احتفالات الثورة تتحول إلى احتجاجات في تونس

السبسي يؤكد أنه {حارس الديمقراطية} وحرصه على حماية العدالة الانتقالية

احتفالات الثورة تتحول إلى احتجاجات في تونس
TT

احتفالات الثورة تتحول إلى احتجاجات في تونس

احتفالات الثورة تتحول إلى احتجاجات في تونس

مزجت احتفالات التونسيين بالذكرى الرابعة للثورة بين الجانب الاحتفالي وتحقيق الانتقال السياسي، والجوانب المطلبية المتصلة بتحسين ظروف عيشهم والكشف عن ملابسات ما جرى سواء إبان الثورة أو بعدها وخاصة ما تعلق بملف القناصة وارتفاع عدد القتلى بعد 14 يناير (كانون الثاني) 2011. وتراوحت عملية تخليد هذه الذكرى بين الاحتفال الرسمي في قصر قرطاج بالتحول السياسي الناجح، وبين الاحتجاج والمطالبة بمحاسبة قتلة شهداء الثورة خاصة في شارع الحبيب بورقيبة الشارع الرئيسي بالعاصمة التونسية.
ونظمت رئاسة الجمهورية موكبا رسميا في القصر الرئاسي تخليدا لذكرى الثورة وأشرف الباجي قائد السبسي على تلك الاحتفالات التي حضرها محمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) ومهدي جمعة رئيس الحكومة. كما حضر اللقاء أعضاء الحكومة ورؤساء الهيئات الدستورية والمنظمات والجمعيات الوطنية وعدد من أهالي الشهداء وممثلي الأحزاب السياسية وعدد من السفراء المعتمدين في تونس.
وخلافا لما تم الإعلان عنه يوم 31 من شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي خلال موكب تسلم الباجي قائد السبسي لمنصب الرئاسة خلفا للمنصف المرزوقي، فإن الاحتفال بالذكرى الرابعة للثورة لم تحضره شخصيات عربية ودولية. وقال محسن مرزوق الوزير المستشار لدى رئيس الجمهورية المكلف بالشؤون السياسية في تصريح إعلامي إن الباجي أشرف على إحياء ذكرى الثورة والشباب وإن الاحتفال ليس حفل تنصيب للرئيس الجديد.
وألقى الرئيس التونسي كلمة بالمناسبة أكد من خلالها أنه «أحد حراس الديمقراطية». وأضاف الباجي أنه من خلال رئاسة الدولة سيكون «صوتا لمن لا يسمع ومن يعتبر نفسه ضحية للتهميش والعزلة». وأكد تمسكه بالمبادئ والقيم الوطنية المتفق بشأنها وهي على حد تعبيره «حق الشغل وواجب العمل والنجاح واستحقاق العدالة والمساواة».
وربط الباجي قائد السبسي بين نجاح الثورة ونجاح التونسيين في إدارة المرحلة الانتقالية وقال إن نجاح الثورة لم يكن ممكنا لولا تعاضد الجهود من خلال الحكومات المتعاقبة ووجه الشكر إلى الإعلام ومنظمات المجتمع المدني التونسي.
وفي الشأن السياسي قال الباجي إنه سيكون رئيسا لكل التونسيين وأكد على ضرورة عمل الحكومة المقبلة ومجلس نواب الشعب (البرلمان) على تطوير البرامج التي تستجيب إلى تطلعات الشباب.
ولم تمر الذكرى الرابعة للثورة دون تسجيل تذمر التونسيين سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي وكذلك على مستوى العدالة الانتقالية إذ قطع الباجي قائد السبسي الموكب الرسمي لإحياء عيد الثورة والشباب بقصر قرطاج بعد نحو ساعة ونصف الساعة إثر رفض عائلات الشهداء تلقي التكريم مطالبين بالكشف عن الجناة.
وقال الباجي ردا على احتجاجات عائلات شهداء الثورة وجرحاها «الشهداء دائما في البال وربي يعينكم»، وسادت حالة من الفوضى في صفوف عائلات الشهداء والجرحى وقد بدت على السبسي علامات التوتر والغضب حيث علق قائلا: «لو كان الشهداء أنفسهم حاضرين لرفضوا هذا التصرف».
واحتجت عائلات الشهداء ضد توسيم الباجي قائد السبسي لممثلي الرباعي الراعي للحوار الوطني وعائلات القيادي اليساري شكري بلعيد والبرلماني التونسي محمد البراهمي ولطفي نقض أحد المنتسبين لحركة نداء تونس وطالبت العائلات بضرورة إيلاء ملفات أبنائها نفس الاهتمام الذي يحظى به ملفا بلعيد والبراهمي.
وفي شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، نظمت عائلات شهداء وجرحى الثورة بالتعاون مع المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية(منظمة حقوقية مستقلة) مسيرة احتجاجية تحت شعار «لن ننساكم». وجددت رفضها للأحكام القضائية الصادرة في حق المتهمين بقتل أبنائهم وتمسكت باسترداد حقوق أبنائها والكشف عن أسماء الجناة.
وطالب شرف الدين القليل أحد محامي عائلات شهداء وجرحى الثورة في تصريح لوسائل الإعلام بضرورة كشف الحقيقة كاملة ومحاسبة الجناة واتهم الطبقة السياسية الجديدة بعدم اقتناعها بمبدأ المحاسبة والعقاب، على حد تعبيره.
وبشأن احتفال المدن التونسية داخل البلاد بهذه الذكرى، فإن عدة مدن كبرى لم تشهد أي مظهر من مظاهر الاحتفال بالذكرى الرابعة للثورة، وهو ما خلف تساؤلات كثيرة بين مؤيدي الثورة والداعين لاستثمارها في تأكيد الحقوق والحريات. ففي مدينة الكاف (160 كلم شمال غربي تونس) على سبيل المثال لم تنتظم مواكب رسمية لإحياء هذه المناسبة، كما لم تبرمج الهياكل الحكومية أو الأحزاب السياسية مظاهرات أو مهرجانات للاحتفال بالثورة. وفسر البعض غياب مظاهر الاحتفال «بضحالة نتائج الثورة على حياة الناس وعدم استجابة الحكومات المتعاقبة للمطالب الرئيسية التي رفعت قبل 4 سنوات والمتمثلة بالأساس في الشغل والحرية والكرامة».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.