دعوات لوقف التظاهر في بوروندي عشية مقتل 3 أشخاص في العاصمة

منظمو الاحتجاجات يستعدون لتنظيم الصفوف

دعوات لوقف التظاهر في بوروندي عشية مقتل 3 أشخاص في العاصمة
TT

دعوات لوقف التظاهر في بوروندي عشية مقتل 3 أشخاص في العاصمة

دعوات لوقف التظاهر في بوروندي عشية مقتل 3 أشخاص في العاصمة

دعا منظمو احتجاجات في بوروندي اليوم السبت إلى وقف التظاهر لمدة يومين ضد سعي الرئيس بيير نكورونزيزا للفوز بفترة ولاية ثالثة، وهو ما يقول المحتجون إنه يخالف الدستور ويعرض اتفاق السلام الذي أنهى حربا أهلية في البلاد للخطر. وذلك عقب ساعات من مقتل ثلاثة وإصابة أكثر من عشرة في هجمات بالقنابل في عاصمة بوروندي بوغومبورا.
واستمرت الاحتجاجات لستة أيام متوالية في العاصمة بوغومبورا، مما يمثل أكبر أزمة سياسية في البلد الأفريقي الصغير منذ انتهاء حرب أهلية عرقية. لكن المظاهرات التي بدأت يوم الأحد فقدت الزخم خلال الأيام القليلة الماضية، إذ انخفض عدد المحتجين في الشوارع. ووصفت الرئاسة المظاهرات بأنها «تمرد».
وهدأت الاشتباكات بين المتظاهرين والشرطة. وتركزت الاحتجاجات في عدد قليل من الضواحي بالعاصمة ولم تمتد إلى البلدات والريف حيث يوجد معظم أنصار نكورونزيزا. وتقول جماعات مدنية حقوقية إن ستة أشخاص على الأقل قتلوا في الاحتجاجات وأصيب العشرات.
وقال باسيفيك نينينهاوزي، رئيس جماعة «فوكود»، إحدى 300 جماعة مدنية دعت إلى المظاهرات: «قررنا وقف المظاهرات ليومين.. أولا لإتاحة الفرصة لمن فقدوا أفرادا من عائلاتهم في الاحتجاجات للحداد. وثانيا.. نريد أن يستعيد المحتجون طاقتهم قبل استئناف المعركة يوم الاثنين».
وذكرت الشرطة أن رجلي شرطة ومدنيا قتلوا في هجومين منفصلين بالقنابل في العاصمة بوغومبورا في وقت متأخر من مساء أمس الجمعة. وأصيب أكثر من عشرة آخرين.
وحث نكورونزيزا المحتجين على العودة إلى منازلهم. وقال الرئيس أمس الجمعة إن «عقوبات صارمة» ستفرض على من تثبت مشاركته في المظاهرات.
ويقول معارضون إن نكورونزيزا خالف الدستور واتفاق أروشا للسلام بالسعي للفوز بفترة رئاسية جديدة تستمر خمس سنوات في الانتخابات المقررة يوم 26 يونيو (حزيران) المقبل.
ويقول مسؤولون إن المخاوف قبل الانتخابات دفعت أكثر من 26 ألف مواطن في بوروندي للذهاب إلى الكونغو ورواندا.
وعبرت الأمم المتحدة عن مخاوفها من أن تكون أجهزة الأمن والمخابرات تستخدم الذخيرة الحية ضد المحتجين، وقالت إن هناك تقارير «موثوقا بها» عن تعرض محتجين معتقلين للضرب واحتجازهم في أماكن مكدسة.
ويقول أنصار نكورونزيزا إن بإمكانه الترشح مرة أخرى لأن النواب اختاروه في فترته الرئاسية الأولى ولم ينتخب، لذا فإنها لا تحتسب. لكن الولايات المتحدة ترفض ذلك وقالت إن ترشحه انتهاك لاتفاقات أروشا.
وتراقب الأزمة عن كثب في منطقة ما زالت تحمل آثار الإبادة الجماعية في رواندا التي قتل فيها أكثر من 800 ألف شخص في رواندا المنقسمة بين عرقي التوتسي والهوتو مثل بوروندي.
ويقول دبلوماسيون إن الاضطرابات خلاف سياسي، لكنهم يخشون أن يؤدي العنف إلى سفك الدماء لأسباب عرقية.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.