الإيطالي غوسيبي بينون والكشف عن قلب الطبيعة في متحف غرونوبل

يعرض للمرة الثالثة في فرنسا

من أعمال غوسيبي بينون المعروضة في متحف غرونوبل
من أعمال غوسيبي بينون المعروضة في متحف غرونوبل
TT

الإيطالي غوسيبي بينون والكشف عن قلب الطبيعة في متحف غرونوبل

من أعمال غوسيبي بينون المعروضة في متحف غرونوبل
من أعمال غوسيبي بينون المعروضة في متحف غرونوبل

هي المرة الثالثة التي يعرض فيها غوسيبي بينون في فرنسا. المرة الأولى كانت في متحف بومبيدو 2004 والثانية في قصر فرساي 2013 والثالثة في متحف غرونوبل، حيث يعرض، حاليا، مجموعة من أعماله النحتية وأيضا الطباعية.
النحات الإيطالي المولود في غاريسيو (شمال غرب) في عام 1947 لم يتأثر كما غالبية أقرانه، بفن النحت الروماني. على الأغلب، استفاد بينون، من النقاء البهي للأعمال الفنية الرومانية، لكنه تعارض معها في اهتمامها المبالغ به في السطح، الذي وإن بدا عميقا، في عدد كبير من الأعمال، تساعده المواد المستخدمة مثل الرخام، إلا أنه بقي نحتا لإظهار الجمال الخارجي للشخوص الذين، عادة، تتحدث عنهم أشكالهم الخارجية.
ذهب بينون إلى العمق، ليس العمق البشري، الذي توالت ترديدات علم النفس في البحث عنه وكشفه، تارة كحالة مرضية وأخرى ما ورائية، ترهن تعلق الذات البشرية بتماثلات، تنهل مما يحيط بها، صفاء أو غموضا. إنما ذهب إلى محاولة لكشف قلب الطبيعة من خلال استخراج الحياة من قلب الموات القاسي. أعمال بينون بهذا المعنى، بحث شقي في استخراج الحياة من الموت لا يكاد ينتهي حتى يبدأ على شكل متواليات تعتمد مرجعيات فلسفية، قلما، نتسقطها في الأعمال الفنية، سواء كانت نحتا أم رسما. هنا تحديدا تكمن فرادة أعمال بينون. فالنحت في الخشب أو الرخام أو حتى الغرافيت (معدن قريب من الألماس يستعمل موصلا للكهرباء) أو في الجلد، عمل طبيعي طالما أنه يستدرج السطح هاربا من عمق الأشياء.
لا يعمل بينون على نحت الخشب، لا يأخذ قطعة من الخشب ويعمل فيها أدواته ليخرج في النهاية شكلا جميلا وجذابا تلهث أمامه الأعين الفضولية. إنما يأخذ الأشجار الميتة كاملة كما هي ويدخلها كما يدخل الفيل من ثقب الإبرة ليخرج من داخلها مولودها، شجرة أخرى مطمورة داخل جذع الشجرة الأم.
غير أن العملية القيصرية التي يقيمها بينون، بنيانا شاهقا، لا تكتفي بذاتها. تدل الأعمال المعروضة، أن بعض الأعمال تكتفي بذاتها فيما البعض الآخر، يطعم بمواد أخرى مثل البرونز والحرير والجلد أو حتى بعض أوراق النباتات مثل أوراق نبتة الكوسا، التي على ما يبدو يعشقها بينون دون غيرها. تملك الأعمال المدمجة بمواد مختلفة، تملك بعدا تجريديا، عكس مثيلاتها، من الأعمال المفردة المكتفية بذاتها. يلعب بينون إذن، بين نظرية الخلق المنتجة لحياة من بعدها، والتجريد الذي يجعل من الحياة أمرا مؤقتا وينزل بين منزلتين، الحياة بصخبها وضجيجها الداخلي والموت الظاهر انعكاسا لموت مقابل. وفي الحالتين، تجد الدهشة طريقها إلى العمل الفني الذي يخرجه بينون كما تجد السفن طريقها في عرض البحر.
من بين أعظم الأعمال التي يعرضها بينون في غرونوبل، السجادة الرخامية (Sigillo). هذا العمل النموذجي الذي تحول إلى رمز للمدرسة الإيطالية المعاصرة في النحت. لا ينفصل عن بينون الذي عمل منذ عام 1968 حتى أصبح مشهورا لدرجة أنه لا يعرض سوى في المتاحف الكبرى. يمثل هذا العمل ذروة النحت في الرخام. ذلك أنه لا يكتفي بالنحت ليؤسس من السطح الأملس مادة مرئية فقط. يعمل بينون على هذا العمل كما يعمل على الأشجار، إذ لا يكتفي بالنحت الكلاسيكي المتعارف عليه في هذا الفن. بل يستخرج من الرخام عروقه فتظهر العلاقة بين هذه المادة الصلبة والجسد البشري بتوائم مذهل يتلمس منه دقة لا متناهية في العمل الذي أنجزه بينون عام 2012.
لا يعتبر تنظيم معرض لبينون، عملا سهلا يشابه غالبة المعارض الفنية. إن وضع الأعمال في أمكنتها، وعرضها بالشكل الذي يناسبها ويناسب صاحبها يحتاج إلى عمال متخصصين ومتمرسين على العمل بدقة متناهية. ولهذا، على الأرجح لا يمكن سوى للمتاحف الكبرى استضافة مثل هذه الأعمال الضخمة. وعلى هذا يعتبر وجود بينون في متحف غرونوبل فرصة لا تتكرر كل يوم في حياة البعض منا.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.