يحتفل متحف فيكتوريا آند ألبرت، الخريف المقبل، بمرور 35 عاما على إنشاء «نهرو غاليري» للفنون الهندية، بمهرجان من الألوان والرسومات والجواهر ونماذج الحرفة الدقيقة التي ميزت الفن الهندي لقرون. وليس بالمستغرب أن يطلق المتحف تسمية «مهرجان» على معرضين قادمين يركزان على المنسوجات والجواهر الهندية، فقائمة المعروضات لكلا المعرضين تفتح لنا نافذة على عالم من الإبداع والجمال عبر التاريخ.
وعلى حفل إفطار هندي الطابع والمذاق، أعلن المتحف العريق تفاصيل مبدئية حول المعرضين المقرر افتتاحهما الخريف المقبل. وقال مارتن روث، مدير متحف فيكتوريا آند ألبرت، إن أحد المعرضين وهو بعنوان «نسيج من الهند» يستكشف العالم الثري للمنسوجات الهندية، وأشار إلى أنه الأول من نوعه في المتحف، وأردف أن المعرض الثاني تحت عنوان «كنوز الجواهر.. مجموعة آل ثاني»، يضم مجموعة من الجواهر التي ارتبطت ببلاط سلاطين ومهراجات من القرن السابع عشر.
بالنسبة لمعرض «نسيج من الهند» الذي يفتتح في 3 أكتوبر (تشرين الأول) القادم، فيقدم عددا ضخما من مقتنيات المتحف الذي «يضم أكبر مجموعة من القطع الفنية الهندية خارج الهند». من خلال 200 قطعة نستكشف تطور صناعة النسيج حتى العصر الحالي، ونلقي نظرة على صناعة الأزياء الحديثة في الهند من الرايات التراثية إلى قماش الساري المعاصر، ومن المنسوجات التي علقت على جدران المعابد إلى مناديل الرأس القطنية الملونة، ويقدم أيضا خيمة فائقة الصناعة من عهد السلطان تيبو حاكم سلطنة مايسور الهندية في القرن الثامن عشر.
يقدم المعرض أيضا نظرة على المواد الأولية في صناعة النسيج عبر عرض نماذج من المنسوجات القطنية والحريرية ويستكشف أسرار صناعة النسيج اليدوية.
وينقسم المعرض إلى أقسام، أولها يستكشف أسس صباغة النسيج بالمواد الطبيعية مثل الرمان ويتطور إلى الصبغات الحديثة.
تتحد المعروضات في هذا المعرض لتقدم صورة لمدلولات المنسوجات التي تعكس الثروة والقوة والتقديس، ويستكشف أيضا استخدام المنسوجات في القصور. ومن الطبيعي أن تتميز المنسوجات المخصصة للمعابد والقصور بخامات متفوقة واهتمام خاص بالتطريز والخياطة. كأمثلة، يقدم المعرض نماذج من المنسوجات التي ارتبطت بأماكن دينية، منها قميص من القرن السادس عشر يحمل آيات من القرآن مكتوبة بالذهب والحبر الأسود. ويعرج القسم على التنوع والفخامة البادية في الألوان والتطريز في المنسوجات الملكية في القرن السابع عشر، منها أبسطة ضخمة تحمل نقوشات زهور ونباتات من البلاط المغولي الهندي تعرض لجانب خيمة السلطان تيبو.
تذكر قيمة المعرض روزماري كريل أن إحدى القطع في المعرض، وهي منسوجة ضخمة تخرج للمرة الأولى من المخازن لها قصة طريفة، فقد عثر عليها مثمن فني ملقاة على أحد الأرصفة بحي بروكلين في مدينة نيويورك منذ أكثر من 20 عاما، ونظرا لضخامة حجمها ووزنها استعان بأصدقاء له لتحميلها على عربة نقل لنقلها إلى منزله. وفي عام 1994، وهو في زيارة للمملكة المتحدة، قرر إهداءها لمتحف فيكتوريا آند ألبرت بسبب عدم قدرته على عرضها في منزله. وبعد معاينتها أعلن خبراء المتحف أن المنسوجة الضخمة هي نموذج متميز للفن الشعبي الهندي تتبدى فيها رسومات أفيال وأشخاص، بالإضافة إلى آلهة هندية، ويعتقد الخبراء أنها صنعت في العشرينات من القرن الماضي في مدينة قوجارات. وأضافت كريل: «نتصور أن المنسوجة علقت على جدران حجرة بمناسبة مهرجان أو حفل زفاف».
ويخطو المعرض نحو صناعة الأزياء الحديثة ويقدم نماذج لمشاهير مصممي الأزياء في الهند، ومنهم مانيش أرورا.
* كنوز هندية من مجموعة آل ثاني
* في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، يفتتح المعرض الثاني في المهرجان الهندي بفيكتوريا آند ألبرت تحت عنوان «كنوز الجواهر.. مجموعة آل ثاني». المعرض يقدم من خلال 6 أقسام 100 قطعة بعضها يعود لأباطرة المغول في القرن السابع عشر استخدمت بأغراض الزينة أو للاستخدام في المراسم الملكية والعسكرية.
من القطع التي تقدم مشبك بديع الصنع من الماس استخدم لتزيين عمامة مهراجا نارانغار، ومقبض خنجر من اليشم صنع في القرن السابع عشر للإمبراطور شاه جاهان، ورأس نمر من الخشب المرصع بالأحجار الكريمة، كان جزءا من عرش السلطان تيبو وبعض الجواهر التي عهد بها المهراجات لدار كارتييه الفرنسية لصياغتها.
وإلى جانب القطع التاريخية يضم المعرض أيضا بعض القطع المعاصرة التي تدمج الأسلوب المغولي بأسلوب الآرت ديكو الحديث. ومن القطع المعروضة ماسة بوزن 18 قيراطا أهديت للملكة تشارلوت، وقطعة زمرد بوزن 92 قيراطا.
وتعرف مجموعة آل ثاني بأنها تضم قطعا مميزة وأحجارا نادرة بأحجام كبيرة. وعلق مارتن روث على المجموعة بقوله: «هذا المعرض يسمح لنا بمعاينة مجموعة خاصة ساحرة تضم أحجارا ثمينة فائقة وحرفة راقية دقيقة مستوحاة من الهند».
الأقسام الستة التي يقع فيها المعرض سوف تستكشف تطور طرق الصياغة، فقسم «الخزانة» يتجه لتمثيل جو الخزانات الضخمة للجواهر لدى أباطرة المغول في نهاية القرن السادس عشر وبداية السابع عشر. أما قسم «البلاط» فيقدم قطعا امتلكها حكام مشهورون مثل الإمبراطور شاه جاهان الذي كلف بناء تاج محل الذي أصبح علامة بارزة في عالم التصميم الهندي. قسم «المينا» يستخدم الفن البديع الذي تجلى في أجمل صوره في الجواهر الهندية. فنستكشف هنا الألوان والنقوشات والأساليب التي استخدمت في عصر المغول، واعتمدت على إخفاء الزخارف بالمينا داخل القطع، في ظهر القلادة أو داخل الأسورة.
ومن القرن السابع عشر ينتقل المعرض تدريجيا نحو المؤثرات المعاصرة في صناعة الجواهر بالهند عبر قسم خاص يحمل عنوان «فترة التحول» يستكشف التأثير الغربي على صناعة الجواهر الهندية في القرنين 19 - 20 خاصة في حيدر آباد. أما قسم «المعاصرة» فيستكشف تأثير الجواهر الهندية على الصناعة الأوروبية في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي ويعرض نماذج من مصوغات دور عالمية مثل كارتييه. وأما القسم الأخير من المعرض «رواد التصميم المعاصر» فيركز على التأثيرات التراثية المستمرة في صناعة الجواهر المعاصرة على أيدي مصممين أمثال «جار» من باريس الذي يستوحي المعمار المغولي، و«باغات أوف مومباي» الذي يستخدم الجواهر التي صيغت في الماضي ويضعها داخل تصميمات حديثة.