خطوة أولى نحو حلحلة التوتر بين الصين واليابان خلال قمة منتدى التعاون الاقتصادي

أوباما يدعو بكين إلى تحرير الأسواق ويصف إفراج كوريا الشمالية عن الأميركيين بـ«البادرتين الصغيرتين»

الرئيس الأميركي باراك أوباما مع نظيره الرئيس الصيني شي جين بينغ وزوجته بنغ لى يوان خلال حفل ترحيب قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا في بكين أمس (رويترز)
الرئيس الأميركي باراك أوباما مع نظيره الرئيس الصيني شي جين بينغ وزوجته بنغ لى يوان خلال حفل ترحيب قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا في بكين أمس (رويترز)
TT

خطوة أولى نحو حلحلة التوتر بين الصين واليابان خلال قمة منتدى التعاون الاقتصادي

الرئيس الأميركي باراك أوباما مع نظيره الرئيس الصيني شي جين بينغ وزوجته بنغ لى يوان خلال حفل ترحيب قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا في بكين أمس (رويترز)
الرئيس الأميركي باراك أوباما مع نظيره الرئيس الصيني شي جين بينغ وزوجته بنغ لى يوان خلال حفل ترحيب قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا في بكين أمس (رويترز)

خطت الصين واليابان خطوة أولى خجولة أمس في بكين نحو حلحلة التوتر في العلاقات بينهما بمناسبة قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا المحيط الهادي «أبيك»، بينما دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما الصين إلى تحرير أسواقها وجعل عملتها قابلة للتحويل.
وقال أوباما لدى افتتاح قمة المنتدى الاقتصادي لدول آسيا، المحيط الهادي بأن «الولايات المتحدة تؤيد قيام صين مزدهرة وسلمية ومستقرة»، داعيا إلى تعزيز العلاقات بين واشنطن وبكين.
والرئيس الأميركي الذي طالب من جهة أخرى باحترام حقوق الإنسان وحرية الصحافة في الصين، أشار للمرة الأولى إلى هونغ كونغ حيث تطالب مظاهرات مؤيدة للديمقراطية بتنظيم انتخابات عامة وفق اقتراع مباشر فعلي.
وأعلن أوباما في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الأسترالي توني أبوت على هامش القمة أن «رسالتنا الرئيسية هي التأكد من تجنب العنف». وبدأ أبرز قادة المنطقة يومين من اللقاءات على خلفية خصومات جيوسياسية وتجارية.
وفي وقت سابق وبعد مصافحة فاترة، عقد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي والرئيس الصيني شي جينبينغ أول قمة ثنائية بينهما كانت مرتقبة جدا لأنها الإشارة الأولى نحو حلحلة العلاقات المتوترة بين البلدين منذ عامين.
وصرح آبي إثر اللقاء الذي استمر نصف ساعة أن «الكثير من الدول كانت تنتظر هذه القمة بين اليابان الصين وليس فقط الدول الآسيوية. وأعتقد أننا قمنا بخطوة أولى نحو تحسن العلاقات الثنائية».
وقال شي بأن «الصين تأمل بأن تستمر اليابان على طريق التنمية السلمية، وتتبنى إجراءات عسكرية وأمنية حذرة»، حسبما نقلت عنه وكالة أنباء الصين الجديدة.
وتشهد العلاقات بين الصين واليابان فتورا وتتعثر منذ عامين حول مسألة السيادة على جزر دياويو (سينكاكو باليابانية) في بحر شرق الصين والتي تطالب بها بكين لكنها تخضع لإدارة طوكيو. وطالب آبي الصين بإقامة آلية للاتصال البحري لتفادي أي حوادث.
في المقابل، ذكر شي بالموقف الصيني عندما دعا اليابان إلى العودة إلى التاريخ كمرآة للتطلع نحو المستقبل.
ودعا الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي يستضيف الحدث الدولي الأبرز بالنسبة إليه منذ توليه منصبه قبل عامين، المشاركين في القمة إلى: «تحقيق حلم آسيا المحيط الهادي بالنسبة إلى سكان المنطقة»، مما يستعيد الحلم الصيني بالعظمة. ويفترض أن يلتقي أوباما الرئيس الصيني اليوم وغدا على هامش القمة.
وتعهد البيت الأبيض بإجراء محادثات صريحة ومعمقة تتضمن الخلافات: «احترام حقوق الإنسان والقرصنة المعلوماتية والنزاعات التجارية أو البحرية».
وتشهد علاقات الصين توترا أيضا مع فيتنام والفلبين بسبب مطالبتها بسيادة شبه كاملة على بحر جنوب الصين الذي يعتبر أحد الممرات الاستراتيجية للبحرية التجارية.
وبما أن الإجماع ضروري في قمم أبيك، من النادر إبراز الخلافات بين الدول، وهي تنتهي عادة بصورة جماعية للقادة في الزي المحلي.
وطالب أوباما الصين أيضا بالتقدم نحو جعل اليوان قابلا للتحويل ووضع ضمانات بمعاملة أكثر عدالة مع الشركات الأجنبية على أراضيها، بينما أطلقت السلطات الصينية أخيرا تحقيقات لمكافحة الاحتكار تستهدف الشركات المتعددة الجنسية.
وأعلن الرئيس الأميركي أيضا اتفاقا لتوسيع منح التأشيرات للصينيين الذين يتوجهون إلى الولايات المتحدة للدراسة أو للعمل والذين بلغ عددهم 1.8 مليون العام الماضي.
وتلي هذه القمة قمة أخرى لدول جنوب شرقي آسيا في بورما وقمة مجموعة العشرين في بريزبن في أستراليا نهاية الأسبوع.
والتقى أوباما أيضا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين أمس حسب ما أعلن مسؤول أميركي كبير.
وقال المسؤول طالبا عدم كشف اسمه بأن «المسؤولين اللذين تسود علاقاتهما التوتر بسبب الأزمة الأوكرانية عقدا لقاء قصيرا لم يتسن لهما خلاله التطرق إلى المشاكل». ويأتي هذا اللقاء في حين تتجه معدات عسكرية ثقيلة إلى دونيتسك في شرق أوكرانيا ما يدعو إلى الخشية من استئناف حرب شاملة في هذا المعقل الانفصالي الموالي لروسيا رغم التحذيرات الغربية الموجهة إلى موسكو.
وفي تطور آخر وصف أوباما إفراج كوريا الشمالية عن أميركيين كانا محتجزين لديها «بالبادرتين الصغيرتين» وقال: «إنه يتعين على الدولة النووية أن تغير موقفها بشأن الأسلحة الذرية إذا ما كانت ترغب في تحسن العلاقات».
وأفرج عن الأميركيين كينيث باي وماثيو ميلر خلال مهمة سرية لمسؤول الاستخبارات الأميركية جيمس كلابر في كوريا الشمالية.
وأمضى كلابر أقل من يوم في بيونغ يانغ حيث أجرى محادثات مع مسؤولين كبار لكنه لم يلتق الزعيم كيم جون أون، قبل أن يغادر مع الأميركيين المفرج عنهما جوا إلى قاعدة في ولاية واشنطن السبت، بحسب ما أكده مسؤول كبير في الإدارة الأميركية.
وصرح المسؤول في الحكومة الأميركية أمس أن المحادثات: «لم تكن سياسية رفيعة المستوى بين جيم كلابر والكوريين الشماليين».
ومهمة كلابر إلى أوباما: «لم تتطرق إلى بعض المسائل الأوسع التي هي مصدر قلق رئيسي عندما يتعلق الأمر بكوريا الشمالية وبالتحديد تطويرها لقدراتها النووية».
ومن جهتها أعربت كوريا الشمالية عن رغبتها في إعادة إطلاق المحادثات السداسية المتوقفة مع الولايات المتحدة وأطراف أخرى، حول المسألة النووية. لكن واشنطن تصر على أن تظهر بيونغ يانغ أولا التزاما ملموسا بنزع السلاح النووي.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.