السودان يتهم الاتحاد الأوروبي بدعم التمرد المسلح ضد حكومته

نائب البشير يتعهد بتشكيل حكومة عريضة ومواصلة الحوار الوطني بعد الانتخابات

السودان يتهم الاتحاد الأوروبي بدعم التمرد المسلح ضد حكومته
TT

السودان يتهم الاتحاد الأوروبي بدعم التمرد المسلح ضد حكومته

السودان يتهم الاتحاد الأوروبي بدعم التمرد المسلح ضد حكومته

قبيل بدء الاقتراع في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية السودانية بعد غد الاثنين، استدعت وزارة الخارجية ممثلة عن الاتحاد الأوروبي في الخرطوم على خلفية تصريحات عدم اعتراف الاتحاد الأوروبي بنتيجة هذه الانتخابات مسبقًا، وإشادته بالمعارضة المسلحة، فيما أعلن نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم إبراهيم غندور عن تشكيل «حكومة عريضة» حال فوز حزبه في الانتخابات، وبمواصلة الحوار الوطني والتفاوض مع المتمردين، وقلل من أهمية عدم اعتراف الاتحاد الأوروبي المسبق بنتائج تلك الانتخابات.
وقالت وزارة الخارجية السودانية في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط» أمس إن بيان مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني الصادر أول من أمس، تناول موضوعات غير صحيحة ومغلوطة عن السودان.
وأبدت الوزارة أسفها الشديد لما أطلقت عليه «التشويه المتعمد والفهم الخاطئ» لمجريات الأحداث في السودان، ونقلت تقارير صحافية أن الوزارة استدعت في اليوم ذاته مبعوثة الاتحاد الأوروبي ماريا لويزا ترونكوسو التي حضرت نيابة عن سفير الاتحاد الأوروبي في الخرطوم توماس أوليكنيهو، وأبلغتها شكوى من تصريحات موغيريني، التي وصفتها الوزارة بالتشويه المتعمد.
وأعربت الخارجية عن دهشتها البالغة لما أطلقت عليه «إعجاب وإشادة» الاتحاد الأوروبي بالحركات المسلحة، واعتبرته دعمًا معنويًا لعناصر وصفتها بأنها «تروع المواطنين وتخرب مقدرات الشعب السوداني»، وتشكيكًا في مصداقية مواقفه من الإرهاب، ودعمًا قويًا لكل حركات الإرهاب في العالم.
وكانت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني قد انتقدت في بيان الخميس الماضي إجراء الانتخابات في السودان، وقالت إن البيئة التي تجرى فيها «غير مواتية»، واعتبرت إجراءها في هذه الظروف فشلاً في بدء الحوار الوطني السوداني بقولها: «الفشل في بدء حوار وطني حقيقي بعد عام من إعلان حكومة السودان، هو انتكاسة لرفاهية الشعب السوداني».
وقطعت موغيريني في بيانها مسبقًا بعدم شرعية الانتخابات، وقالت: «بتجاوز الحوار، واستبعاد بعض الجماعات المدنية، وانتهاك الحقوق السياسية، فإن الانتخابات المقبلة لا يمكن أن تنتج شرعية ذات مصداقية. شعب السودان يستحق أفضل، ونحن اخترنا عدم المشاركة بالتالي في دعم هذه الانتخابات».
ويدعو الاتحاد الأوروبي لحل شامل للصراعات في السودان عبر عملية سياسية شاملة توفر السلام والرخاء بالبلاد، وقالت موغيريني في بيانها: «الاتحاد الأوروبي يؤكد مواقفه، وإصابته بخيبة الأمل، لكون حكومة السودان تفقد الفرص من خلال عدم الاستجابة لجهود الاتحاد الأفريقي لجلب جميع أصحاب المصلحة معا».
وأشادت موغيريني بموافقة ممثلي الجماعات المسلحة والمعارضة السياسية والمجتمع المدني السودانية، وذهابهم إلى أديس أبابا للمشاركة في المؤتمر التحضيري، وقالت: «إننا نشيد بهؤلاء الممثلين من الجماعات المسلحة، والمعارضة السياسية، والمجتمع المدني السوداني، الذين كانوا موجودين في أديس أبابا، وعلى استعداد للمشاركة»، وهو الأمر الذي اعتبرته الخارجية السودانية تشجيعًا للإرهاب.
من جهته، أعلن نائب الرئيس عمر البشير في الحزب الحاكم إبراهيم غندور التزام حزبه - حال فوزه - بتشكيل حكومة عريضة، ومواصلة الحوار الوطني والتفاوض مع المتمردين عقب الانتخابات، ودعا أنصار حزبه وأفراد الشعب للتوجه لصناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التي ستبدأ الاثنين، واستمرار الحكومة الحالية حتى يؤدي الرئيس المنتخب القسم.
وتبدأ اليوم السبت ما يطلق عليها «مرحلة الصمت الانتخابي»، توطئة لبدء الاقتراع بعد غد الاثنين حتى الخميس المقبل بمشاركة 44 حزبًا مواليًا، فيما تقاطعها أحزاب المعارضة الرئيسية وتجزم مسبقًا بعدم نزاهتها وشفافيتها، ليبدأ بعدها فرز الأصوات وإعلان نتائج الانتخابات الأولية في 27 أبريل (نيسان) الحالي.
وقال غندور في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس إن حزبه سيعمل على تشكيل حكومة عريضة بعد الانتخابات، وإن المشاركة في الانتخابات هي الطريقة الوحيدة للمشاركة في الجهاز التنفيذي حسب أوزان الأحزاب الانتخابية، بيد أنه قال إن أمر المشاركة متروك لأي تقديرات سياسية أو مستجدات قد تطرأ لاحقًا.
وتعهد غندور بإدارة عملية انتخابية شفافة وحرة ونزيهة، وقال: «تنافسنا مع الأحزاب شريف، وإن لم يخل من الاحتكاك في حدود العنف القانوني المسموح به».
وقلل غندور من تأثير عدم مشاركة الاتحاد الأوروبي في مراقبة الانتخابات، وقال إنهم يعلمون فحوى بيان الاتحاد الأوروبي وموقفه من الانتخابات قبل 7 أشهر، وإن موقفهم ليس نتاجًا لمعلومات آنية تتعلق بالأوضاع الأمنية أو غيرها، ملمحًا إلى أن للبيان مرامي أخرى، وقال: «هل يراقب الاتحاد الأوروبي الانتخابات الأميركية أو الروسية أو الصينية».
وأبدى غندور سعادته بمشاركة الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والـ«إيقاد» في مراقبة الانتخابات رغم محاولات إثنائهم، وقال: «الاتحاد الأفريقي الذي ننتمي إليه يراقب الانتخابات. لو اعترف الاتحاد الأوروبي بالنتيجة فمرحبًا، ولو لم يعترف بها فمرحبًا، نحن لا نحتاج لصك غفران من أحد».
وجدد غندور الدعوة لمن سماهم المقاطعين والمترددين للمشاركة في الحوار الذي سينطلق بعد الانتخابات، مؤكدًا استمرار الحكومة الحالية في تأدية عملها إلى حين تأدية الرئيس المنتخب اليمين الدستورية.
وأوضح غندور أن حكومته مطمئنة لترتيبات تأمين الانتخابات، بيد أنه لم يستبعد قيام مغامرين بمحاولات لتخريبها، بقوله: «هناك دائمًا مغامرون، لكن نتمنى ألا يكونوا من بيننا ومن بين أهلنا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.