وقعت القاهرة وباريس أمس على عدد من الاتفاقات العسكرية التي وصفت بالهامة، ومن بينها صفقة مقاتلات «رافال» الفرنسية المتقدمة متعددة المهام، وتزويد البحرية المصرية بفرقاطة متطورة، إلى جانب التباحث العميق حول زيادة أوجه التعاون العسكري ونقل وتبادل الخبرات بين القوات المسلحة لكلا البلدين، في ضوء التوافق الذي تشهده الدولتان حول مكافحة الإرهاب بالمنطقة.
وشهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مساء أمس مراسم التوقيع على اتفاقيات التعاون العسكري بين مصر وفرنسا، التي تقوم بموجبها فرنسا بتزويد مصر بـ24 مقاتلة من طراز «رافال»، وفرقاطة متعددة المهام من طراز «فريم»، وصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى من طراز «إم بي دي إيه»، في صفقة قيمتها 5.2 مليار يورو.
ووقع اتفاقيات التعاون عن الجانب المصري وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، وعن الجانب الفرنسي وزير الدفاع جان إيف لو دريان. وأشاد الفريق أول صبحي بعلاقات الصداقة التي تربط بين الشعبين المصري والفرنسي. وقال عقب التوقيع إن «لقاءنا اليوم يمثل بداية جديدة للعلاقات الاستراتيجية بين البلدين، والتي توجت اليوم بتوقيع اتفاق تحصل بموجبه مصر كأول دولة صديقة على 24 طائرة مقاتلة فرنسية من طراز رافال، التي تعد فخر الصناعة التكنولوجية الفرنسية والفرقاطة البحرية فريم التي تعد إضافة للبحرية المصرية».
وقبيل توجهه إلى القاهرة، أكد لو دريان أن طائرات الرافال ستساعد مصر على تأمين قناة السويس ومكافحة التطرف في سيناء وتنظيم داعش الإرهابي. وقال لو دريان إن «الرئيس السيسي لديه ضرورة استراتيجية لتأمين قناة السويس التي يمر بها جزء كبير من التجارة العالمية، وهذا هو السبب الأول للحاجة الملحة أن يكون لدى مصر وسائل بحرية وجوية للاضطلاع بهذا الدور».
كما أكد لو دريان أن عملية ذبح المصريين في ليبيا تعد سببا إضافيا ليكون لدى مصر عناصر الأمن، لافتا إلى الخطر الذي يمثله الاتصال بين داعش في سوريا والعراق وفرعه في الأراضي الليبية نتيجة حالة الفوضى في ليبيا. كما شدد على أنه تم التأكد بالدليل أن ليبيا تؤوي مراكز تدريب وتشهد تحركات محددة لداعش، موضحا أن «ليبيا تقع على الجانب الآخر من المتوسط وقريبة جدا منا.. ومن هنا تأتي ضرورة توخي الحذر والانضمام لدول التحالف كما تفعل مصر».
ورغم أن عملية عسكرية دولية مشتركة في ليبيا ليست قريبة الحدوث في الأيام والأسابيع المقبلة، فإن نحر 21 مواطنا مصريا قبطيا من شأنه التعجيل بحدوثها؛ هذا باختصار ما أفاد به مصدر فرنسي تحدثت إليه «الشرق الأوسط» عن تبعات هذه المجزرة على خطط باريس في ليبيا. وليس سرا أن فرنسا تخضع منذ شهور لضغوط أفريقية قوية من أجل التدخل العسكري في ليبيا. كذلك يبدو بوضوح أن الحكومة الفرنسية يعتمل داخلها تياران: الأول، يمثله وزير الدفاع دان إيف لو دريان، والثاني وزارة الخارجية. إلا أن القرار النهائي يعود للرئيس فرنسوا هولاند الذي لم يتردد بداية عام 2013 في إرسال الفرقة الأجنبية والطائرات الفرنسية لضرب التنظيمات المتطرفة في مالي ومنعها من اجتياح العاصمة باماكو وتحويلها عرينا لـ«القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» وحلفائها. كذلك لم يتردد هولاند في معاودة الكرة في 2014، ولكن هذه المرة في جمهورية أفريقيا الوسطى.
وكان الرئيس الفرنسي هولاند أول المسارعين للتواصل مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وليتفقا على الحاجة لاجتماع سريع لمجلس الأمن الدولي من أجل «اتخاذ تدابير جديدة» لمواجهة خطر «داعش» وإخوانه في ليبيا. كذلك اتفق الرئيسان على الرغبة في العمل معا «من أجل السلام والأمن» في المنطقة، وعلى الاستمرار في التشاور. وأعرب هولاند من جانبه عن «القلق الشديد» إزاء تمدد عمليات «داعش» إلى ليبيا.
لكن السؤال الحقيقي يكمن في تعريف «التدابير الجديدة» التي أشار إليها الرئيسان وما إذا كانت تتضمن التدخل العسكري في ليبيا، علما بأن فرنسا جزء من التحالف الدولي ضد «داعش»، وتشارك في ضربه في العراق، لكنها تمتنع عن ذلك في سوريا. أما مصر فقد بقيت خارجه.
وتعترف المصادر الفرنسية بأن لباريس «مسؤولية» في ما آل إليه الوضع في ليبيا التي تركت لشأنها عقب إسقاط نظام العقيد القذافي، خصوصا أن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي كان له الدور الأكبر في دفع بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية للدخول في عمل عسكري ضد النظام السابق.
لكن مشكلة باريس اليوم أنها، من جانب، تعي خطورة الوضع الليبي، ومن جانب آخر ترى أن إمكاناتها العسكرية مشتتة بين الداخل والخارج بحيث يصعب عليها المشاركة في جبهة إضافية.
القاهرة توقع عقد «الرافال» وتبحث زيادة التعاون العسكري مع فرنسا
هولاند والسيسي يحثان مجلس الأمن على اتخاذ «تدابير جديدة» في ليبيا
القاهرة توقع عقد «الرافال» وتبحث زيادة التعاون العسكري مع فرنسا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة