لبنان: اعتصامات احتجاجًا على «الحكم المخفف» بحق سماحة

الرافعي: سنستمر في تحركاتنا رغم أن المعطيات السياسية تشير إلى أن الحكم مبرم

جانب من احتجاجات طرابلس (رويترز)
جانب من احتجاجات طرابلس (رويترز)
TT

لبنان: اعتصامات احتجاجًا على «الحكم المخفف» بحق سماحة

جانب من احتجاجات طرابلس (رويترز)
جانب من احتجاجات طرابلس (رويترز)

ما زال الحكم الصادر بحق الوزير السابق ميشال سماحة المتهم بنقل متفجرات من سوريا لاستهداف شخصيات لبنانية وإفطارات في مدينة طرابلس، يتفاعل في لبنان سياسيا وشعبيا، لاقتصاره على السجن أربع سنوات ونصف السنة وتجريده من حقوقه المدنية. وبعدما جرى عرض على قنوات التلفزيون اللبنانية لتسجيلات بالصوت والصورة تؤكد ضلوع سماحة بالجريمة، وهو ما سبق له أن اعترف به، قال وزير العدل اللبناني أشرف ريفي أمس: «بعد أن شاهدنا كافة فصول الجريمة والأدوار التي كلف بها الإرهابي ميشال سماحة، نقول إن الحكم لا يتناسب مع الجريمة، ونحضّر التمييز، و(أنا) أمارس حقي الطبيعي القانوني، كما أنني أحضر مشروع قانون لإلغاء المحكمة العسكرية لتقديمه إلى مجلس الوزراء». وتوجّه ريفي إلى من طالبه بالاستقالة قائلا: «نناضل من أجل حماية الإنسان، وهناك أبواق تطالب باستقالتي فاتها أنني قضيت 8 سنوات في مواجهة الدويلة، وأنا صاحب قضية ورسالة، ومستمر بهذه المواجهة». وقالت قناة «إل بي سي» إنّ مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر الذي بدأ بدراسة القضية لإعداد الطعن، سيطلب مجددًا مواجهة سماحة بالأفلام المسجلة التي يبدو أنها كانت ضمن الملف لكن المحكمة لم تواجهه بها، بل اكتفت بنصها.
في هذه الأثناء، توالت المواقف المستنكرة للحكم من قبل فريق «14 آذار»، واصفة إياه بـ«المهزلة»، وقال رئيس تيار المستقبل، رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، عبر «تويتر»: «سماحة حاول إشعال حرب أهلية، فحكم بأربع سنوات. وسام أحبط محاولته وأنقذ كل اللبنانيين من الحرب، فتم إعدامه. أمام أي محكمة تستأنف هذه الأحكام؟»، في إشارة إلى اللواء وسام الحسن، رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي الذي اغتيل في انفجار استهدفه بمنطقة الأشرفية في بيروت، في أكتوبر (تشرين الأول) 2012، أي بعد شهرين من توقيف سماحة على أيدي الفرع الذي يرأسه الحسن.
وفي مدينة طرابلس، عاصمة الشمال، نظمت أمس، بدعوة من «هيئة العلماء المسلمين»، مسيرات بعد صلاة الجمعة، حيث سجّل انتشار لوحدات الجيش اللبناني، كما قطع أهالي بلدة سعدنايل في شرق لبنان طريق عام سعدنايل - تعلبايا، احتجاجا على حكم المحكمة العسكرية بحق سماحة. وردّد المعتصمون هتافات مطالبة بحل المحكمة العسكرية وتحويل ملف سماحة إلى المجلس العدلي، وبتنحي القاضي الذي أصدر الحكم.
وقال الشيخ سالم الرافعي، رئيس هيئة العلماء المسلمين، إنّ هناك اعتصاما لأهالي الموقوفين في سجن رومية غدا احتجاجا على الحكم المخفف الصادر بحق سماحة، معتبرين أن أبناءهم الذين لا يزالون قابعين في السجون من دون محاكمة، ظلموا. وفي حين اعتبر الرافعي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنّ كل المعطيات السياسية المتعلقة بقضية سماحة تشير إلى أن الحكم أصبح مبرمًا ولن يحدث أي تعديل عليه، أكد أن تحرّكات الهيئة في المرحلة المقبلة سيحددها مسار الأمور، قائلا: «عندها يبنى على الشيء مقتضاه». وأضاف: «في اليوم الذي صدر فيه الحكم على سماحة كان رئيس مكتب الأمن القومي في سوريا اللواء علي مملوك المتهم بتسليمه المتفجرات لنقلها إلى لبنان، يظهر في لقاءات مع الرئيس السوري بشار الأسد، بينما لم تصدر حتى مذكرة توقيف غيابية بحقه في لبنان».
هذا، وأطلق النائب في تيار المستقبل معين المرعبي موقفًا أمام مسجد السلام في طرابلس؛ حيث نفذ اعتصاما قال فيه: «نريد أن نقول إنه لا بلد من دون عدالة، ولا وطن من دون عدالة، ولا سلام من دون عدالة. وماذا ينفع لبنان إذا كان دمنا رخيصًا؟ ماذا ينفعنا إذا ذهبت العدالة واستهدفت فئة من اللبنانيين؟ هل يهون السنة عليكم؟». وأضاف: «أريد أن أخاطب غبطة البطريرك والسادة المطارنة والإخوة الموارنة جميعًا.. أريد أن ألفتكم إلى أن ميشال سماحة الذي وقف إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد، أعدّوا لفتنة طالت عاصمتنا طرابلس، ومساجدنا، وكانت تقضي بإحداث فتنة وطنية باستهداف مفتي طرابلس وغبطة البطريرك».
في المقابل، هاجم نوار الساحلي، النائب في كتلة حزب الله، الوزير ريفي، فقال في تصريح أدلى به أمس: «لم تفاجئنا تصرفات الوزير أشرف ريفي، الذي يبدو أنه حتى الساعة ليس مقتنعا بأنه وزير للعدل في حكومة المصلحة الوطنية، ولا المواقف المتشنجة التي أدلى بها تعليقا على الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية في قضية سماحة». ورأى الساحلي أن «تحقير المحكمة والقضاء، جرم جزائي يعاقب عليه قانون العقوبات اللبناني في المادة (383) منه، التي تنص على سجن من يرتكب هذا الفعل. وما قام به ريفي هو جرم مشهود، ويجب أن يبنى على الشيء مقتضاه».
وسأل: «هل هو وزير للعدل في حكومة المصلحة الوطنية، أم هو قائد لمحاور وشوارع؟ وأين هو مشروع الدولة وأين المؤسسات أمام تلك الممارسات؟».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.