تلغراف» عن بروفسور الأورام بمعهد أبحاث السرطان بالمملكة المتحدة، بيتر جونسون، قوله إن العقاقير تلك التي تعمل من خلال تهذيب النظام المناعي، تعد واحدة من أعظم الإنجازات في علاج السرطان على مدار أربع سنوات. وقال: «النتائج التي أظهرتها التجارب تشير إلى أننا في بداية عصر جديد تماما لعلاج السرطان».
«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية
جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
استقبل مسرح «الطليعة» في مصر أحد العروض الشهيرة للكاتب الآيرلندي الراحل صمويل بيكيت (1906- 1989)، «لعبة النهاية»، الذي رغم احتفاظه بالروح الأصلية للعمل الشهير المنسوب إلى مسرح العبث، فقد شكَّل إضاءة على مشاعر الاغتراب في الواقع المعاصر. وهو عرضٌ اختتم مشاركته في مهرجان «أيام قرطاج المسرحي» ليُتاح للجمهور المصري في المسرح الكائن بمنطقة «العتبة» وسط القاهرة حتى بداية الأسبوع المقبل.
على مدار 50 دقيقة، يحضر الأبطال الـ4 على المسرح الذي يُوحي بأنه غُرفة منسيّة وموحشة، فيتوسّط البطل «هام» (محمود زكي) الخشبة جالساً على كرسيّه المتحرّك بعينين منطفئتين، في حين يساعده خادمه «كلوف» ويُمعن في طاعته والإصغاء إلى طلباته وتساؤلاته الغريبة التي يغلُب عليها الطابع الساخر والعبثيّ المُتكرّر عبر سنوات بين هذا السيّد والخادم.
يَظهر والد «هام» ووالدته داخل براميل قديمة وصدئة، ويجلسان طوال العرض بداخلها، ولا يخرجان إلا عندما يستدعيهما الابن الذي صار عجوزاً، فيسألهما أسئلة عبثية لا تخلو من تفاصيل عجيبة، ويخاطبهما كأنهما طفلين يُغريهما بالحلوى، في حين يبادلانه أحاديث تمتزج بالذكريات والجنون، ليبدو كأنهما خارج العالم المادي؛ محض أرواح مُحتضرة تُشارك «هام» هلوساته داخل تلك الغرفة.
في المعالجة التي يقدّمها العرض، يحتفظ المخرج المصري السيد قابيل بأسماء الأبطال الأجنبية التي كتبها صمويل بيكيت من دون منحها أسماء محلّية. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «قدَّم المسرح المصري هذه المسرحية قبل 60 عاماً تقريباً في عرض للفنان الكبير الراحل سعد أردش، لكنه كان باللغة العربية الفصحى. اليوم، عالجتُ النص وأقدّمه بالعامية المصرية. احتفظت بالأسماء الأصلية للأبطال وهوياتهم، وكذلك بروح العمل وتفاصيل الحوار فيه، خصوصاً أنّ لهذا العرض الذي ينتمي إلى مسرح العبث فلسفته التي تمسّكتُ بها ضمن قالب جديد».
يؤدّي دور الخادم «كلوف» الفنان المصري محمد صلاح الذي اعتمد جزءٌ كبير من أدائه على الإفراط بحركات سير متعرّجة في محاولاته المُتسارعة لتلبية طلبات سيّده الأعمى، إذ يبدو كأنه في مَهمّات لا نهائية، منها ترتيب البيت الخالي بشكل فانتازي. بالإضافة إلى تردّده الدائم على نافذة الغرفة التي يظّل سيّده يطلب منه وصف ما يدور خارجها، فيصف له الضوء والبحر اللذين لا يدرك إذا كانا موجودَيْن بالفعل أم محض خيال.
على مدار العرض، يظلُّ الخادم يسأل: «لماذا أطيعك في كل شيء؟»، و«متى جئتُ إلى هذا البيت لخدمتك؟»، فيكتشف أنه قضى عمره داخل جدرانه المخيفة، فيقرّر في خطوة خلاص مغادرة خدمة سيّده، فتكون لحظة فتحه باب البيت هي عينها لحظة نهاية اللعبة، حتى وإنْ ظلّ واقفاً أمامه، متوجّساً من الخروج إلى العالم الحقيقي ومواجهة المجهول. لحظة تحدّيه سيطرة سيّده «هام» سرعان ما تبدو كأنها لا تختلف عن «الفراغ» الذي أمامه، بما يعكس فلسفة صمويل بيكيت عن سخرية الحياة، حيث لا يبدو الهروب من عبثها ممكناً أبداً.
يشير مخرج العرض السيد قابيل إلى أنّ «للقضية التي تطرحها المسرحية صيغة إنسانية عابرة للمكان والزمان، وتصلُح لتقديمها في أي وقت؛ وإنْ كُتب النصّ الأصلي لبيكيت في الخمسينات. فكثير من نصوص شكسبير، والنصوص اليونانية القديمة العائدة إلى ما قبل الميلاد، لا تزال قابلة لإعادة تقديمها، وصالحة لطرح أسئلة على جمهور اليوم. وفي هذا العرض أدخلنا بعض الإضافات على الإضاءة والموسيقى للتعبير بصورة أكبر عن دراما الأبطال، ومساعدة المتلقّي على مزيد من التفاعُل».
وعكست ملابس الممثلين الرثّة حالة السواد التي تطغى على عالمهم، في حين وُظّفت الإضاءة في لحظات المُكاشفة الذاتية التي تتوسَّط سيل الحوارات الغارقة في السخرية والتكرار العدميّ والخضوع التام. فإذا كان السيّد الأعمى والمشلول يعتمد على خادمه في مواصلة لعبة عبثية يتسلّى بها في عزلته، فإنّ الخادم يظلُّ غير قادر على تصوُّر الحياة بعيداً عن قواعد تلك «اللعبة».