ينتظر أن تكون الدورة الـ18 لـ«مهرجان كناوة وموسيقى العالم»، الذي ينظم ما بين 14 و17 مايو (أيار) الحالي في مدينة الصويرة المغربية، امتدادا طبيعيا، ثقافيا وموسيقيا للتوجه الدبلوماسي والثقافي والاقتصادي الجديد للمغرب في أفريقيا. وبهذه الروح، تقول نائلة التازي، منتجة ومديرة المهرجان «ستقدم الدورة الرابعة للمنتدى، الذي ينظم بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حول موضوع (أفريقيا القادمة - نساء أفريقيا: الإبداع وريادة الأعمال) توضيحات عن الدور الرئيسي الذي تضطلع به النساء في تحول القارة الأفريقية، التي ظلت تحضر باستمرار ضمن البرامج الموسيقية لمختلف دورات المهرجان، من خلال مشاركة فناني المغرب وجنوب الصحراء، ومن خارج القارة السمراء، بشكل كرس اختيار الافتخار الأبدي بالجذور الأفريقية للمغرب ومدينة (الصويرة) ولون موسيقي (كناوة)، لذلك قدم المهرجان فنانين من مختلف قارات العالم طبعوا ببصمتهم موسيقى تشرب من معين الثقافة الأفريقية الذي لا ينضب».
وكان منظمو المهرجان قد أضافوا، انطلاقا من دورة 2012، فقرة المنتدى للحوار والتبادل ومناقشة مواضيع آنية، في سياق يعرف تحولات اجتماعية وسياسية. وتقول التازي، في هذا السياق: «في المغرب الذي يتغير، نحن بحاجة لأماكن حيث تتبادل الأفكار من دون لغة خشب، ويبرز مثالنا الديمقراطي المغربي بكل تميزه».
وتنطلق دورة هذه السنة من «مهرجان كناوة» يوم الخميس المقبل، لتتواصل على مدى أربعة أيام، حيث ينتظر أن يكون العيش المشترك، كما تقول التازي، «واقعا فعليا، وجوابا على العنف الذي نعيشه في عالمنا اليوم»، وذلك بمشاركة 300 فنان و24 مثقفا من 9 دول، في 4 قارات، يقدمون إبداعاتهم على 5 منصات، تشمل ساحة مولاي الحسن ومنصة الشاطئ وشرفة برج باب مراكش، فضلا عن دار الصويري والزاوية العيساوية، إلى جانب أبرز المعلمّين (بتسكين الميم الأولى واللام) والموسيقيين المغاربة، كعبد السلام عليكان ومصطفى باقبو ومحمد كويو وحميد القصري وعبد الكبير مرشان، فيما سيعرف المنتدى مشاركة وزراء وأساتذة ومؤرخين وعلماء أنثروبولوجيا واجتماع ورجال أعمال وفنانين، يتوزعون على أربع موائد مستديرة تتصل بأربعة محاور، تشمل «الأسرة تعيش ثورة» و«البروز المهني الجديد للنساء» و«النساء والإبداع» و«النساء والسياسة». وفضلا عن سهرات المهرجان الموسيقية ومحاور المنتدى، ستعرف الدورة إقامة «شجرة الكلمات»، التي تهدف إلى التعريف بالتقاليد «الكناوية»، وإبراز المواهب الجديدة في هذه الموسيقى، فضلا عن برمجة عروض في الفنون التشكيلية والفوتوغرافية بعدد من أورقة العرض بالمدينة.
وكان «مهرجان كناوة» قد انطلق، في سنته الأولى 1988، تحت شعار «الحرية، العيش المشترك، الكونية والإخاء». ويتطلع منظموه، اليوم، إلى تسجيل الثقافة الكناوية ضمن التراث غير المادي العالمي. وقدم المغرب ملفا لليونيسكو من أجل تسجيل هذه الثقافة ضمن التراث الإنساني، عبر مسعى تدعمه وزارتا الثقافة والشؤون الخارجية والتعاون. ومن المتوقع أن يتحقق هذا المسعى، حسب المنظمين، بعد سنتين، و«إذ ذاك، سيبلغ المهرجان سنته العشرين. إننا نأمل بحماس أن تكون هذه الذكرى الاستثنائية مناسبة للاحتفال معا بهذا الاعتراف الدولي بموسيقى وثقافة كناوة. وهو أيضا تكريس لـ20 سنة من العمل ومن الالتزام، واعتراف عالمي بكناوة، الذين كانوا يعتبرون، ربع قرن من قبل، مجرد موسيقيي شوارع. وسيكون هذا التسجيل ضمن التراث العالمي انتصارا بالنسبة للمغرب ولعالم الفن بصورة عامة»، تقول التازي، التي لا تنسى أن تذكر أن المهرجان قد استقبل، في دورته الأولى، بصفته «أول مهرجان شعبي ومجاني، والذي فتح الباب لعدة مهرجانات أخرى، فنانون جاءوا من جميع أنحاء العالم للتوحد فنيا مع كناوة، الضامنون لإرث ثمين والشاهدون على الطابع الأفريقي للمغرب والمتصوفون الحاملون تقليدا عتيقا».
وبعثت إرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونيسكو، رسالة، بمناسبة افتتاح المنتدى الأول للمهرجان، تقول فيها: «الموسيقى لغة كونية. إنها عامل محفز على الحوار والتقارب، بغض النظر عن الحدود. جميع صانعي السلام يعتزون بقوة الموسيقى ويرغبون في دعم الفنانين الذين يسهرون على استدامتها». وقد فرض المهرجان وجوده كتظاهرة أساسية في الساحة الثقافية الدولية من أجل مساهمته في نشر كل الألوان الموسيقية والموسيقى المغربية على وجه الخصوص.
مهرجان «كناوة وموسيقى العالم» في الصويرة يحتفي بنساء أفريقيا
امتدادًا للتوجه الجديد للدبلوماسية الثقافية للمغرب في القارة السمراء

جانب من فعاليات مهرجان {كناوة وموسيقى العالم} في الصويرة («الشرق الأوسط»)
مهرجان «كناوة وموسيقى العالم» في الصويرة يحتفي بنساء أفريقيا

جانب من فعاليات مهرجان {كناوة وموسيقى العالم} في الصويرة («الشرق الأوسط»)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة