أوباما يشيد بصراحة الملك الراحل و«خطواته الجريئة» من أجل تحديث المملكة والسلام في المنطقة

بايدن سيتوجه على رأس وفد رئاسي أميركي إلى السعودية لتقديم واجب العزاء

الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز لدى اجتماعه مع الرئيس أوباما في الرياض في 28 مارس 2014 (أ.ف.ب)
الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز لدى اجتماعه مع الرئيس أوباما في الرياض في 28 مارس 2014 (أ.ف.ب)
TT

أوباما يشيد بصراحة الملك الراحل و«خطواته الجريئة» من أجل تحديث المملكة والسلام في المنطقة

الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز لدى اجتماعه مع الرئيس أوباما في الرياض في 28 مارس 2014 (أ.ف.ب)
الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز لدى اجتماعه مع الرئيس أوباما في الرياض في 28 مارس 2014 (أ.ف.ب)

نعى الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس، العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، مشيدا بما حققه من خطوات جريئة لتحديث المملكة العربية السعودية وأخرى لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط.
وقال أوباما في بيان أصدره البيت الأبيض «بكل الاحترام العميق، إنني أعبر عن تعازي الشخصية وتعاطف الشعب الأميركي لعائلة الملك عبد الله بن العزيز وإلى شعب المملكة العربية السعودية». وأضاف الرئيس الأميركي «امتدت حياة الملك عبد الله قبل تأسيس المملكة العربية السعودية ليجعلها قوة اقتصادية حاسمة في الاقتصاد العالمي، ويبرز الملك عبد الله كزعيم بين الدول العربية والإسلامية وقد اتخذ خطوات جريئة في دفع مبادرة السلام العربية وهو المسعى الذي يخلد ذكراه كزعيم دائم البحث عن تحقيق السلام في المنطقة».
وأشاد الرئيس أوباما برؤية الملك عبد الله بن عبد العزيز لتحقيق ازدهار تعليمي لشعبه وتحقيق مزيد من الانخراط مع العالم. وقال الرئيس الأميركي «لقد عمل بلدانا معا لمواجهة الكثير من التحديات، وكنت دائما أقدر رؤية الملك عبد الله وصداقتنا الدافئة والحقيقية، وقد كان كقائد صريحا وشجاعا في التعبير عن قناعاته، وإحدى هذه القناعات كانت إيمانه الراسخ بأهمية العلاقة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية كقوة لتحقيق الاستقرار والأمن في داخل الشرق الأوسط وخارجه والتقارب وقوة الشراكة بين بلدينا هو إرث الملك عبد الله».
بدوره، أعلن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، أنه سيتوجه إلى المملكة العربية السعودية، على رأس وفد رئاسي أميركي، خلال الأيام المقبلة، من أجل تقديم واجب العزاء في وفاة الملك عبد الله. وقال بايدن «لقد حزنت لرحيل الملك عبد الله، ووفاته تعد خسارة كبيرة للمملكة العربية السعودية، ومن الصعب التفريق بين المملكة والملك عبد الله». وأضاف: «على مدى عدة عقود، لعب الملك عبد الله دورا كبيرا في بناء بلده». وتابع نائب الرئيس الأميركي «على مدى سنوات تعرفت على الملك عبد الله، وكنت دائما أقدر صراحته وإحساسه بالتاريخ وفخره واعتزازه بجهوده لدفع دولته للأمام وإيمانه الراسخ بالعلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية».
كما قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري «بوفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز، فقدت الولايات المتحدة صديقا، كما فقدت المملكة العربية السعودية ومنطقة الشرق الأوسط قائدا يملك الكثير من الحكمة والرؤية». وأشار كيري إلى لقاءاته مع الملك الراحل منذ أن كان كيري عضوا بمجلس الشيوخ وحتى توليه منصب وزير الخارجية. وقال كيري «رغم المرض وتقدم العمر كان (الملك الراحل) قويا في إصراره وشجاعا وفخورا برحلته لبناء المملكة، وهو شريك شجاع في مكافحة التطرف العنيف، وتبقى مبادرة السلام العربية التي رعاها وثيقة هامة لهدف إقامة دولتين، فلسطين وإسرائيل، تعيشان في أمن وسلام». وأشاد وزير الخارجية الأميركي بما قام به الملك عبد الله في الاستثمار في العنصر البشري للمملكة وتقوية البنية التحتية والتنمية الاقتصادية للمملكة، إضافة إلى برامج المنح الدراسية التي تحمل اسمه بما يمثل مساهمة هائلة ورؤية بعيدة النظر لتحقيق ازدهار للمملكة العربية السعودية.
كذلك، أشاد وزير الدفاع الأميركي السابق تشاك هيغل بالملك الراحل الذي وصفه بالصديق الملتزم والشريك الهام للولايات المتحدة. وقال هيغل «كان الملك عبد الله مثل والده، مؤسس المملكة، رجلا يملك شجاعة كبيرة وشخصية قوية تاريخية ملتزمة، أسهم في تحسين حياة الشعب السعودي وصنع للمملكة مكانة دولية رائدة». وأضاف هيغل أن الملك عبد الله «كان صوتا قويا للتسامح والاعتدال والسلام داخل العالم الإسلامي وفي جميع أنحاء العالم، وسيظل إرثه محتفى به لسنوات كثيرة قادمة».
من ناحيته، نعى الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، الملك الراحل، قائلا: «إنني أشعر بحزن شديد بعد معرفتي بخبر وفاة صديقي العزيز وشريكي الملك عبد الله بن عبد العزيز». وأضاف: «عندما كنت رئيسا للولايات المتحدة وجدت في (الملك عبد الله) حليفا حكيما وموثوقا به، وهذا ساعد شعوبنا على بناء علاقة استراتيجية وصداقة دائمة تعود بتاريخها إلى الحرب العالمية الثانية».
أما نائب الرئيس الأميركي السابق ديك تشيني فعبر هو الآخر عن «حزنه الشديد» لوفاة الملك عبد الله، وقال: إن السعودية «فقدت قائدا حقيقيا، كما فقدت الولايات المتحدة صديقا جيدا وحليفا يمكن الاعتماد عليه». وأضاف تشيني «خلال خمسة وعشرين عاما عرفت فيها الملك عبد الله كرجل يحترم كلمته وزعيم يؤمن بعمق بأهمية العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية ويتفهم التحديات والتهديدات التي تواجه بلدينا، وقد كان دائما صادقا ومستعدا للعمل».
ووصف السيناتور الجمهوري البارز جون ماكين، الملك الراحل بـ«الصوت المهم في تحقيق الإصلاح داخل المملكة العربية السعودية» وقال في بيان أصدره مكتبه «إن الملك عبد الله كان صوتا مهما في دعوته للإصلاح ومساندته لتحديث نظم التعليم وإعطاء المرأة الحق في التصويت والترشح في الانتخابات البلدية».
وتداولت وسائل الإعلام الأميركية خبر وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز، وأشارت إلى العلاقات الأميركية ـ السعودية التي بدأت مند عام 1945 في عهد الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت الذي التقى مع الملك عبد العزيز آل سعود (والد الملك الراحل) وأبرم معه اتفاقا بشأن إقامة علاقات متينة للتعاون بين البلدين. وأبرزت شبكة «فوكس» الإخبارية الأميركية في تقرير لها، إنجازات الملك الراحل في تحديث المملكة العربية السعودية، وأشارت أن الملك عبد الله كان مساندا قويا لتحديث التعليم وبناء الجامعات وزيادة المنح الدراسية للطلاب السعوديين في الخارج. وأشارت القناة الإخبارية إلى أن «جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا»، التي افتتحت عام 2009 كانت من أكثر المشروعات طموحا، وشهدت السماح للشبان والشابات بالدراسة معا في الفصول الدراسية. كما نوهت الشبكة الإخبارية بمنح المرأة حق التصويت وحق الترشح للانتخابات البلدية في عهد الملك عبد الله. وأشارت أيضا إلى تعيين أول امرأة في منصب نائب وزير عام 2009.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.