موسكو تدعو 30 شخصية معارضة سورية 26 يناير .. وممثلو النظام ينضمون بعد يومين

مصادر دبلوماسية لـ «الشرق الأوسط» : المشاورات تستند إلى {جنيف 1} * روسيا لن تدعو أطرافاً خارجية ومدير الجلسة «مستعرب روسي»

صورة من الدعوة المرسلة من الخارجية الروسية
صورة من الدعوة المرسلة من الخارجية الروسية
TT

موسكو تدعو 30 شخصية معارضة سورية 26 يناير .. وممثلو النظام ينضمون بعد يومين

صورة من الدعوة المرسلة من الخارجية الروسية
صورة من الدعوة المرسلة من الخارجية الروسية

أعلنت وزارة الخارجية الروسية عن دعوة ممثلي فصائل المعارضة والحكومة السورية إلى مشاورات تمهيدية في العاصمة موسكو خلال الفترة من 26 - 29 يناير (كانون الثاني) الحالي.
وفي تصريحات خصت بها صحيفة «الشرق الأوسط»، ذكرت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى أن موسكو وجهت الدعوة إلى قرابة ثلاثين من زعماء فصائل المعارضة في الداخل السوري وخارجه، بصفتهم الشخصية، من دون التقيد بأسماء تنظيماتهم وتكتلاتهم، وكذلك ممثلي الحكومة ومنظمات المجتمع المدني في سوريا. ومن هؤلاء، أشارت المصادر الروسية إلى كل من هادي البحرة وحسن عبد العظيم ومعاذ الخطيب وهيثم مناع وعارف دليلة وبدر جاموس ووليد البني وجهاد مقدسي وملهم الدروبي وآخرين.
وردا على سؤال بشأن جدول الأعمال، قالت المصادر إن مشاورات موسكو ستنطلق من دون جدول أعمال محدد، وستبدأ في السادس والعشرين من يناير الحالي، باجتماعات بين ممثلي المعارضة الداخلية والخارجية، في ما بينهم، على أن ينضم إليهم اعتبارا من 28 يناير ممثلو الحكومة السورية، من دون مشاركة أي أطراف خارجية، مؤكدا أن ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، لن يشارك في هذه المباحثات. لكنها قالت باحتمالات وصول مساعده السفير رمزي عز الدين ليكون على مقربة من هذه المشاورات، فضلا عن أن موسكو الرسمية لن تكون ممثلة في هذه المشاورات، اللهم عدا مستعرب، لإدارة اللقاءات بعيدا عن الرسميات.
ولم تستبعد المصادر احتمالات أن يلتقي سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، الوفود المشاركة في ختام المشاورات. وقالت إن التركيز على توجيه الدعوة بأسماء الشخصيات وليس بأسماء تكتلاتها وتنظيماتها، كان لتفادي الحرج بخصوص عدد المدعوين من كل تنظيم، وأيضا بسبب تغير قيادات هذه التنظيمات، وإن تظل الفرصة قائمة أمام احتمالات دعوة أسماء سورية أخرى. وأضافت أن المشاورات في «ساحة موسكو» ستستند إلى وثيقة «جنيف 1» الصادرة في 30 يونيو (حزيران) 2012. وكانت هذه الوثيقة صيغت من دون مشاركة السوريين. وتتلخص المهمة في أن يجتمع السوريون لتأكيد قبولهم بهذه الوثيقة للانطلاق لاحقا وتنفيذ بنودها، وما يستجد من مهام وقضايا أخرى، بما في ذلك المسائل المتعلقة بتشكيل حكومة ائتلافية.
وتنص وثيقة «جنيف 1» على أن تكون المشاورات بين ممثلي المعارضة والحكومة من دون أي شروط مسبقة. وحول ما سبق وطرحته المعارضة من شروط حول رحيل الرئيس بشار الأسد، قالت المصادر الروسية لـ«الشرق الأوسط» إن الأمر متروك لمناقشات الأطراف السورية، في إطار ما سبق أن قالته موسكو أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة، حول المشاورات من دون شروط مسبقة. ولم تكشف المصادر عما إذا كان الوفد الحكومي السوري سيكون برئاسة وليد المعلم أم غيره، مشيرة إلى أن الأمر متروك لقرار دمشق، وإن نفت بشكل قاطع ما سبق أن تردد حول احتمالات مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد في اليوم الأخير للمشاورات.
وحول ما إذا كانت موسكو تلقت ردا من أي من المدعوين، قالت المصادر إن توجيه الدعوات لا يزال مستمرا، وهناك من أبدى استعداده للمشاركة. وأضافت أن موسكو لم تدع أيا من ممثلي القوى الخارجية من المشاركين في اجتماعات «جنيف 1»، لأنها هي نفسها لن تشارك أيضا في هذه الاجتماعات، وسيقتصر تمثيلها على «مدير الجلسة» الذي اكتفت بالقول إنه سيكون «مستعربا روسيا».
وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن موسكو سبق أن طرحت هذه الفكرة منذ أكثر من العام. وأشارت إلى أنها أعادت طرحها في مثل هذا الوقت من العام الماضي بعد انتهاء مشاورات «جنيف 2». وقالت إنه لو كان هناك من استجاب لهذه الدعوة منذ ذلك الحين لما كانت سوريا تكبدت كل هذه الخسائر البشرية والمادية، ولما سقط كل ذلك العدد من الجرحى والضحايا. وبهذا الصدد أشارت إلى أن ما طرحه البعض من شروط حول «إسقاط النظام» بات يتغير اليوم إلى شعارات تقول بضرورة «إقامة النظام» بعيدا عن السقوط في براثن الفوضى والاقتتال الدموي، على غرار ما يجري في ليبيا والصومال. وأشارت إلى ما حل بالمناطق المجاورة من مآس وكوارث، مثل ما تعيشه العراق أيضا ومناطق أخرى في المنطقة، تحت وطأة انتشار التنظيمات الإرهابية، مثل «داعش» و«جبهة النصرة»، وما تضمه من عناصر من المرتزقة من الشيشان وأفغانستان وغيرهما من البلدان.
وأكدت المصادر أن موسكو تعرب عن شديد الأمل في نجاح هذه المشاورات، وفي وقوف الأطراف والقوى الخارجية لدعمها وليس لعرقلة ما يمكن أن تتوصل إليه من اتفاقات. وقالت إن الهدف الرئيسي لروسيا يتمثل في دعم الجهود الرامية إلى الخروج من الأزمة الراهنة من خلال الحوار واعتماد السبل السياسية بعيدا عن خيار المواجهات الدموية والاقتتال انطلاقا من وثيقة «جنيف 1» عام 2012، وذلك من خلال حوار أوسع دون إملاءات أجنبية وشروط مسبقة، فضلا عن الاستمرار في تقديم المساعدة لسوريا في مجال مكافحة الإرهاب، بما قد يسمح لاحقا باجتماعات يشارك فيها السوريون وفي إطار ما يمكن تسميته «جنيف 3».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.