مكتبة المستقبل تنمو في غابة بالنرويج لتُقرأ بعد 100 سنة

ضمن مجلس أمنائها مدير عام جائزة «مان بوكر» والكندية مارغريت آتوود

الكاتبة الكندية مرغريت آتوود (يسار) مع مبتكرة المشروع النرويجية كايتي باترسون
الكاتبة الكندية مرغريت آتوود (يسار) مع مبتكرة المشروع النرويجية كايتي باترسون
TT

مكتبة المستقبل تنمو في غابة بالنرويج لتُقرأ بعد 100 سنة

الكاتبة الكندية مرغريت آتوود (يسار) مع مبتكرة المشروع النرويجية كايتي باترسون
الكاتبة الكندية مرغريت آتوود (يسار) مع مبتكرة المشروع النرويجية كايتي باترسون

ماذا لو أصبحت الحياة على كوكب الأرض افتراضية تعبث بها أجهزة رقمية؟ ماذا لو فقدت الإنسانية الكتب المطبوعة؟ وكيف سيكون إذن شكل المكتبات عام 2114؟ هل سنفتقد وجود عمل أدبي ورقي؟
تلك الأسئلة قد تكون طرأت على ذهن الفنانة الأسكوتلندية كايتي باترسون، حينما فكرت في مكتبة المستقبل بعد 100 عام من الآن، والتي بدأت تعد لها وتستكتب كبار الأدباء في العالم ليكونوا ضمن قائمة عنوانيها، ليس هذا فحسب، بل بدأ المشروع بزارعة ألف شجرة من التنوب النرويجي على مساحة فدانين في غابة Nordmarka على أعتاب أوسلو بالنرويج، يتم قطعها وقت النشر، لضمان إمداد «مكتبة المستقبل» بالورق اللازم لطباعة 3 آلاف مخطوط كتبها 100 كاتب خلال القرن الحالي. وقد أعلنت الفنانة باترسون على موقعها الإلكتروني أنه «من الآن وحتى ذلك الحين، سوف يقوم كاتب بكتابة مخطوط كل عام خلال المائة عام القادمة على أمل أن تجد تلك الأعمال طريقها للقارئ في المستقبل المجهول»
باترسون ذات الـ33 عاما، تشرح منظورها الخاص بهذا المشروع «إنه مشروع طويل الأمد سيظل حيا.. يتنفس.. وينمو على مدار قرن، وسوف يظل حيا ويتنفس عبر الأشجار التي تمت زراعتها، إنني أتخيل حلقات أخشاب الأشجار كفصول من كتب، وأتمنى أن يشعر زوار الغابة بهذا وأن تتغير خبراتهم ونظرتهم للأشجار يتابعون ويترقبون نموها البطيء ومعها أفكار وكتابات أهم الأدباء، لكي يحصلوا في النهاية على المنتج المعرفي ويخرج للوجود».
وكان تعليق أول الأدباء الذين سيتم استكتابهم، الكاتبة السبعينية مارجريت آتوود، أن المشاركة في هذا المشروع هي أشبه بـ«رسالة في زجاجة»، وذلك حينما عرض عليها المشاركة بتأليف رواية جديدة؛ لن تقرأ قبل قرن من الزمان، لتُصبح أول مخطوطة توضع في فهرس المكتبة، الذي سيتضمن إسهامات مزيد من الكتاب على مدار المائة عام القادمة.
لقد اعتدنا أن نتعرف في فهرس المكتبات على الكتب التي تم طبعها بالفعل والتي توجد بين أيدي القراء وتم انتقاؤها من قبل خبراء التزويد، لكن الجديد في مكتبة المستقبل هو أن فهرسها سيكون جاهزا عام 2018 ليتضمن كتبا لم تنشر بعد ولم يطلع عليها أحد، حيث إنها ستودع في غرفة في أحد مكتبات العاصمة النرويجية أوسلو وتم تجهيزها بأحدث ماكينات الطباعة تمهيدا لافتتاح المكتبة عام 2114. وقد أعربت آتوود الحاصلة على جائزة الـ«بوكر» لعام 2000، عن تفاؤلها وسعادتها بهذا المشروع قائلة: «سيضمن هذا المشروع تفادي الكُتَّاب للنقد وقت نشر أعمالهم، وسيضمن جمهورا من القراء في القرن الثاني والعشرين، على الأقل، يمنحنا هذا المشروع الشعور بالاطمئنان والاعتقاد بوجود الجنس البشري بعد 100 عام أخرى». وسوف تقام احتفالية كبرى في عام 2015 احتفالا بأول مخطوط كتبته آتوود كأول عناوين مكتبة المستقبل، وسوف تتم الإشارة إلى بعض من ملامحه الرئيسية دون التصريح بأي كلمة عن محتواه الغامض.
وسوف يقوم مجلس أمناء المشروع المكون من الفنانة كايتي باترسون ومدير عام جائزة «مان بوكر»، والقائمين على المكتبات في أوسلو، لكي ينتقوا أسماء الكُتاب المرشحين للكتابة في مشروع «كبسولة الزمن».. هذا المشروع الذي سوف يحمل كنزا ثمينا للبشرية في القرن المقبل.
وتعلق مديرة مكتبة المستقبل كريستن دانيلسن: «بعد 100 عام من الآن لن يكون أحد منا موجودا، لكن مكتبة المستقبل سوف تكون، إنها مثل فترة حمل طويلة الأمد لن تتم وأي منا على قيد الحياة».
ولعله من الملهم حقا أن تنمو أوراق تلك الكتب في غابات النرويج لكي تتاح للقراء في زمن آخر، وهو أمر يعطي الأمل للناشرين في الاستمرار في مواجهة الكتاب الإلكتروني.



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.