ماذا لو أصبحت الحياة على كوكب الأرض افتراضية تعبث بها أجهزة رقمية؟ ماذا لو فقدت الإنسانية الكتب المطبوعة؟ وكيف سيكون إذن شكل المكتبات عام 2114؟ هل سنفتقد وجود عمل أدبي ورقي؟
تلك الأسئلة قد تكون طرأت على ذهن الفنانة الأسكوتلندية كايتي باترسون، حينما فكرت في مكتبة المستقبل بعد 100 عام من الآن، والتي بدأت تعد لها وتستكتب كبار الأدباء في العالم ليكونوا ضمن قائمة عنوانيها، ليس هذا فحسب، بل بدأ المشروع بزارعة ألف شجرة من التنوب النرويجي على مساحة فدانين في غابة Nordmarka على أعتاب أوسلو بالنرويج، يتم قطعها وقت النشر، لضمان إمداد «مكتبة المستقبل» بالورق اللازم لطباعة 3 آلاف مخطوط كتبها 100 كاتب خلال القرن الحالي. وقد أعلنت الفنانة باترسون على موقعها الإلكتروني أنه «من الآن وحتى ذلك الحين، سوف يقوم كاتب بكتابة مخطوط كل عام خلال المائة عام القادمة على أمل أن تجد تلك الأعمال طريقها للقارئ في المستقبل المجهول»
باترسون ذات الـ33 عاما، تشرح منظورها الخاص بهذا المشروع «إنه مشروع طويل الأمد سيظل حيا.. يتنفس.. وينمو على مدار قرن، وسوف يظل حيا ويتنفس عبر الأشجار التي تمت زراعتها، إنني أتخيل حلقات أخشاب الأشجار كفصول من كتب، وأتمنى أن يشعر زوار الغابة بهذا وأن تتغير خبراتهم ونظرتهم للأشجار يتابعون ويترقبون نموها البطيء ومعها أفكار وكتابات أهم الأدباء، لكي يحصلوا في النهاية على المنتج المعرفي ويخرج للوجود».
وكان تعليق أول الأدباء الذين سيتم استكتابهم، الكاتبة السبعينية مارجريت آتوود، أن المشاركة في هذا المشروع هي أشبه بـ«رسالة في زجاجة»، وذلك حينما عرض عليها المشاركة بتأليف رواية جديدة؛ لن تقرأ قبل قرن من الزمان، لتُصبح أول مخطوطة توضع في فهرس المكتبة، الذي سيتضمن إسهامات مزيد من الكتاب على مدار المائة عام القادمة.
لقد اعتدنا أن نتعرف في فهرس المكتبات على الكتب التي تم طبعها بالفعل والتي توجد بين أيدي القراء وتم انتقاؤها من قبل خبراء التزويد، لكن الجديد في مكتبة المستقبل هو أن فهرسها سيكون جاهزا عام 2018 ليتضمن كتبا لم تنشر بعد ولم يطلع عليها أحد، حيث إنها ستودع في غرفة في أحد مكتبات العاصمة النرويجية أوسلو وتم تجهيزها بأحدث ماكينات الطباعة تمهيدا لافتتاح المكتبة عام 2114. وقد أعربت آتوود الحاصلة على جائزة الـ«بوكر» لعام 2000، عن تفاؤلها وسعادتها بهذا المشروع قائلة: «سيضمن هذا المشروع تفادي الكُتَّاب للنقد وقت نشر أعمالهم، وسيضمن جمهورا من القراء في القرن الثاني والعشرين، على الأقل، يمنحنا هذا المشروع الشعور بالاطمئنان والاعتقاد بوجود الجنس البشري بعد 100 عام أخرى». وسوف تقام احتفالية كبرى في عام 2015 احتفالا بأول مخطوط كتبته آتوود كأول عناوين مكتبة المستقبل، وسوف تتم الإشارة إلى بعض من ملامحه الرئيسية دون التصريح بأي كلمة عن محتواه الغامض.
وسوف يقوم مجلس أمناء المشروع المكون من الفنانة كايتي باترسون ومدير عام جائزة «مان بوكر»، والقائمين على المكتبات في أوسلو، لكي ينتقوا أسماء الكُتاب المرشحين للكتابة في مشروع «كبسولة الزمن».. هذا المشروع الذي سوف يحمل كنزا ثمينا للبشرية في القرن المقبل.
وتعلق مديرة مكتبة المستقبل كريستن دانيلسن: «بعد 100 عام من الآن لن يكون أحد منا موجودا، لكن مكتبة المستقبل سوف تكون، إنها مثل فترة حمل طويلة الأمد لن تتم وأي منا على قيد الحياة».
ولعله من الملهم حقا أن تنمو أوراق تلك الكتب في غابات النرويج لكي تتاح للقراء في زمن آخر، وهو أمر يعطي الأمل للناشرين في الاستمرار في مواجهة الكتاب الإلكتروني.
مكتبة المستقبل تنمو في غابة بالنرويج لتُقرأ بعد 100 سنة
ضمن مجلس أمنائها مدير عام جائزة «مان بوكر» والكندية مارغريت آتوود
مكتبة المستقبل تنمو في غابة بالنرويج لتُقرأ بعد 100 سنة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة