شاشة الناقد

همسوورث وإيفانز وروفالو في «المنتقمون: عصر ألترون»
همسوورث وإيفانز وروفالو في «المنتقمون: عصر ألترون»
TT

شاشة الناقد

همسوورث وإيفانز وروفالو في «المنتقمون: عصر ألترون»
همسوورث وإيفانز وروفالو في «المنتقمون: عصر ألترون»

(1*)‫Avengers: Age of Ultron
إخراج: جوس ويدون - تمثيل: مارك روفالو، روبرت داوني جونيور، كريس إيفانز، جيريمي رَنر، كريس همسوورث، سكارلت جوهانسن - (الولايات المتحدة)‬.

هناك الكثير جدّا مما سيعجب المشاهدين حول العالم (ونحن العرب بينهم) في «المنتقمون: عصر ألترون»: المعارك ذات الوقع الشديد، المؤثرات الخاصّة التي تبرق وتلمع وتأتي مصحوبة بالضجيج الملائم، الشخصيات البطولية التي لكل منها وظيفة محددة وجميعها تلتقي في جهد دؤوب لإنقاذ أهل الأرض العزّل من الخراب والدمار الذي يزمع «ألترون» القيام به. ألترون ليس معلبات سردين، كما قد يوحي الاسم، بل برنامج كومبيوتر يستولي على كل شيء. يتحوّل إلى خطّة لتدمير الأرض بعدما فشلت قوى أخرى عديدة، في أفلام لا حصر لها، في تدميرها. يقول في البداية، وقد خرج من شرايين النظام ليصبح كائنًا أزرق اللون، إنه جاء للسلام لكنه غيّر رأيه لاحقًا.
بصرف النظر عن أسبابه الداعية، ليس الأمر سوى ذريعة. كل فيلم من هذا النوع بحاجة إلى شرير بهذا الحجم. «ألترون» وأتباعه من المخلوقات الزرقاء أيضًا سيواجهون أبطالنا ذوي القدرات الهائلة.
وفي هذا الفيلم تحديدًا على الشرير أن يكون قادرًا على مواجهة أكثر من «سوبر هيرو» واحد: لدينا ثور (كريس همسوورث) وكابتن أميركا (كريس إيفانز) وآيرون مان (روبرت داوني جونيور) و«ذا هلك» (مارك روفالو الذي تزداد مساحته هنا بعدما ترك أثرًا إيجابيًا في الجزء السابق) ثم رامي السهام (جريمي رَنر) و«الأرملة السوداء» (سكارلت جوهانسن) التي تقع في حب مارك روفالو (في نسختيه) وتعترف له بأنها لا تستطيع الإنجاب. المفاجأة هي أنه أيضًا لا يستطيع الإنجاب. يغيب عن المشهد الناي الحزين.
من أسباب الإعجاب المحتملة، على هوان تلك الشخصيات وتقليدية الحكاية بأسرها، المعارك الكثيرة التي تقع بين دفّتي هذا الفيلم. ليست جميعها بين الأبطال والأشرار، بل أحيانا بين الأبطال أنفسهم: ثور يمسك آيرون مان من رقبته كما لو كان يقبض على عنق دجاجة. وهناك معركة كبيرة بين «ذا هلك» وبين آيرون مان. كيف يمكن أن يوازن المخرج بين بطلين يحبّهما الجمهور؟ بسيطة: لقاء كل ضربة يوجهها أحدهما للآخر هناك ضربة موازية، ولقاء كل سقوط لأحدهما هناك سقوط للآخر.. بذلك لا يزعل أي من الممثلين ولا يغضب مؤيدو أحدهما ويفرح مؤيدو الآخر. والمخرج ماهر في هذه الاستخدامات وعلى كل ما تحمله من توقعات وشحّ في الخيال فإنها تفعل فعلها على نحو «ضربة منك ضربة مني» مع العلم بأنهما سيحاربان بعد حين جنبًا إلى جنب.
يتطلب الفيلم في بدايته التركيز وإلا مرّت الدقائق العشر الأولى وفيها السبب الذي من أجله ستقع باقي الأحداث في ساعتيه. لكن الخطر هو أنه حتى مع حسن التركيز، تجد من الثغرات ما يكفي لكي يطير منها ما تم استيعابه وسرد الفيلم على أساس أن تلاحق الأحداث كبيرة وضاجة ومتدحرجة كفيل بالتعويض عن قصور الفيلم في تحديد ما هو ولماذا هو. يحاول المخرج حك سطح الشخصيات إنسانيًا من حين لآخر، لكنه يعلم أن عليه أن يرمم كل شيء مجددًا لأن الجمهور لا يكترث فعليًا لمواقف لا قتال فيها، إلا إذا كانت تمهيدًا لمعركة لاحقة. الإنتاج ضخم وكل دولار مصروف عليه متمثّل على الشاشة بلا ريب. لذلك «المنتقمون» حدث بارز في هذا النوع من السينما تحديدًا.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.