أوباما وآبي يبحثان تعزيز العلاقات في مجالي الدفاع والتجارة

واشنطن وطوكيو تدفعان باتجاه شراكة في منطقة المحيط الهادي

أوباما وآبي لدى توجههما لعقد مؤتمر صحافي  بعد محادثاتهما في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
أوباما وآبي لدى توجههما لعقد مؤتمر صحافي بعد محادثاتهما في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
TT

أوباما وآبي يبحثان تعزيز العلاقات في مجالي الدفاع والتجارة

أوباما وآبي لدى توجههما لعقد مؤتمر صحافي  بعد محادثاتهما في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
أوباما وآبي لدى توجههما لعقد مؤتمر صحافي بعد محادثاتهما في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)

أجرى الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس وزراء اليابان شينزو آبي في البيت الأبيض أمس محادثات تطرقت إلى تعزيز العلاقات في مجالي الدفاع والتجارة. واجتمع زعيما البلدين للدفع باتجاه شراكة في منطقة المحيط الهادي تضم 12 بلدا بهدف الحد من نفوذ الصين.
ولقي رئيس الوزراء الياباني استقبالا احتفاليا بدءا بمراسم في الصباح في حدائق البيت الأبيض وحتى حفل العشاء في صالونات المقر الرئاسي الأميركي، غير أن الاضطرابات العنيفة التي اندلعت مساء أول من أمس في مدينة بالتيمور على مسافة 60 كلم من العاصمة الفيدرالية طغت على جزء من الزيارة.
وحذر أوباما في مقابلة أجرتها معه صحيفة «وول ستريت جورنال» قبل بدء الزيارة «لا أعتقد أننا سننجز كل المفاوضات» لأنها «شاقة». وقبل اجتماع أوباما وآبي أمس، التقى وزير الخارجية الأميركي جون كيري ووزير الدفاع أشتون كارتر مع نظيريهما وزير الخارجية الياباني فوميو كيشيدا ووزير الدفاع جين ناكاتاني في نيويورك أول من أمس من أجل وضع الصيغة النهائية بشأن سبل تعزيز التحالف بين البلدين عبر تعاون عسكري أوسع نطاقا. وتأتي أول مراجعة منذ 18 عاما في ظل تعزيز الصين لقدراتها العسكرية، واتجاه شينزو آبي للضغط من أجل تعزيز دور القوات اليابانية في الخارج. لكن رغم ذلك، لا تزال غالبية اليابانيين تعارض توسيع الدور العسكري الياباني في الخارج.
وفي الشق الثاني من المحادثات، كان مفترضا أن يناقش أوباما وآبي أمس المفاوضات المستمرة بشأن الشراكة عبر منطقة آسيا والمحيط الهادي، التي تشمل الولايات المتحدة واليابان وعشر دول أخرى. وتنتج هذه الدول الـ12 نحو 40 في المائة من إجمالي الناتج القومي العالمي.
لكن رغم ذلك، تحدث أوباما خلال حديثه مع «وول ستريت جورنال» إلى صعوبة المفاوضات في ظل مطالب المزارعين وقطاع صناعة السيارات في اليابان. وأمام الصعوبة التي يواجهها أوباما في إقناع حلفائه بإبرام اتفاق تبادل حر مع منطقة الباسيفيك، ظل الرئيس يردد دوما رؤيته لعلاقات القوة في هذا الملف مؤكدا «إذا لم نضع القواعد فإن الصين هي التي ستضعها». وقال في حديثه الصحافي: «نريد للصين أن تنجح وأن تستمر في صعود قوتها السلمية. أعتقد أنه أمر جيد للعالم لكن لا نريد أن تستخدم الصين حجمها لإرغام دول أخرى في المنطقة على القبول بقواعد في غير مصلحتنا».
ومع اقتراب الذكرى السبعين لنهاية الحرب العالمية الثانية التي هزمت فيها اليابان بعد قصف مدينتي هيروشيما وناغازاكي بقنبلتين ذريتين أميركيتين في 1945. خيم موضوع آخر على الزيارة وتوقع كثيرون مسبقا مواجهة الصحافيين لآبي بشأن موضوع تنديد جيران اليابان (الصين وكوريا الجنوبية) بعدم إبداء هذا البلد ندما «صادقا» عن جرائم ماضيه العسكري.
ويدور التوتر بصورة خاصة حول مصير عشرات آلاف الكوريات وكذلك الصينيات والإندونيسيات اللواتي استخدمن بالقوة في بيوت دعارة مخصصة للجيش الياباني. وهذا الموضوع يتسم بحساسية كبيرة ويبقى البيت الأبيض شديد الحذر حيال الرسالة التي يعتزم أوباما توجيهها في هذا الشأن إلى آبي صاحب المواقف القومية. ويكتفي شينزو آبي حتى الآن بالتعبير عن «الندم العميق» لليابان لكنه يمتنع عن تقديم الاعتذارات التي تطالبه بها المنطقة.
وفي خطوة ترمز إلى أهمية هذه الزيارة، سيصبح آبي اليوم (الأربعاء) أول رئيس وزراء ياباني يلقي كلمة أمام الكونغرس المنعقد بمجلسيه لهذه المناسبة، وهو امتياز لا يمنح إلا لأفضل أصدقاء واشنطن. وقال مسؤول أميركي كبير طالبا عدم كشف اسمه «سنشجع على تسوية هذه المشكلات من دون الدخول بالضرورة في التفاصيل»، داعيا إلى اعتماد «لهجة بناءة تساهم في خفض حدة التوتر بدل تصعيده».
وكان مفترضا أن تتضمن قائمة العشاء الليلة الماضية أطباقا مستوحاة من المطبخين الأميركي والياباني، ويعتبر حفل عشاء الدولة تكريما نادرا لم يحظ به منذ وصول أوباما إلى البيت الأبيض عام 2009 سوى قادة سبع دول هي الهند والمكسيك والصين وألمانيا وكوريا الجنوبية وبريطانيا وفرنسا.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.