في مهرجان برلين الدولي (2): هل يحمل {برلين} مفاتيح الأوسكار للعام المقبل؟

فيلم الافتتاح: عواصف في الذات وفي الطبيعة

لقطة من فيلم الافتتاح «لا أحد يريد الليل»
لقطة من فيلم الافتتاح «لا أحد يريد الليل»
TT

في مهرجان برلين الدولي (2): هل يحمل {برلين} مفاتيح الأوسكار للعام المقبل؟

لقطة من فيلم الافتتاح «لا أحد يريد الليل»
لقطة من فيلم الافتتاح «لا أحد يريد الليل»

حمل اليوم الثاني من أعمال مهرجان برلين السينمائي الدولي المقام حاليًا وحتى الخامس عشر من الشهر الجاري أمرا مثيرا للاهتمام:
فالفيلم المصري «فتاة المصنع» للمخرج محمد خان سيشهد عرضه التجاري الأوروبي الأول بدءًا من الرابع والعشرين من شهر أبريل (نيسان) المقبل وذلك في الربوع السويدية.
الفيلم الذي تم إنتاجه أواخر العام 2013 وشهد عروضه التجارية العربية واشتراكاته في المهرجانات العربية منذ أن عرضه مهرجان دبي في ديسمبر (كانون الأول) وطوال السنة الماضية، تحدّث عن أزمة اجتماعية تطال فتاة تقع في الحب من طرف واحد وكيف أن عليها أن تواجه، في ظروف اليوم المعقدة، تبعات ذلك.
الشركة التي ستوزع الفيلم في 12 صالة في 8 مدن سويدية (من بينها العاصمة استوكهولم) هي المنبثقة عن مهرجان مالمو للفيلم العربي الذي كان انطلقت دورته الأولى متواضعة قبل ثلاث سنوات والآن يبدو أنه يطرد نجاحًا ومكانة.
مهرجان برلين محطّـة لتقصّـي كل أنواع الأخبار المتطايرة في فضاء السينما، لكن إذا ما كان الخبر مصريًا أو أميركيًا، فإن الاهتمام الأول يبقى مناطًا بما يعرض فيه ونوعيّـته وكيفية استقباله. على هذا الأساس، فإن افتتاح الدورة الخامسة والستين الحالية جاء في المصاف الأولى بين اهتمامات المتابعين. الكل يتطلّـع إلى فيلم رائع، كبير ومثير في شأنيه الأدبي والفني. لكن هذا لم يقع… ليس على هذا النحو الكامل. و«لا أحد يحب الليل» وعد بذلك لأكثر من سبب. لكن ما بدا واعدا في البداية تمخّـض عن واحد من أكثر افتتاحات برلين شحوبًا للأسف.
العرض الصحافي لهذا الفيلم الإسباني - الفرنسي انطلق في موعده أما العرض الافتتاحي في صالة وسط المدينة تتسع لنحو 1500 شخص ازدحمت عن آخرها تأخر أكثر من نصف ساعة ظهر أحد المسؤولين خلالها مرّتين ليعلن للجمهور (مبتسما بالطبع) في كل مرة أن الفيلم متأخر 15 دقيقة وذلك لعدم وصول المخرجة إيزابيل كواكست وبطلتها جولييت بينوش وباقي فريق العمل في الوقت المحدد.
حين حضر هؤلاء، بعد أكثر من نصف ساعة بقليل، لم يتبع ذلك الحضور عرض الفيلم مباشرة، بل مرّت دقائق ثمينة امتلأت خطبًا لا مبرر لطولها إلا من حيث تعبيرها عن توق المخرجة للاحتفاء بهذه اللحظة من حياتها المهنية: الوقوف على المنصّـة والتعبير عن امتنانها للمهرجان لاختيار فيلمها للافتتاح.
ما هو مرجّـح أن المهرجان وجد أن «لا أحد يريد الليل» مناسب للافتتاح لعناصر إنتاجية من بينها أنه فيلم يأخذ طابع الإنتاجات الكبيرة حول رحلات صعبة ومع بطولة نسائية لنجمة معروفة. لكن إذا ما كانت هذه هي العناصر المطلوبة لم يتم اختيار «ملكة الصحراء» إذًا كونه دراما ملحمية الشكل ذات طابع الإنتاجات الكبيرة ويدور حول رحلات صعبة ومن بطولة نسائية لنجمة معروفة هي نيكول كيدمان؟
السبب هو أن فيلما آخر من بطولة نيكول كيدمان كان افتتح مهرجان «كان» السينمائي الماضي ولا يعقل افتتاح برلين بفيلم آخر من بطولة الممثلة ذاتها.
حفلة الافتتاح ومستوى الفيلم الأقل مما كان مأمولًا، لا يؤثران لا في مكانة المهرجان ولا في باقي جدول أعمال الدورة.
في الواقع، لم يعرف المهرجان نجاحًا كما يعرف اليوم. من ناحية لدينا سوق متعددة العروض تحتشد فيها مكاتب أكثر من مائة شركة توزيع وإنتاج لجانب مكاتب عشرات المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية الداعمة للإنتاج والكثير من المؤسسات الثقافية التي تجد نفسها اليوم أكثر ارتباطًا بكل اتجاهات السينما بما فيها الصناعية والتجارية.
من ناحية أخرى، هو المهرجان الكبير الأول في العام وإليه يزداد عدد الأعمال التي تعتبره أول محطة للسنة بكاملها. أحد الصحافيين السينمائيين المتواجدين هنا، واسمه سكوت روكسبورو، كتب أن المهرجان مرشّـح لأن يكون البداية المبكرة لانتخابات الأوسكار.
وهو استند في ذلك إلى ملاحظة واضحة في الواقع: من بين الأفلام المتنافسة حاليًا على الأوسكار فيلمان سبق أن عرضا هنا قبل عام كامل وهما فيلم وس أندرسون «ذا غراند بودابست هوتيل» وفيلم رتشارد لينكلاتر «بويهود».
لكن بصرف النظر عن هذا الشأن، وهناك الكثير من المناسبات التي باتت تبدو كما لو أن مفاتيح جوائز الأوسكار صارت بحوزتها، فإن المهرجان كبير بأفلامه وشخصياته. كل فيلم من تلك التي ستمر على شاشة المسابقة يواجه بأمل كبير وباهتمام يستحقه.

* لا أحد يطلب الليل
* «لا أحد يحب الليل» هو ساعتان من المشاق الذي حط على كاهل مخرجة هدفت لفيلم لا تستطيع تحقيقه. سيناريو ميغويل باروس المستوحى عن قصّـة يُـقال في مطلع الفيلم بأنها واقعية لكنها لا تبدو كذلك على الشاشة، احتاج إلى نحو ثلاثة أرباع الساعة من تحضير الحكاية إلى الحدث المفصلي وهو التقاء امرأتين قادمتين كل من مجتمع بعيد عن الآخر على كل نحو ممكن في ظرف بعيد عن أن يكون مثاليًا.
جوزفين (جولييت بينوش) هي زوجة أميركية قررت اللحاق بزوجها المكتشف روبرت بيري الذي كان حط في القطب الشمالي رغم مخاطر الطريق. التمهيد الطويل المشار إليه هو لتعريفنا بها وبقرارها وكيف سمعت الكثير من التحذير حول صعوبة تلك الرحلة (تقع الأحداث في العام 1908) خصوصا أن موعد الشتاء وعواصفه العاتية فوق المنطقة الأدرياتيكية بات وشيكًا.
بعد ذلك، ها هي تنطلق مع مجموعة من مواطني الإسكيمو لبلوغ المكان. لكن عزيمتها القوية لا تفيد في منح طاقم المساعدين الكثير من الثقة باختياراتها أو الاكتراث لما تنوي القيام به. وها هي الآن وحيدة باستثناء مواطنة من قبيلة إينويت اسمها ألاكا (رينكو كيكوشي) في الموقع الذي كان من المفترض أن يتواجد فيه زوجها. كل امرأة لديها شكوك حول الأخرى، وكلاهما مرتاب وغير قادر على التواصل مع الآخر لأسباب أقلها اللغة غير المشتركة. لكن ومع شح في المؤونة ووسط العواصف الثلجية العاتية، على كل منهما أن تعيش وتتعايش مع الأخرى قبل أن يسود بينهم التفاهم المنشود.
يحتل اللقاء ذلك النصف الثاني من الفيلم لكن مفاداته محدودة. المواقف الدرامية ليست خارج المتوقع حالما نفهم من البداية شعور كل أنثى حيال الأخرى. العدائية التي تشعر بها مرورًا بالتوقع المناسب بأن الفيلم سيجد طريقة تلتحم فيها المشاعر ليسود التفاهم إثر كل أنواع العواصف الداخلية منها وتلك الخارجية.
إلى جانب أن المواقف الدرامية محدودة وأن الدوافع بأسرها لا تبدو واقعية (حتى وإن حدثت الحكاية على هذا النحو أو ذاك)، هناك حقيقة أن قيام جولييت بينوش بتأدية دور امرأة أميركية يقف حائلًا طوال الوقت دون قبولها. ليس أنها لا تجيد الإنجليزية، لكنها لا تجيد السلوكيات التي من غير الممكن تقليدها بسهولة.
من ناحيتها فإن المخرجة كواكست هي أيضًا في الدور الخطأ. تقوم بمهمة تحتاج إلى خبرة أعلى لتكوين هذا النوع من الفيلم الذي يمكن لمضمونه أن يرتفع ليصل إلى حدود المنوي بصريًا من العمل. كما هو الحال، هناك الكثير من القلق في اللقطات والمونتاج وقدر لا يفوت المشاهد من البرودة كما لو أن المخرجة قررت أن مكانها هو سرد حكاية والبقاء بعيدًا عن إحياء علاقة بينها وبين ما تسرده. بعض المشاهد أفضل معالجة من مشاهد أخرى. مثلًا المشهد الذي تعاني فيه ألاكا من الطبيعة القاسية خلال العاصفة، أو ذلك الذي نشهد فيه اكتشاف جوزفين كم أخطأت في تقدير نوايا ألاكا، لكنها مشاهد جيدة تمضي بما تحمله من قيم ثم يعود الفيلم إلى رتابة معالجته الكلية.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.