أميرال متمرس في الحرب الرقمية خيار أوباما لقيادة الأمن القومي

مايكل روجرز سيرث في حال موافقة الكونغرس عليه ملف سنودن المقلق

الأميرال مايكل روجرز
الأميرال مايكل روجرز
TT

أميرال متمرس في الحرب الرقمية خيار أوباما لقيادة الأمن القومي

الأميرال مايكل روجرز
الأميرال مايكل روجرز

رشح الرئيس الأميركي باراك أوباما قائدا من سلاح البحرية لرئاسة وكالة الأمن القومي، في خطوة عدت بمثابة منح ثقة في الهيئة التي تتعرض لهجوم بسبب تجسسها على أميركيين وحلفائهم. ووقع اختيار الرئيس على الأميرال مايكل روجرز قائد الخدمة الإلكترونية للأسطول الأميركي ليخلف الجنرال كيث ألكسندر، في قيادة الوكالة الاستخباراتية التي هزتها تسريبات المتعاقد السابق إدوارد سنودن.
وقال وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل في بيان مساء أول من أمس: «إنها لحظة كبيرة بالنسبة إلى وكالة الأمن القومي، والأميرال روجرز سيجلب كفاءات استثنائية وفريدة إلى هذا المنصب، فيما تواصل الوكالة مهمتها الأساسية وتنفذ إصلاحات الرئيس أوباما».
وأوصى هيغل بتعيين روجرز (53 سنة) الذي لا يزال يتطلب موافقة مجلس الشيوخ، وفي حال موافقة المجلس عليه، سيتولى روجرز قيادة وكالة الأمن القومي خلفا للجنرال ألكسندر المرجح أن يتقاعد في مارس (آذار) أو أبريل (نيسان) المقبلين، وسيجد نفسه في المرحلة الأولى أمام أهم تحدٍّ، وهو ملف تسريبات سنودن المقلقة.
وتواجه وكالة الأمن القومي انتقادات منذ الكشف عن المعلومات التي سربها سنودن عن برامج المراقبة الإلكترونية التي تطبقها. ولتهدئة الجدل واحتواء غضب قسم من الرأي العام الأميركي والحلفاء، أعلن أوباما في 17 يناير (كانون الثاني) الماضي عزمه إجراء إصلاحات لتحديد أطر لعمل الوكالة في بعض المجالات. وسيتولى روجرز هذا المنصب خلفا لكيث ألكسندر الذي يترأس الوكالة منذ 2005. ويتولى روجرز حاليا قيادة الأسطول الأميركي الإلكتروني الذي يشرف على أنشطة اختصاصيي الحرب الإلكترونية في البحرية الأميركية. كما عمل ثلاثين سنة في مجال التشفير و«إشارات الاستخبارات».
وروجرز المتمرس في فك الشفرات والحرب الرقمية، سيكون تحت الأضواء في مواجهته قضايا الحريات المدنية والخصوصية. ويتوقع أن تهيمن قضايا التجسس لوكالة الأمن القومي على جلسات الاستماع إليه في الكونغرس لتثبيته في منصبه الجديد، وما إذا كان اختراقها لحركة الإنترنت والاتصالات الهاتفية ينتهك الحق في الخصوصية وقيم الديمقراطية. وأكد هيغل ثقته بأن «الأميرال روجرز يتمتع بالحكمة اللازمة للمساعدة في إيجاد توازن بين المتطلبات الأمنية وحماية الحياة الخاصة والحرية في العصر الرقمي». وعلى غرار ألكسندر، لن يتولى روجرز قيادة وكالة الأمن القومي الواسعة النفوذ فحسب، بل سيكون أيضا رئيس القيادة العسكرية الإلكترونية المكلفة ضمان أمن معلومات الجيش. وكان عدد من المسؤولين طالبوا بتعيين شخصين مختلفين في المنصبين، لكن الرئيس أوباما أصر على إبقائهما ممثلين في شخص مسؤول واحد. كما رفض أوباما تعيين مدني على رأس وكالة الأمن القومي.
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن النائب الجديد للرئيس الجديد لوكالة الأمن القومي سيكون ريتشارد ليغيت، مما يجعله أكبر مسؤول مدني في الوزارة يعمل قائدا للعمليات. وكان ليغيت تولى إدارة الفريق المكلف بالمتابعة الإعلامية لتسريبات سنودن. وصرح في مقابلة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي لإحدى محطات التلفزيون بأنه «سيكون منفتحا» على حوار مع سنودن بشأن عفو ممكن عنه، مقابل تقديم معلومات كاملة عن الملفات التي استولى عليها ومكان وجودها حاليا. وكان قادة أجهزة الاستخبارات الأميركية دعوا، الأربعاء الماضي، سنودن إلى إعادة الوثائق التي سرقها من هذه الوكالة ونشر بعضا منها، مؤكدين أن ذلك يشكل «تهديدا خطيرا» للأمن القومي.
وأعلن مدير الاستخبارات الوطنية (دي إن آي) جيمس كلابر أثناء جلسة استماع أمام أعضاء لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، أن «سنودن يقول إنه كسب وإن مهمته أنجزت. إذا كان ذلك صحيحا، أطلب منه ومن شركائه إعادة الوثائق المسروقة التي لم تنشر بعد لكي نحول دون أي ضرر إضافي لأمن الولايات المتحدة». كما أعلن مدير الاستخبارات العسكرية (دي آي إيه) الجنرال مايكل فلين، أمام اللجنة نفسها، أن تصرفات إدوارد سنودن، اللاجئ حاليا في روسيا، تطرح «تهديدا خطيرا على أمننا القومي».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.