السعودية: التغييرات الهيكلية ومعالجة الخطة العاشرة تدعمان تنويع الاقتصاد وتخلقان فرص عمل جديدة

توقعات بجني ثمارها بجذب الاستثمار الأجنبي النوعي وتعزيز مصادر الطاقة البديلة

السعودية: التغييرات الهيكلية ومعالجة الخطة العاشرة تدعمان تنويع الاقتصاد وتخلقان فرص عمل جديدة
TT

السعودية: التغييرات الهيكلية ومعالجة الخطة العاشرة تدعمان تنويع الاقتصاد وتخلقان فرص عمل جديدة

السعودية: التغييرات الهيكلية ومعالجة الخطة العاشرة تدعمان تنويع الاقتصاد وتخلقان فرص عمل جديدة

أكد لـ«الشرق الأوسط» اقتصاديون أن التغييرات السعودية الجديدة جاءت مواكبة لحاجة المرحلة، في ظل التوجه العام نحو التنويع الاقتصادي وتدارك خطر الاعتماد على البترول كمصدر دخل وحيد، على الرغم من السياسات الناجعة لضبط إنتاجه بما ينسجم وحاجة التوازن مع الأسواق العالمية.
ودعا الاقتصاديون وزير العمل الجديد إلى أهمية العمل على التعديل في مسار الخطة الخمسية، ومراعاة التغيرات الهيكلية في الاقتصاد بمعالجتها للخطة العاشرة، بهدف خلق المزيد من فرص العمل للمواطنين، وزيادة الإنتاجية في بعض القطاعات التي تدعم سياسة تنويع مصادر الدخل.
وفي هذا السياق، أوضح المحلل الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة أن التغييرات التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز تتناغم مع رؤية السعودية لعام 2020، التي تقضي ليس فقط بالبقاء على متانة الاقتصاد الوطني وإنما قدرته على الاستمرار في النمو، متزودا بسياسة التنويع الاقتصادي كهدف استراتيجي.
وعن الأثر المباشر للتغييرات الجديدة على المستوى الاقتصادي تحديدا، يعتقد باعجاجة أن تعيين الأمير محمد بن سلمان وليا لولي العهد بجانب مهامه الأخرى، يعزز الرؤية المستقبلية للاقتصاد السعودي، كون ذلك يدفع بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بعجلة متسارعة نحو تحقيق الرؤية الكلية الشاملة لصناعة مستقبل أفضل للاقتصاد الوطني.
وقال باعجاجة: «إن الأمير محمد بن سلمان، كرئيس أيضا للمجلس الاقتصادي للتنمية، سيدفع برؤيته الثاقبة حول نجاعة السياسات المرسومة، من أجل استيعاب المستجدات في الاقتصادات والأسواق العالمية، خصوصا أن السعودية تعتمد على البترول اعتمادا رئيسيا كمصدر دخل رئيسي، في وقت يشهد فيه سعر النفط هبوطا بلغ 40 دولارا للبرميل».
ولفت باعجاجة إلى أن السياسة السعودية لا تغفل أن النفط - حاليا - يتعرض لهزات واضطراب في السعر واتجاهه نحو الانخفاض، في وقت تستخرج فيه أميركا نفطها الصخري، والدخول به في حلبة المنافسة على النفط الخام حيث أصبح بمثابة منافس من حيث استحواذه على حصة من جذب مشترين من الصناع لهذا المنتج.
وأضاف باعجاجة: «في هذا الظرف الحالي، سيسهم تولي الأمير محمد لولاية ولي العهد، بشكل كبير في أن ترى رؤيته كرئيس أيضا للمجلس الاقتصادي للتنمية، النور نحو تعزيز التوجه لخلق خيارات مصادر دخل تزيد مع الأيام بجانب النفط».
ويعتقد أن هناك توجها لبعض الشركات السعودية العملاقة، تسير على هذا النهج، مبينا أن «أرامكو السعودية» قسمت لعدة شركات، منها شركة للإنتاج وأخرى للتكرير وشركة للاستشارات، مشددا على ضرورة أن يكون هناك عدد من المنتجات المستقبلية الخاصة التي تعزز التنويع في مصادر الدخل، وتنوع الإنتاج وتحسن البيئة الاستثمارية وتجذب الاستثمار الأجنبي.
وتوقع باعجاجة مستقبلا زاهرا للاقتصاد السعودي، على ضوء التغييرات الجديدة، بما في ذلك الدماء الجديدة التي ضخت في جسد وزارة الاقتصاد والتخطيط، التي ستعزز اتباع تنويع الاقتصاد مع ضبط إنتاج النفط بحيث لا يكون هو المصدر الوحيد للدخل، على حد تعبيره.
ودعا باعجاجة المهندس عادل بافقيه وزير الاقتصاد الجديد، إلى العمل على التعديل في مسار الخطة الخمسية، وقال: «الآن بدأنا في السنة الأولى من الخطة الخمسية العاشرة، ولا بد أن يراعي الوزير بافقيه تلك التغيرات الهيكلية في الاقتصاد ووضعها للخطة العاشرة، لخلق المزيد من فرص العمل للمواطنين، مع زيادة الإنتاجية في بعض القطاعات التي تدعم سياسة تنويع مصادر الدخل».
من ناحيته، قال الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية: «إن قرار خادم الحرمين الشريفين الذي قضى بتغييرات على مستوى ولي العهد وولي ولي العهد، لا تنفصل عن رؤيته الثاقبة لمستقبل الاقتصاد السعودي، بحيث يستوعب المستجدات ويقاوم التحديات التي تواجه الاقتصادات العالمية حاليا».
ويعتقد باعشن أن قرار خادم الحرمين الشريفين، الأخير، أسس لمرحلة اقتصادية مبشرة بنقلة كبيرة، وترسم الخطوط العريضة التي أعلن عنها، في كلمته الشاملة التي وجهها لشعبه في وقت سابق، مشيرا إلى تعزيز اتباع سياسة التنويع الاقتصادي وتحسين البيئة الاستثمارية وإشراك القطاع الخاص في السياسة الاقتصادية العامة.
ولفت باعشن إلى أن الملك سلمان أكد أنه بصدد بناء اقتصاد قوي تتعدد فيه مصادر الدخل، مع السعي للحد من تأثير انخفاض النفط على مسيرة التنمية، ونوه بأن القطاع الخاص شريك أصيل في التنمية، مشيرا إلى أن ذلك بمثابة المحفز القوي لدفع الدولة نحو دعم فرص القطاع الخاص، ليسهم في تطوير الاقتصاد الوطني.
من جهته، أكد الباحث والمحلل الاقتصادي الدكتور عبد الحليم المحيسن أن التغييرات الجديدة تؤثر إيجابا بشكل مباشر على مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وحمل وزارة الاقتصاد معالجة سياساتها من أجل بناء اقتصاد قوي قائم على أسس متينة، تتعدد فيه مصادر الدخل، وبالتالي تحقق التنويع الاقتصادي وتتدارك خطورة الاعتماد على النفط كمصدر دخل رئيسي.
وأكد المحيسن أن التغييرات السعودية الجديدة تأتي في إطار الرؤية المستقبلية للملك سلمان في رسم خريطة عمل مستوعبة للمستجدات كافة ومقاومة التحديات، استمرارا في تنفيذ البنى التحتية للمشروع الاقتصادي السعودي المقبل، والسير على طريق الإصلاح الاقتصادي ومواصلة سياسة التنويع الاقتصادي المطلوب لتحقيق التنمية الشاملة والدفع بالعملية التنموية بشكل أسرع.
ونوه المحيسن بأن التغييرات الأخيرة تتناغم مع التوجه السعودي لبناء اقتصاد لا تهزه رياح اضطرابات أسعار البترول، من خلال اتباع سياسة التنويع الاقتصادي وتوفير بدائل وخيارات مصدر الدخل الواحد، وتعزيز التعاون الاقتصادي في مجال الاقتصاد القائم على المعرفة، وتحفيز مجالات الصناعات الحديثة وتوفير مصادر أخرى للطاقة من الطاقة المتجددة والطاقة النووية.



بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
TT

بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)

حثت وزارة الخارجية الصينية يوم الجمعة الساسة الأميركيين على ممارسة المزيد من «الحس السليم» بعد أن دعا عضو في مجلس الشيوخ الأميركي إلى إجراء تحقيق في واردات الثوم الصيني، مستشهدا بمخاوف بشأن سلامة الغذاء وممارسات العمل في البلاد.

وكتب السيناتور الجمهوري ريك سكوت إلى العديد من الإدارات الحكومية الأميركية هذا الأسبوع، واصفا في إحدى رسائله الثوم الصيني بأنه «ثوم الصرف الصحي»، وقال إن استخدام البراز البشري سمادا في الصين أمر يثير القلق الشديد.

وفي رسائل أخرى، قال إن إنتاج الثوم في الصين قد ينطوي على ممارسات عمالية استغلالية وإن الأسعار الصينية المنخفضة تقوض جهود المزارعين المحليين، ما يهدد الأمن الاقتصادي الأميركي.

وتعتبر الولايات المتحدة الصين أكبر مورد أجنبي لها للثوم الطازج والمبرد، حيث يتم شحن ما قيمته ملايين الدولارات منه عبر المحيط الهادئ سنويا.

وقالت ماو نينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، عندما سُئلت في مؤتمر صحافي دوري عن رسائل سكوت: «لم يكن الثوم ليتخيل أبداً أنه سيشكل تهديداً للولايات المتحدة... ما أريد التأكيد عليه هو أن تعميم مفهوم الأمن القومي وتسييس القضايا الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية وتسليحها لن يؤدي إلا إلى زيادة المخاطر الأمنية على سلسلة التوريد العالمية، وفي النهاية إلحاق الضرر بالآخرين وبنفسنا». وأضافت: «أريد أيضاً أن أنصح بعض الساسة الأميركيين بممارسة المزيد من الحس السليم والعقلانية لتجنب السخرية».

ومن المتوقع أن تتصاعد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم عندما يعود دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، بعد أن هدد بفرض تعريفات جمركية تتجاوز 60 في المائة على واردات الولايات المتحدة من السلع الصينية.

وخلال فترة ولاية ترمب الأولى، تعرض الثوم الصيني لزيادة التعريفات الجمركية الأميركية إلى 10 في المائة في عام 2018، ثم إلى 25 في المائة في عام 2019. وكان الثوم من بين آلاف السلع الصينية التي فرضت عليها تعريفات جمركية أعلى خلال الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والتي كانت السمة المميزة لرئاسته.

ومن غير المرجح أن تهز أي إجراءات عقابية على الثوم الصيني وحده التجارة الثنائية الإجمالية، حيث تمثل شحناته جزءاً ضئيلاً فقط من صادرات الصين البالغة 500 مليار دولار إلى الولايات المتحدة العام الماضي.

وفي سياق منفصل، قال المكتب الوطني الصيني للإحصاء يوم الجمعة إن إجمالي إنتاج الحبوب في الصين بلغ مستوى قياسيا يتجاوز 700 مليون طن متري في عام 2024، مع تحرك بكين لتعزيز الإنتاج في سعيها لتحقيق الأمن الغذائي.

وقال وي فنغ هوا، نائب مدير إدارة المناطق الريفية، في بيان، إن إنتاج العام في أكبر مستورد للحبوب في العالم بلغ 706.5 مليون طن، بعد حصاد أكبر من الأرز الأساسي والقمح والذرة. وأظهرت بيانات المكتب أن هذا أعلى بنسبة 1.6 في المائة من حصاد عام 2023 البالغ 695.41 مليون طن.

وقال وي: «كان حصاد الحبوب هذا العام وفيراً مرة أخرى، بعد أن تبنت المناطق والسلطات الصينية بشكل صارم مهام حماية الأراضي الزراعية والأمن الغذائي، مع التغلب على الآثار السلبية للكوارث الطبيعية».

وتعتمد الصين بشكل كبير على الواردات من البرازيل والولايات المتحدة لإطعام سكانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة. وفي السنوات الأخيرة، كثفت الصين استثماراتها في الآلات الزراعية وتكنولوجيا البذور في إطار الجهود الرامية إلى ضمان الأمن الغذائي. وأظهرت البيانات أن إنتاج الأرز في عام 2024 ارتفع إلى 207.5 مليون طن، بزيادة 0.5 في المائة على أساس سنوي، في حين نما إنتاج القمح بنسبة 2.6 في المائة إلى 140.1 مليون طن. وشهد الذرة قفزة أكبر عند مستوى قياسي بلغ 294.92 مليون طن، بزيادة 2.1 في المائة عن العام السابق. وانخفضت فول الصويا بنسبة 0.9 في المائة إلى 20.65 مليون طن.

ويعزى الحصاد الوفير إلى زيادة زراعة الأرز والذرة، بالإضافة إلى غلة أفضل من الأرز والقمح والذرة.

وقال وي إن المساحة المزروعة بالحبوب على المستوى الوطني بلغت حوالي 294.9 مليون فدان (119.34 مليون هكتار)، بزيادة 0.3 في المائة عن العام السابق في السنة الخامسة على التوالي من التوسع.

وارتفعت مساحة زراعة الأرز للمرة الأولى منذ أربع سنوات، بنسبة 0.2 في المائة على أساس سنوي إلى 71.66 مليون فدان (29 مليون هكتار). كما ارتفعت مساحة زراعة الذرة بنسبة 1.2 في المائة إلى 110.54 مليون فدان (44.74 مليون هكتار). وانكمش حجم زراعة فول الصويا بنسبة 1.4 في المائة إلى 25.53 مليون فدان (10.33 مليون هكتار). كما انخفض حجم زراعة القمح بنسبة 0.2 في المائة إلى 58.32 مليون فدان (23.6 مليون هكتار).

وقالت وزارة الزراعة الصينية إنه على الرغم من زيادة الإنتاج، تظل الصين معتمدة على الإمدادات المستوردة من فول الصويا والذرة.