المتحدث باسم كير لـ («الشرق الأوسط»): عقوبات مجلس الأمن ستعقد الأوضاع في جوبا

رئيس جنوب السودان يناشد الرئيس الأميركي بعدم فرض عقوبات على بلاده

المتحدث باسم كير لـ («الشرق الأوسط»): عقوبات مجلس الأمن ستعقد الأوضاع في جوبا
TT

المتحدث باسم كير لـ («الشرق الأوسط»): عقوبات مجلس الأمن ستعقد الأوضاع في جوبا

المتحدث باسم كير لـ («الشرق الأوسط»): عقوبات مجلس الأمن ستعقد الأوضاع في جوبا

ناشد رئيس جمهورية جنوب السودان سلفا كير ميارديت في رسالة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما بعدم فرض عقوبات على بلاده وألا يدير ظهره عن أحدث دولة في العالم والتي تواجه حربا أهلية منذ عام بتمرد نائبه السابق رياك مشار. ورأى كير أن فرض العقوبات على الدولة التي استقلت قبل 3 سنوات سيعقد الأوضاع ويحفز المتمردين للمماطلة في الوصول إلى سلام عبر الوساطة الأفريقية، داعيا واشنطن والدول الغربية التي أسهمت في تحقيق استقلال البلاد ممارسة الضغوط على الطرف الآخر والمساعدة في تحقيق السلام والاستقرار، في وقت رحبت حركة مشار بأي عقوبات ضد حكومة جنوب السودان.
وكانت الولايات المتحدة قد بدأت في التحضير لوضع مسودة لفرض عقوبات ضد أفراد في الحكومة وحركة التمرد، وقد فرضت واشنطن وعدد من الدول الأوروبية وكندا عقوبات ضد مسؤولين في حكومة جنوب السودان وقيادات في حركة التمرد التي يقودها نائب الرئيس السابق رياك مشار، قالت إنه ثبت تورطهم بأنهم يعرقلون عملية السلام وإنهاء الحرب التي اندلعت قبل عام ومعظمهم من القيادات العسكرية في الجيش الحكومي وقوات التمرد.
وقال المتحدث باسم رئيس جنوب السودان اتينج ويك اتينج لـ«الشرق الأوسط»، إن «رئيس بلاده سلفا كير ميارديت بعث برسالة إلى الرئيس الأميركي عبر وزير الخارجية الدكتور برنابا مريال بنجامين الذي يزور الولايات المتحدة يناشده بألا يمرر فرض عقوبات على جوبا»، وأضاف أن فرض العقوبات على بلاده ستعقد من الأوضاع في الدولة التي تشهد حربا قرابة العام وستبدد أي أمل في الوصول الذي أصبح قريبا، وقال «فرض العقوبات سيفهمه المتمردون بأنه سيضعف من الحكومة ولكن مثل هذه العقوبات ضررها على شعب جنوب السودان والدولة التي لم يمض على استقلالها 3 أعوام»، مشيرا إلى أن واشنطن جديرة بالطلب بأن توقف أي اتجاه لفرض عقوبات على جوبا.
وقال اتينج إن «وزير خارجية بلاده سيجري لقاءات مع نظيره الأميركي ومسؤولين في الكونغرس والإدارة الأميركي وأعضاء مجلس الأمن الدولي في نيويورك للتباحث حول اتجاه مجلس الأمن لفرض عقوبات ضد جنوب السودان وفق مقترح أميركي»، وأضاف «ما نطلبه هو أن نجري حوارا مع الحكومة الأميركية والآخرين الذين لديهم اهتمام في جنوب السودان وساعدونا من قبل في تحقيق الاستقلال أن يسهموا في تحقيق السلام مع المتمردين». وشدد على أن جوبا قدمت تنازلات كبيرة في محادثاتها مع المتمردين في المفاوضات التي تقودها الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (الإيقاد) ومنها الموافقة على أن يتولى زعيم التمرد رياك مشار منصب رئيس الوزراء وأن يخوض الانتخابات الرئاسية القادمة إذا كانت لديه الرغبة، لكنه استدرك قائلا: «ما المطلوب من الحكومة والرئيس سلفا كير المنتخب ديمقراطيا من قبل الشعب ليتم تقديمه؟»، ونوه إلى أن التنازلات التي قدمتها الحكومة في سبيل الوصول إلى سلام قد تم تفسيره بصورة خاطئة بأنه يصب في مصلحة التمرد.
وقد اندلعت الحرب في جنوب السودان في 15 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بين الرئيس ونائبه المقال مشار، وسرعان ما تحولت إلى ما يشبه الحرب القبلية بين الطرفين، وراح ضحيتها أكثر من 10 آلاف مواطن ونزوح ما يقرب من مليوني شخص داخل الدولة وفي بلدان الجوار، وفشلت جهود الوساطة الأفريقية في أن تحقق اتفاق وقف إطلاق النار بين أطراف النزاع، وقد تم تأجيل جولة محادثات إلى أجل غير مسمى.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.