وضع مأساوي في مدينة معضمية الشام بريف دمشق يتكرر بعد تجربتها الهدنة الاضطرارية مع نظام الأسد

في تقرير خاص تلقته «الشرق الأوسط»

وضع مأساوي في مدينة معضمية الشام بريف دمشق يتكرر بعد تجربتها الهدنة الاضطرارية مع نظام الأسد
TT

وضع مأساوي في مدينة معضمية الشام بريف دمشق يتكرر بعد تجربتها الهدنة الاضطرارية مع نظام الأسد

وضع مأساوي في مدينة معضمية الشام بريف دمشق يتكرر بعد تجربتها الهدنة الاضطرارية مع نظام الأسد

وردنا تقرير إنساني صادر عن «المجلس المحلي والقوى الثورية» في مدينة معضمية الشام في ضواحي العاصمة السورية دمشق حول ما آلت إليه الأوضاع نتيجة الحصار الذي تفرضه قوات نظام بشار الأسد على المدنيين، وبالذات تلك التي تشرف على الحواجز والمتمثلة في:
1- قيادة الفرقة الرابعة. 2- المخابرات الجوية. 3- «اللجان الشعبية» أو ما باتت معروفة به تحت اسم «الدفاع الوطني». 4- فرع الأمن العسكري.
وفي ما يلي نص التقرير: «إن ما تقوم به قوات النظام من إحكام سيطرتها على المعبر الوحيد للمدينة، الذي يعد اليوم المتنفس الرئيسي لها، ليس مجرد عملية إغلاق بل هو حصارٌ جائر وكارثي بحق الإنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. لا سيما وأن قوات النظام لها تجربة سابقة في فرضها حصارًا على المدينة دام لأكثر من سنتين أودى بحياة أحد عشر شخصًا ماتوا من الجوع ونقص في الدواء، وكان جلهم من الأطفال. وهو ما جعل المدينة، بعد تخلي الجميع عنها، أمام خيار اعتبره الكثيرون خيانة للثورة لكنهم لم ينظروا لهذا الأمر بعين الإنسانية، وبأنه السبيل الوحيد والملاذ الآمن لإنقاذ أرواح الأطفال والنساء والشيوخ. كان الخيار عقد هدنة مع النظام يتم من خلالها وقف العمليات العسكرية لقاء فك الحصار والإفراج عن المعتقلين وإدخال المواد الغذائية والاستهلاكية والدوائية والمحروقات وعودة الكهرباء وكف النظام عن حملة الاعتقالات بحق شباب ونساء المدينة وعودة المهجرين إليها بعدما ذاقوا ويلات ومرارة التشرد والنزوح سواء في الداخل السوري أو في الخارج».
في بادئ الأمر جرى السماح بعودة أكبر عدد ممكن من المشرّدين والمهجّرين إليها حتى بلغ تعداد العائدين يفوق الأربعين ألفا ظنًا منهم أنهم في مأمن من الاعتقال والحصار من خلال الوعود الخلّبية التي رسمها لهم النظام. وتم السماح بإدخال المواد الغذائية والإنسانية بشكل محدود جدًا كي لا يتمكن أحد من عملية التخزين لأي نوع من المواد الغذائية التي تم السماح بإدخالها بل كانت أشبه بوجبة يومية يقتنيها الأهالي. ولكن، استمرت حملة الاعتقالات ولم يفرج عن أي معتقل، بل تم إخطار الأهالي بأسماء ثمانية عشر معتقلاً استشهدوا في المعتقلات. وها نحن اليوم بعد مرور الأيام والأشهر على الهدنة التي أبرمت بتاريخ 25-12-2013 يجد المدنيون الذين عادوا إلى المدينة أنفسهم أمام واقع مرير وأوضاع مأساوية؛ فهم يفتقرون لأبسط مقومات الحياة فيها وجميع أحلامهم وآمالهم كانت مجرد وهم وسراب، وما كان السماح لهم بالعودة إلا مجرد طعم قد أوقعهم النظام به لقادم الأيام. فمن خلال الكثافة السكانية وفرض الحصار يجعل الأمر أكثر سهولة عليه في إخضاع المدينة وجعل المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ «ورقة ضغط» يعتبرها رابحة على القوى الثورية في المدينة للتخلي عن الثورة وتسليم البلد له على طبق من ذهب.
واليوم، بعد مرور قرابة الشهرين منذ تاريخ 17-02-2015، عاد النظام مجددًا ليفرض حصارًا عديم الإنسانية؛ فقد أغلق المتنفس الوحيد للمدينة ورُفض السماح بإدخال أي نوع من المواد الغذائية والاستهلاكية والدوائية أو حتى كسرة خبز وحبة قمح وشعير تساعد الناس في البقاء على قيد الحياة. ورغم علم ودراية النظام بوجود ما يفوق الأربعين ألف نسمة داخل المدينة وافتقار الأهالي لأي مخزون من الأغذية، وانعدامها في كل المحال التجارية التي أغلقت أبوابها بعد عشرة أيام من فرض الحصار وعدم تمكن التجار من إدخال أي شيء.
ولم تسلم الطفولة من إجرام الأسد، إذ يتعرض الأطفال الذين فاق عددهم ثمانية آلاف وخمسمائة طفل وطفلة (8500) للحصار. فلقد منع الأهالي في المدينة من إدخال أي نوع من أغذية الأطفال والأدوية والحليب ومستلزماتهم، وودعت المدينة في أقل من شهرين أربعة من الأطفال ماتوا نتيجة سوء التغذية ونقص الأدوية ليبلغ إجمالي ما فقدته المدينة من أطفال نتيجة الجوع والحصار خمسة عشر طفلاً (15) لتتجلى معاني الكارثة الإنسانية.
كذلك لم يقتصر حرمان الأهالي من الطعام والشراب والدواء، بل تجاوزه ليشمل مادة المحروقات والغاز حتى بات قطع أشجار الزيتون المنجى الوحيد لدرء البرد القارس، حيث قطعت آلاف الأشجار لتكون شاهدة على جريمة هذا العصر. وأما من لا يمتلك الشجر فقد سعى للبحث عن المواد البلاستيكية لكسر سم البرد وإشعال موقد طعام أبنائه رغم الخطورة البالغة في هذه المواد البلاستيكية وما تسببه من كارثة طبية نتيجة المواد الكيماوية التي تنبعث منها.
وبالتالي، ذهبت المدينة إلى كارثة طبية حقيقية في ظل انعدام الأدوية والأدوات الطبية اللازمة والضرورية لآلاف الأشخاص من الأطفال والنساء والشيوخ ولا سبيل لإنقاذ حياتهم، في ظل منع قوات الأسد من إدخال أي نوع منها. إذ إن المواد الطبية تعتبرها قوات الأسد من المواد المحرمة والخطيرة. وهكذا ساعد ضعف الوجود الطبي وفقدان الأدوية على تفشي الأمراض كالتهاب الكبد الوبائي والتهاب السحايا وسوء التغذية (الماراسموس) والحمى التيفية، وكذلك انتشار الكثير من الأمراض السارية والمعدية كالتهاب ذات الرئة والأمراض الجرثومية والفيروسية والطفيلية الأخرى، وبنسب متفاوتة، فضلاً عن مرضى السكري والقلب والتهاب الشرايين والمفاصل وقد فاق إجمالي عدد المصابين والمرضى الأربعة آلاف ومائتي (4200) مريض. جميع هذه الأمراض تجعل الكادر الطبي أمام تحدٍ كبير أمام حجم هذه الكارثة التي جعلته عاجزًا تمامًا عن تقديم الواجب لآلاف المرضى على أكمل وجه؛ إذ إن الأطباء لا يمتلكون في المشفى الطبي أدنى مقومات العلاج وإنقاذ الأرواح.
كل هذه الأوضاع التي عمد النظام إلى افتعالها بحصاره للمدينة واتباع سياسة التجويع وضعت المدنيين بمواجهة أخطر كارثة إنسانية لا تبقي ولا تذر، تهدد حياة الأطفال والنساء والشيوخ الذين - كما سبقت الإشارة - يفوق عددهم الأربعين ألفا، في ظل صمت رهيب من قبل المنظمات الإنسانية والحقوقية وهيئة الأمم المتحدة ومنظمة الهلال الأحمر السوري، بدلاً من فك الحصار والضغط على النظام للكف عن قتل المدنيين بسلاح الجوع.



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».