الاكتظاظ يجبر سكان مخيمات الضفة الغربية على البناء عموديًا رغم المخاطر

سببه الفقر المدقع الذي يعيشونه وعدم وجود خيارات أخرى

مخيم الجلزون أقيم في 1949 على نحو 260 دونما لإيواء 2500 شخص لكن عدد السكان بات اليوم 14 ألفا (أ.ف.ب)
مخيم الجلزون أقيم في 1949 على نحو 260 دونما لإيواء 2500 شخص لكن عدد السكان بات اليوم 14 ألفا (أ.ف.ب)
TT

الاكتظاظ يجبر سكان مخيمات الضفة الغربية على البناء عموديًا رغم المخاطر

مخيم الجلزون أقيم في 1949 على نحو 260 دونما لإيواء 2500 شخص لكن عدد السكان بات اليوم 14 ألفا (أ.ف.ب)
مخيم الجلزون أقيم في 1949 على نحو 260 دونما لإيواء 2500 شخص لكن عدد السكان بات اليوم 14 ألفا (أ.ف.ب)

يراقب نائل شريف عملية بناء الطابق الرابع في منزله في مخيم الجلزون للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، آملا أن يصبح ملائما لعدد أفراد العائلة المكونة من 43 فردا. إذ تدفع الكثافة السكانية في معظم مخيمات اللاجئين في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي تزايدت بمرور السنين ضمن مساحة ضيقة محدودة السكان إلى البناء بشكل عمودي بما يخالف تعليمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، الأمر الذي يهدد متانة هذه الأبنية مع استمرار تعثر حل قضية اللاجئين.
ويقول نائل الأربعيني إن المنزل الذي كان مكونا من طابقين لم يعد يتسع لأفراد عائلته وأشقائه الخمسة، وهو ما دفعه لبناء طبقتين إضافيتين مع علمه المسبق بأن هذا الأمر مخالف لقوانين الأونروا التي تتولى الإشراف على المخيم الذي يشهد البناء بشكل عمودي وبشكل فوضوي بعيد عن أي إشراف هندسي.
ويضيف نائل «نعاني مشكلة كبيرة في السكن، فنحن ننام فوق بعضنا البعض، أنا مثلا خصصت غرفة لأبنائي الستة، وغرفة لي ولزوجتي ولاثنين آخرين من الأولاد». ويقول: «لذلك قررت أنا وأشقائي بناء طبقتين إضافيتين، لأننا لا نستطيع شراء أرض جديدة خارج المخيم والبناء عليها».
ويتذكر نائل أحاديث جده وجدته عن الأيام الأولى للسكن في المخيم في عام 1950. حينما وصل والده وأمه إلى المخيم مع عائلتهم المكونة من 11 فردا، منهم 6 ذكور، وأصبحوا الآن بعد 65 عاما 43 فردا.
يقع مخيم الجلزون شمال مدينة رام الله في الضفة الغربية بالقرب من مستوطنة بيت ايل، حيث تقع مواجهات شبه يومية بين شبان المخيم والجيش الإسرائيلي الذي يحرس المخيم.
وعلى بعد أمتار على الجهة المقابلة من منزل نائل شريف، ينتشر أولاد وبنات من مختلف الأعمار أمام منزل خديجة داود (60 عاما) التي حولت كراج المنزل إلى غرفة معيشة بجانب الطريق، بسبب العدد الهائل للأولاد.
بات منزل خديجة المكون من 3 طبقات يضيق بأبنائها وأحفادها الذين يعدون 63 فردا. حتى إن ابنها محمد البالغ من العمر 23 عاما ينام في غرفة الضيوف وهو يعاني من إصابته بعيار ناري في القدم خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي.
تقول خديجة «مشكلة السكن مشكلة كبيرة. لا نستطيع شراء أرض خارج المخيم للبناء عليها، لأنه ليس لدينا المال».
وتضيق شوارع المخيم بالأبنية المنتشرة على جنباته، في حين تحذر اللجنة الشعبية المشرفة على المخيم من خطر محدق يهدد حياة السكان، وتبدي وكالة الغوث «قلقها» إزاء هذا الأمر كونه يتكرر في غالبية مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية التي تحولت «بمرور الوقت إلى تجمعات هي الأكثر اكتظاظا في العالم، ولكن ولأن المساكن بنيت للاستخدام المؤقت، فقد أصبحت على مدى عقود شديدة الاكتظاظ وغير متماشية مع المعايير وفي كثير من الأحياء مهددة للحياة» كما تكتب الوكالة على موقعها الإلكتروني.
بني المخيم في 1949 على نحو 260 دونما لإيواء 2500 شخص. لكن عدد السكان بات اليوم 14 ألفا، حسب اللجنة الشعبية المشرفة على متابعة الأمور الحياتية في مخيم الجلزون.
ويقول رئيس اللجنة الشعبية في المخيم محمود مبارك، وهي لجنة تتبع لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن توجه سكان المخيم للبناء العمودي وبشكل مخالف للقوانين، سببه الفقر المدقع الذي يعيشونه: «ليست لديهم خيارات أخرى».
ويقول مبارك لوكالة الصحافة الفرنسية «الوكالة بنت لدى إنشاء المخيم في 1950 غرفة ومطبخا للعائلة التي تتكون من أقل من 5 أفراد، وغرفتين ومطبخ للعائلة التي يزيد عدد أفرادها على 5».
ويضيف أن «الزيادة السكانية مشكلة عويصة جدا، وعملية البناء تتم على أساس غير سليم وبإمكانات بسيطة لأن الناس مضطرة لذلك وتريد أن تعيش، ولا يوجد أمامها إلا البناء العمودي».
ويؤكد مبارك أن «الغالبية العظمى من أبناء المخيم يعيشون في أكثر من طبقتين، ومنهم من بنى 4 أو 5 طبقات».
ويتهم مبارك وكالة الغوث بأنها «لا تتفهم المشكلة، ولا تسمح ببناء طابق لثالث. تفاوضنا معهم أكثر من مرة وقلنا لهم إن الناس مضطرة لذلك».
وتشعر اللجنة الشعبية في المخيم بخطر محدق يهدد حياة الناس إذا استمرت عملية البناء بهذه الطريقة، لأن «الأبنية مهددة بالانهيار على رؤوس ساكنيها في أي لحظة».
ويقول مبارك «أكيد استمرار الوضع على ما هو عليه يشكل خطرا على سكان المخيم، لأن عملية البناء تتم بشكل غير سليم ولا تجري تحت إشراف هندسي، إضافة إلى أن أساس البناء غير سليم». وتعتبر وكالة الغوث أن أي بيت يزيد على طابقين غير قانوني ولا يدخل أي خطة ترميم، أو متابعة هندسية.
ويقول مبارك «إذا لم يكن هناك حلول فالأمور ستتفاقم، والخوف من المستقبل، لأنه إذا استمر البناء العمودي، فإلى أين يمكن أن تصل الناس؟».
غير أن وكالة الغوث تؤكد قلقها على عملية البناء التي تجري في المخيمات، وأنها مهتمة بما يجري. ويقول نادر داغر مدير المعلومات العامة في وكالة الغوث في الضفة الغربية «نحن قلقون من الاكتظاظ السكاني في المخيمات، ونعتبرها جزءا من مشكلة كبيرة يعاني منها اللاجئون (...) إنهم يعانون من مشاكل اجتماعية واقتصادية بسبب الاكتظاظ».
ويقول داغر «هذه المخيمات بدأت بخيام على أرض تم استئجارها من الحكومة الأردنية وهي محدودة. غالبية المخيمات بنيت على أقل من نصف كيلومتر مربع، وهذا غير ملائم للزيادة الطبيعية لعدد السكان».
ويوجد في الضفة الغربية 18 مخيما بالإضافة إلى مخيم شعفاط في القدس الشرقية المحتلة. ويعيش في المخيمات 220 ألف شخص وفق الأونروا.
ويضيف «نحن حقيقة قلقون من الأمن والأمان لسكان هذه المخيمات، خاصة أن بعض اللاجئين بنوا بيوتهم فوق الشوارع، ونحن نشجع على تخطيط ذلك مع الممثلين المحليين في المخيمات». ويختم داغر بالقول: «إن حل معاناة اللاجئين تتمثل في حل دائم وشامل لقضيتهم وليس عبر حل جزئي هنا أو هناك».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.