سماح عواد.. شخصياتها الكرتونية مغلفة بالسكر

من معهد الفنون الجميلة إلى تصميم الحلويات

سماح عواد في أحد المعارض المخصصة للطعام والحلوى
سماح عواد في أحد المعارض المخصصة للطعام والحلوى
TT

سماح عواد.. شخصياتها الكرتونية مغلفة بالسكر

سماح عواد في أحد المعارض المخصصة للطعام والحلوى
سماح عواد في أحد المعارض المخصصة للطعام والحلوى

سماح عواد اسم معروف في مجال تحضير حلويات مميزة، سورية من أصل فلسطيني درست وتخرجت في معهد الفنون التشكيلية بدمشق ولكنها بدلا من أن ترسم وتشكل لوحات ومنحوتات من الكرتون والألوان المائية والزيتية أو من الأحجار والطين مثلا، شكلت ونحتت الحلوى بطريقة مختلفة. كان ذلك قبل سنتين، وما زالت سماح تقدم هذه النماذج الجميلة اللذيذة للأطفال من خلال مطبخها.
تبتسم سماح وهي تزين نماذجها التي استلهمتها من أفلام الكرتون ومن شعارات وسائل الاتصال الاجتماعية وأعلام الدول وغير ذلك، متحدثة لـ«الشرق الأوسط»: «أحضر الحلويات بشكل مختلف ومبتكر، خصوصا تلك الموجهة إلى الأطفال والتراثية منها، ما دفعني إلى ذلك مزاج وهواية لدي، خصوصا أنني خريجة مدرسة فنون تشكيلية وتصميم، فأنا أحب توظيف الفن بالحلويات الخاصة بالأطفال وبشكل لافت للنظر من خلال الكيك والكاب كيك والمصاصات أحولها لأشياء جميلة، كما أنني لاحظت مؤخرا أنه لم يعد هناك أطعمة نظيفة، وهذا أحد دوافعي لأصمم مثل هذه المأكولات للأطفال بحيث تكون أنيقة ومفيدة يحبها الطفل. انطلقت تجربتي منذ سنتين، ومما أحضره على سبيل المثال: المصاصات بشكل مختلف عن المصاصات العادية، حيث آتي بحبات التمر أطحنها وأضيف إليها النكهات وأغطسها بالشوكولاته وألونها بألوان زاهية وبالتالي فإن الطفل يظن أن هذه القطعة مصاصة فيتناولها بشهية وفي نفس الوقت فهو يحصل على مادة غذائية لذيذة المذاق وذات قيمة غذائية جيدة من خلال مكوناتها الرئيسية. أحضر من الكاب كيك مثلا شخصيات الأفلام الكرتونية للأطفال مثل سبونج بوب ولعبة الجوال الأنغري بيردز (الطيور الغاضبة)، حيث أصممها من عجينة اللوز. كذلك وضعت في تصاميمي الكورن فليكس، وهو محبب لدى الأطفال، حيث أضعه على كيك مع الكريمة، كذلك صممت البيرنسز (الأميرات) اللواتي يظهرن في أفلام الكرتون، قمت بتصميمهن من الكيك وعجينة السكّر وكريمة الزبدة بطبقات مع التغليف الصحي، وشكل فستان الأميرة والمجسم هنا صعب، حيث أتيت بأوراق ملونة وخشبة صغيرة لأنفذ الرأس، فظهرت الأميرات بشكل جميل، والطفل ينجذب إلى هذه الأشكال ويأكلها بتلذذ، صممت التوب كيك على شكل خراف لعيد الأضحى، والتمر المحشو والمغطى بالشوكولاته ومزين بشكل جميل وضعته بسلة بشكل يلفت انتباه الأطفال، كذلك آتي بحبة تمر وأحشوها بـ(مارشميلو) وأضيف إليها الشوكولاته وألونها وأرفقها بعود صغير. هناك تصميمات من وحي هيلو كيتي أو لولو من أفلام الكرتون، وهي قطة محببة للأطفال حولتها إلى مصاصة لهم حضرتها من عجينة السكّر التي أعدها بشكل شخصي حتى أضمن أن تكون صحية ولا آتي بها جاهزة، كذلك حضرت لهم السنافر، وأحذية وربطات عنق من الكاتو. عجينة البسكويت حولتها إلى صحون صغيرة وفناجين وحشيتها بالكورن فليكس أو الشوكولاته والمارشميلو وطابات الشوكولاته وسمارتيز، حضرت شعارات وسائل الاتصال الاجتماعية (واتساب) و(فايبر) و(فيسبوك) بشكل جميل ولطيف لذيذ المذاق، أحضر أيضا قوالب الكيك بشكل مبتكر كذلك حضرت بدلا من عجينة السكر التي توضع فوق الكيك، آتي بالكيك وأفرطه بشكل ناعم وأخلطه بالكريمة فيتحول إلى عجينة وألونها كما أريد وأغلف بها الكيك فيتحول إلى شيء لذيذ المذاق. ومن تصاميمي التي استلهمتها من التراث الشامي هناك مثلا حلوى خفيفة ولذيذة المذاق ومعروفة جيدا لدى أطفال دمشق، وهي أكلة شامية تراثية تحضر من قطعة بسكويت وبداخلها رغوة (مكوناتها بياض البيض وسكر وشرش الحلاوة المطحون جيدا حيث يتحول الخليط إلى رغوة) وتغطى بالشوكولاته تكون ذات شكل هرمي وتغلف بالسلوفان، وهي أكلة قديمة جدا عمرها يزيد على نصف قرن، قمت بتقديمها بشكل جديد وبإضافات ملونة تجذب الأطفال. وبالطبع كل ما أضعه في مأكولاتي طبيعي وليس مواد أو صبغات ضارة بالأطفال، مثلا الكيك في بعض مخابز الحلوى يحضر عادة من مواد دهنية ونكهات وملونات ضارة، بينما أنا أضع مواد طبيعية، فمثلا لأحصل على اللون الأصفر أستخدم العصفر، وهو بهارات معروفة، وأقوم بحل اللون ومن ثم أستخدمه في تصاميمي حتى لا يؤثر على النكهة والطعم. ومن الأشياء التراثية التي أحضرها هناك الأقراص النبكية والحمصية، وهي من الحلويات القديمة ويختلف بعضها عن بعض فقط بنوع البهارات المضاف إليها، وتحضر من دقيق القمح والزبدة والسكر وبهارات وسمسم وحبة البركة تشبه رغيف الخبز، وتكون بمذاق لذيذ وتحضر عادة بشكل واسع في الأعياد والمناسبات الاجتماعية. ومن التراث الفلسطيني حضرت (المقروطة)، وهي حلوى فلسطينية عبارة عن عجينة تحشى بالتمر».



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».