المشهد: كرة الثلج

المشهد: كرة الثلج
TT

المشهد: كرة الثلج

المشهد: كرة الثلج

* كل شيء حول فيلم «المقابلة» غريب. على الأقل لناحية ظروفه التي تبعت اتهام كوريا الشمالية بوقوفها وراء عملية القرصنة انتقاما من هزؤ في الفيلم من شخصية رئيس البلاد. من الآن، هناك من يشكك في أن كوريا الشمالية تقف وراء العملية، وهو شك يتبنّاه المقتنعون بأنه لا أحد يستطيع دخول كل مواقع شركة سوني، منتجة الفيلم، إلا من كان ملمّا من الداخل. وهناك من بات ينظر بعين الشك إلى قرارات سوني المتعلّقة بالفيلم.
* من إعلانه قبل أقل من أسبوع سحب الفيلم من جميع عروضه، نظرا لأن كبريات شركات الصالات رفضت عرضه (خوفا وليس تأييدا لكوريا) ولكن قامت الآن أكثر من 300 صالة أميركية بعرض الفيلم وهو ما سبق أعلن عنه قبل 48 ساعة وبذلك يكون الفيلم قد تمتّع بما تتمتّع به الأفلام المستقلة والمنتخبة التي تكتفي بعروض أميركية محدودة، مع فارق أن «المقابلة» كان سيعرض على شاشات 2400 صالة لولا ما حدث أخيرا.
* لكن هل هذا صحيح أن «سوني» هي التي استجابت لرفض أصحاب الصالات بعدم عرض الفيلم كما قال رئيس مجلس إدارتها مايكل لينتون في الـ19 من الشهر في مقابلة مع «سي إن إن»؟ إن الرئيس أوباما أخطأ في لوم «سوني» على سحب الفيلم لكون أصحاب الصالات هم من طالبوها بذلك. لكن أول من أمس قال أحد أصحاب صالات السينما مناقضا ذلك إن رسالة شركات الصالات إلى «سوني» اقترحت تأجيل عرض الفيلم لا إلغاءه. فما هي الحقيقة؟ ولماذا يبدو كل شيء كما لو كان كرة ثلج تتدحرج ورؤساء «سوني» هم الواقفون في أسفل الجبل بانتظار سقوطها عليهم؟
* ما يعتبر الأخطر من كل ما سبق وجزء من الدراما التي تزداد تشويقا من حلقة إلى أخرى، أن القراصنة استولوا على «البريد الإلكتروني» لرؤساء الشركة وفي مقدّمتهم رئيسة سوني آمي باسكال التي وجدت نفسها مكشوفة أمام الرأي العام فتبنّت الدعوى إلى عدم نشر الرسائل المتسرّبة. إلى الآن ليس من مستجيب.
* واحدة من تلك الرسائل بعث بها وكيل أعمال الممثل رايان غوزلينغ يقول فيها إن الممثل خرج معجبا من اجتماعه بها. كتب قائلا: «لا أقصد أنه سيتزوج بك، لكنه أحبك جدّا». كلاهما، آمي ورايان تباحثا احتمال إسناد بطولة «غوستباسترز» الجديد إليه. وفي نفس الإيميل ردّت باسكال بأنها تكن لرايان كل الود.
* ليوناردو ديكابريو لم يكن محظوظا معها. غيّر رأيه من دون إعلان مسبق فكتب منتج الفيلم مارك غوردون إلى آمي منتقدا تصرّفه وردّت بالمثل. لكن أبرز البريد المتسرّب والمنشور الآن على صفحات المواقع هو ذلك الذي كتبه جورج كلوني إلى آمي باسكال الذي يعكس فيه شكوكه من مصير فيلمه «رجال النصُب» الذي تم تقديمه في برلين وانهالت عليه مطارق النقد. كتب يطلب معونة شركة سوني الموزّعة لكي ينجح الفيلم تجاريا، فكتبت له تؤكد أنها ستواكب الفيلم وتمنحه تأييدها.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.