«سوني» تتراجع وتعرض فيلم «المقابلة» رغم التهديدات المفترضة من بيونغ يانغ

البيت الأبيض يعبر عن «ارتياحه» للخطوة ويؤكد دعمه لـ«حق وحرية التعبير الفني»

زعيم كوريا الشمالية كيم جون أون أثناء زيارته قصر الشمس في العاصمة بيونغ يانغ أمس في الذكرى الثالثة والعشرين لرحيل كيم جونغ إيل (أ.ف.ب)
زعيم كوريا الشمالية كيم جون أون أثناء زيارته قصر الشمس في العاصمة بيونغ يانغ أمس في الذكرى الثالثة والعشرين لرحيل كيم جونغ إيل (أ.ف.ب)
TT

«سوني» تتراجع وتعرض فيلم «المقابلة» رغم التهديدات المفترضة من بيونغ يانغ

زعيم كوريا الشمالية كيم جون أون أثناء زيارته قصر الشمس في العاصمة بيونغ يانغ أمس في الذكرى الثالثة والعشرين لرحيل كيم جونغ إيل (أ.ف.ب)
زعيم كوريا الشمالية كيم جون أون أثناء زيارته قصر الشمس في العاصمة بيونغ يانغ أمس في الذكرى الثالثة والعشرين لرحيل كيم جونغ إيل (أ.ف.ب)

تراجعت شركة «سوني » للأفلام عن قرارها وسمحت بعرض فيلم «المقابلة» (ذى إنترفيو) الذي أنتجته في عدد من دور السينما في الولايات المتحدة اليوم المصادف لعيد الميلاد كما كان مقررا، رغم التهديدات التي تردد أن كوريا الشمالية تقف خلفها. وقال متحدث باسم الشركة: إن «الفيلم سيعرض يوم عيد الميلاد في أكثر من مائتي صالة»، بينما كان من المفترض أن يعرض في 2500 صالة لو وزع على الشبكات الوطنية الكبرى لصالات العرض.
وصرح المدير العام لشركة «سوني» مايكل لينتون في بيان «لم نتخل عن فكرة توزيع (المقابلة)، ونحن سعداء بعرض الفيلم للمرة الأولى يوم عيد الميلاد. سنواصل في الوقت نفسه جهودنا لتأمين منصات (للتوزيع عبر الإنترنت) وسيعرض مزيد من الصالات الفيلم».
ومن المقرر أن يعرض الفيلم في صالات فنية أو للتجارب مثل «بلاتزا أتلانتا» في جورجيا وشبكات صالات «الامو درافتهاوس» في تكساس التي تملك عشرات من صالات العرض. وأكد المخرج مايكل مور المعروف بأفلامه الوثائقية التي تتضمن انتقادات حادة أنه سيعرض الفيلم في صالته «ذي بيجو» في ترافرس سيتي في ميشيغن (شمال)، وكتب في تغريدة على «تويتر»: «لا رقابة أبدا، شكرا (سوني)». أما الممثل سيث روغن فكتب في تغريدة على «تويتر»: إن «الشعب تكلم! حرية التعبير انتصرت! (سوني) لم تستسلم، وفيلم المقابلة سيعرض». كما كتب الممثل جيمس فرانكو في تعليق «انتصار».
وكانت شركة «سوني بيكتشرز» أثارت استياء هوليوود عندما أعلنت الأسبوع الماضي تخليها عن عرض الفيلم. ورأى ممثلون ومخرجون في هذه الخطوة مساسا خطيرا بحرية التعبير وانتصارا للإرهاب. وفي الطبقة السياسية دان عدد من البرلمانيين بينهم السيناتور الجمهوري جون ماكين قرار «سوني»، بينما عبر الرئيس الأميركي باراك أوباما عن أسفه «لهذا الخطأ» الذي ارتكبته «سوني». وعند إعلان نبأ عرض الفيلم مساء أول من أمس، قال المتحدث باسم البيت الأبيض إيريك شولتز لصحافيين: إن «أوباما عبر عن ارتياحه لهذه الخطوة». وقال: «نحن بلد يؤمن بحرية التعبير وحق التعبير الفني» ونرحب بقرار «سوني».
وكانت الاتصالات عبر الإنترنت قطعت لعدة ساعات في كوريا الشمالية الاثنين ولنحو ساعة الثلاثاء وسط شائعات بأنه رد أميركي على الهجوم المعلوماتي ضد «سوني» والذي نسبته إليها واشنطن. وقالت مجموعة «داين» التي ترصد انقطاعات الإنترنت في كوريا الشمالية، إن «شبكات الإنترنت الـ4 التي توفرها للبلد الشيوعي شركة (تشاينا يونيكوم) الصينية للاتصالات، توقفت عند الساعة 15.41 بتوقيت غرينتش وعادت إلى العمل بعد نحو الساعة». وقالت المجموعة إن: «كوريا الشمالية تواصل مواجهة (مشكلات في الاتصال بالإنترنت) وحدث انقطاع وجيز بعد عدة ساعات من عدم استقرار الاتصال في حالة تشبه التعرض لهجوم خارجي».
وجاء هذا الشلل بعد بضعة أيام فقط على تعهد الرئيس أوباما برد أميركي على الهجوم المعلوماتي الكثيف الذي تعرضت له «سوني» ونسبه مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي إلى بيونغ يانغ. وأدى الهجوم الذي كشفت عنه «سوني» في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى شلل النظام المعلوماتي للشركة وترافق مع عرض على الإنترنت لـ5 أفلام تنتجها الشركة بعضها لم يعرض على السينما بعد والكشف عن البيانات الشخصية لـ47 ألف موظف ووثائق سرية مثل سيناريو فيلم «جيمس بوند» الجديد ومجموعة من الرسائل الإلكترونية التي شكلت إحراجا كبيرا لمسؤولي الشركة.
وكان أوباما صرح في مقابلة عرضتها شبكة «سي إن إن» الأحد الماضي بأنه «لا يعتبر الأمر عملا حربيا بل تخريبا معلوماتيا مكلفا جدا». وتعهد بتقديم رد «مناسب» للهجوم دون أن يحدد طبيعته. وتتهم الولايات المتحدة كوريا الشمالية بالوقوف وراء الهجوم على «سوني» الذي حمل الشركة على إلغاء عرض فيلم «المقابلة» الكوميدي الذي كان يتناول مؤامرة وهمية لاغتيال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.
واقترحت بكين أول من أمس أن تجري واشنطن وبيونغ يانغ محادثات حول القرصنة المعلوماتية، إلا أن المسؤولين الأميركيين رفضوا عرضا كوريا شماليا لإجراء تحقيق مشترك في الهجوم على «سوني»، ودعوا في المقابل النظام الشيوعي إلى التعويض عن الشركة.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.